استطاعت المملكة زيادة تصنيفها على مستوى مؤشر الاقتصاد الرقمي بنسبة 10 %، أي ما يعادل المستوى المحقق في دولة ألمانيا، فإن ذلك سيُترجم إلى زيادة في الناتج المحلي الإجمالي لكل فرد بالمملكة من 19,587 دولاراً إلى 20,779 دولاراً، وفي حالة مواكبة المملكة لمستوى النضج المحقق في دولة سنغافورة الأعلى تصنيفًا على مستوى مؤشر الاقتصاد الرقمي، فإن الناتج المحلي الإجمالي لكل فرد في المملكة قد يصل إلى 23,005 دولارات، أمّا على مستوى منطقة الخليج ككل، فإن وصول المنطقة للتصنيف المحقق نفسه بدولة سنغافورة يمكن أن يؤدي إلى رفع الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة ككل بواقع 18,4 %، أي ما يعادل 255 مليار دولار. وأكد تقرير أن دولَ مجلس التعاون الخليجي تستطيع خلال خمس سنوات فقط مواكبة مستويات النضج الرقمي المحققة في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، بافتراض استمرار معدلات النموّ الحالية نفسها بكلٍ من دول المنظمة ودول منطقة الخليج. وهي فرصة ذهبية يمكن لدول مجلس التعاون الخليجي من خلالها شريطة اعتماد السياسات المناسبة تحقيق قيمة مضافة للناتج المحلي الإجمالي للمنطقة تتراوح ما بين 138 مليار دولار و255 مليار دولار أميركي اعتمادًا على مستوى التطور المحقق. ووفقاً لشركة ستراتيجي الشرق الأوسط والذي يستند إلى نتائج وبيانات مؤشر استراتيجي للاقتصاد الرقمي المحقق في 109 دول خلال الفترة من عام 2010م إلى عام 2020م، استنادًا إلى 86 مؤشرًا فرعيًا موزّعًا على خمسة محاور وهي: "الأسس، والكوادر، والابتكار، والاعتماد، والإنتاج المحلي". وفي هذا السياق، أوضح الشريك في ستراتيجي الشرق الأوسط طارق الزين، يعطي مؤشر استراتيجي للاقتصاد الرقمي دلالةً واضحةً على مدى نجاح دول مجلس التعاون الخليجي في تحقيق تقدمٍ لافتٍ على مستوى تطور الاقتصاد الرقمي خلال السنوات العشرة الماضية، ولا سيما على صعيد الاستثمار في البنية التحتية الرقمية، واعتماد منصات الحكومة الرقمية، وإطلاق المناطق التقنية وحاضنات الأعمال. ومع هذا يتعين على حكومات المنطقة في هذه المرحلة اتخاذ إجراءاتٍ قويةٍ وفعّالةٍ على مستوى السياسات إذا كانت عازمة على الانتقال من دور المُستخدِم للتقنيات الرقمية إلى دور المُبتكِر القادر على احتضان الشركات والمؤسسات والكوادر المحلية القوية بما يؤهلها لاغتنام الفرص الواعدة في هذا المجال. وعلى الرغمِ من النموّ المتواصل المحقق عالميًا خلال السنة الماضية، لا تزال هناك حالة من الانقسام والتباين الواضح بين مستويات النضج الرقمي في الاقتصادات المتقدمة ودول العالم النامي. وبالنظر إلى التصنيف الوارد بمؤشر الاقتصاد الرقمي الذي يعمل على تقسيم الدول إلى ثلاث فئات وهي: المُبتدئ الرقمي، والمُستخدم الرقمي، والمُبتكر الرقمي، لا تزال دولُ مجلس التعاون الخليجي بوجهٍ عامٍ ضمن فئة المستخدم الرقمي. وتُعرف الدولُ المصنفةُ كمُستخدمٍ رقمي بأنها تلك التي نجحتْ في تلبية المتطلبات المتعلقة بقدرات الاتصال وبالتالي تشجيع الطلب على المخرجات الرقمية، وغالبًا ما تسعى هذه الفئة من الدول إلى تطوير الكوادر وتمكين الابتكار الرقمي وتوطين الخدمات الرقمية، كما أنها تتميز باضطلاعها بدورٍ فاعلٍ في تمكين القطاع الرقمي من خلال سنّ السياسات واللوائح التنظيمية الداعمة، وتأسيس برامج تنمية القدرات، ووضع الإطار الرسمي للشراكات مع القطاع الخاص. وفي سياق متصل أشارت الشريكة في ستراتيجي ومديرة مركز الفكر التابع للشركة في منطقة الشرق الأوسط ديمة السايس، إلى أنه يسلط مؤشر الاقتصاد الرقمي الضوءَ على العلاقة بين النمو المحقق في الاقتصاد الرقمي ومدى تأثيره على الأداء العام للناتج المحلي الإجمالي، حيثُ يُبيّن أنّ الزيادة بنسبةِ عشرةِ نقاطٍ مئويةٍ في تصنيف مؤشر الاقتصاد الرقمي لأية دولة يمكن أن يُترجم إلى زيادة بنسبة 2,6 % في الناتج المحلي الإجمالي لكل فردٍ و1,1 % في معدلات التوظيف. وفي هذا الصدد، بينت الشريك في ستراتيجي ورئيس قطاع التقنية والإعلام والاتصالات في أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا بهجت الدرويش أنه حتى تتمكن دول مجلس التعاون الخليجي من سد الفجوة الرقمية واللحاق بركبِ الاقتصادات المتقدمة، سيتعين عليها تركيز جهودها على ثلاثة محاور أساسية وهي: إصلاح الأطر التشريعية، وتعزيز الكوادر، وترسيخ الابتكار والتوطين. ويتعيّن على دول المنطقة إصلاح الأطر التشريعية لتتمكن من التعاطي والتجاوب مع الواقع السوقي الجديد الذي تفرضه الحقبة الرقمية. وتحديدًا، يتعيّن على دول المنطقة اعتماد لوائح تنظيمية قابلة للتكيّف وقادرة على التوقع لمواكبة التغييرات الناشئة على الصعيد التقني ونماذج الأعمال، بما يدعم المنهجيات التجريبية والقائمة على النتائج، وتعزيز القطاعين الحكومي والخاص العمل معًا الكوادر، واستقطاب الفئات المهمشة في المجتمع مثل: النساء والشباب، وتيسير تنمية المهارات الرقمية، وإتاحة الفرصة لخريجي تخصصات العلوم والتقنية والهندسة والرياضيات للتدريب على المهارات المتقدمة، واتخاذ صُنّاع السياسات المزيد من التدابير لتعزيز وتشجيع الابتكار والتوطين من خلال الاهتمام بمسألة الإنتاج المحلي والابتكار التقني نظرًا لدورهما المحوري في رفع الناتج المحلي الإجمالي الوطني واستحداث الوظائف، سواءً بصورة مباشرة من خلال توليد الإيرادات والتوظيف المباشر، أو بصورة غير مباشرة من خلال خلق المنظومة الداعمة للشركات الابتكارية الناشئة ومنشآت الأعمال الصغيرة والمتوسطة، وعليه، سيكون من الضروري تحديد ومساندة القطاعات الاستراتيجية، وتأسيس الشراكات المناسبة، وتيسير عمليات تجميع وتبادل البيانات، وبناء شبكة من المراكز التقنية.