طالعت «الرياض الثقافي» ص20 من يوم الاثنين 3 ربيع الآخر فوجدت لمحة عن التاريخ مما قام به نادي الباحة الثقافي وهذا حفزني لتدوين ما رأيته حقيقاً بالطرح لعله يساهم بتحريك المياه الراكدة لاسيما والتاريخ كل يتعامل معه كتابة وتصنيفاً وندوة ومحاضرة فرأيت من لوازم الكتابة أن أبين ما يلي لعل ذلك يساهم ولو من طرف خفي بضرورة التثبت وسلامة الكتابة من المعارض. 1- أصل التاريخ وتراجم الرجال أن يقوما على اليقين من خلال النقل الثابت ذلك حتى يطمئن القارئ إلى مصداقية ما بين يديه. 2- التاريخ خبر ورواية وأثر تدون كلها من أجل أخذ العبرة والتجربة ممن سلف من الأمم والأفراد وهذا يحتاج إلى قوة التثبت مما كان لئلا يلقى القول على علاته. 3- تناقل السير والآثار الواردة وتراجم الرواة إذا لم يضبط بقوة السلسلة السندية فإنه يبقى أشبه ما يكون بقص ولزق لا يسمن ولا يغني من جوع وهذا يكون مدعاة للقيل والقال. 4- لا يكون التاريخ ذا صبغة حية فاعلة مؤثرة ما لم يتكئ على أصول الطرح الثقيل القوي المؤكد الذي يستشف منه العلماء والباحثون والمحققون صدق النقل بثبات السند القائم عليه ذلك أن ابن جرير وابن سعد والبخاري في تواريخهم الثلاثة وكذا الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد وكذا السبكي والسيوطي دونوا ما دونوا إلا بعد لأي وجهد طويلين من التثبت من الروايات وأخبار الأمم والدول وحالات الرجال الذين قد كان لهم أثر بالغ في مسيرة ما مضى. 5- لهذا ترك جملة من المحققين «الأغاني، والبيان والتبيين، ومقاتل الطالبيين، وخاص الخاص»؛ لأنها عند عرضها على أصول الرواية وصدق النقل وجد أن غالبها لم يثبت إنما ذلك تلقي الركبان وحطب الليل وإنما الذي يطالعها إنما من باب التفكه ليس إلا. 6- ابن كثير في سفره «البداية والنهاية» يعتبر عمدة في التاريخ، لأنه حوى ما كتبه الأقدمون بروح حساسة نحو محاولة صحة السند وقوة الرواية بطرح سليم على شاكلة من نظر مديم وابن كثير وإن كان فيه بعض الإسرائيليات إلا أنه ذو سبق جيد متين. 7- لا جرم أن الكتابة علم وفن وهي إلى هذا عقل يجعله صاحبه أمام الخلق فيدركون من خلال ذلك العقل والصدق وطلب الحقيقة وإلا فيكون التاريخ والتراجم شيئا ليس بذاك. 8 - كم أتمنى من «النوادي الأدبية والثقافية» أن تسلك هذا السبيل وهي أهل لهذا لما يتحلى به القائمون عليها من محاولة الإضافات النوعية والتجديد الطرحي لاسيما السند والبعد عن الخطاب الإنشائي أو الخطاب المباشر. هذه رؤية وهذا أمر تمخض بعد كثير مما عرض علي مما ينشر أو هي ندوة أو محاضرة، ولعل ما دونته هنا يكون لبنة ينطلق منها ولو على سبيل النظر التحقيقي كي يتم التناول على سبيل التأني وقوة المراجعة والحرص على السند قدر المستطاع.