عرض على الصفحة الثقافية 18 ربيع الأول في العدد 19480، ولمحت الكلام حول الرواية في نادي جازان وقد كان العرض مختصراً لكنه يفي بالغرض من حيث المهتمين بهذا الأمر على كل حال. وبعد معاينة رتيبة، وكررت ذلك وددت بيان بعض الملاحظات التي آمل طرحها لعلها تساهم ولو قليلاً من إدراك ووعي جديدين.. الأصل في الرواية هو الصدق الخيالي المبني على استنطاق العقل والعاطفة معاً؛ لأن العقل يقود العاطفة إلى عدم التهويل التلقائي ويمسك بالخيال لئلا يجنح نحو التلاعب بعقلية القارئ، وأصل القفزات التجديدية في الطرح هو حقيقة المعاناة، والمعاناة تقود إلى الإضافات السبقية، خذ مثلاً الثلاثة الذين آووا في الغار كما في الصحيح عن ابن عمر أو رواية الجساسة عند مسلم أو رواية جريج كما عند ابن الأثير، أو مثلاً نعيم بن مسعود يوم الخندق أو رواية الإفك في الصحيح. هناك إثارة وهناك لفت للنظر لتوليد الحكمة واستعمال العقل نحو الزلل والتنبه الإدراكي الواعي نحو الخطيئة تلمس هناك بناء العقل من خلال الإيراد المقصود منه تقويم السلوك واستحثاث العقل لكي يسبق العاطفة ويضبط الخيال حتى يكون المتلقي قاب قوسين أو أدنى من المثل العليا. أليست الرواية سبقاً حياً لتجديد رؤية العقل ليرى الحياة بمنظار جيد لتتولد الشخصية السوية، طالع على سبيل المثال «تذكرة الحفاظ» للذهبي، إنه تراجم ورواية متنوعة لكنها تصب في سبيل مقيم؛ ولذلك خلد التاريخ هذا السفر عبر القرون الطوال. ولعلي بين حين وحين أطالع بعض الروايات المعاصرة فأقف على ما لا أود إيراده، لكن لعل قومي يعذرونني إذا قلت إن بعض الروايات إنما هي عبارة عن: خواطر مكررة مواقف محبوكة حكايات مرصوصة ووجدت بعض التشابه بين بعض الروايات، وهناك مبالغات لا داعي لها في بعض مواقف أبطال الرواية لا داعي لها البتة. كتابة الرواية موهبة وقدرات حية مؤثرة ذات نسق إبداعي لبناء الرؤية العقلية الممتازة على أساس احترام عقل القارئ بواضحة من طرح سديد. لا يحسن أن أجلس على الأريكة أكتب كيفما اتفق، لا يحسن أن أكتب من خلال الخيال المجنح، فالقارئ بعد سنين حينما يستدعي العقل وتتضح له الصورة يدرك بعد ذلك أنه كان عاطفياً أكثر من اللازم. إنها دعوة للبدء من جديد. ضوئية من المادة الصحفية المنشورة في عدد 19480