بغلاف جميل من تصميم ابنه (التوحدي) عبدالمجيد، دشن الروائي محمد المزيني ثلاثيته التغريبة النجدية ب(العقيلات) تقع الرواية في 345 صفحة كان ينتظر مشاركتها في معرض الرياض الدولي للكتاب، إلا إن ظروف الشحن حالت دون ذلك، كتب المزيني في عتبة الرواية الثانية بعد الغلاف (التغريبة النجدية رواية متخيلة لأحداث واقعية) تستفتح الرواية أحداثها الأولى ببطلها الأول روضان الرجعان، الذي يعاني وقومه في بلدته القصيمية صلف الحياة ورعونتها، وقد قاربوا الموت جوعاً، في سكينته عادت به الذاكرة إلى مرض الطاعون الذي فتك بأهله صغيراً، صور لنا المزيني ذاكرة مشحونة بالبؤس وصفها بتفاصيلها الموجعة، وهي من انتشل روضان من سكينته واستسلامه الذي كاد يرهنه لحبال العجز، ليقذف بنفسه وبعض الرجال من جماعته لخوض غمار الصحراء، راحلاً مع رحلة العقيلات، التي طفقت تشق عباب الصحراء، وسط مخاوف المتربصين التي تنقبض لها قلوبهم وتحشر أنفاسهم ترقباً، ترك زوجته مزنة وراءه حاملاً بأشهرها الأولى. في عرض وحشة الصحراء تقع ملحمة الصراع مع الحنشل تارة ومع ابن رشدان تارة ،الذي استبد بالصحراء وأوقع برجال العقيلات في أكثر الأحداث مأساوية مذابح في معارك غير متكافئة لا ترحم، جيش مدجج بالسلاح، ملتاث بالطمع والغضب، يقابل تجاراً يضربون الأرض بحثاً عن الرزق، وهو يعاودهم هذه المرة لا يبتغي سوى الذبح والسلب، بعينين تقدحان بالشر وتوعدان بالهلاك وقف ابن رشدان بتحد أمام رجل العقيلات الأول حمد السرهادي، الذي اختار روضان الرجعان عضيداً له بعدما اختبر شجاعته ومهارته، وذكاءه. سنقرأ في هذا الجزء لعنات الصحراء الغادرة، التي فرضت لغتها فإما المقاومة والانتصار أو الموت بكرامة، وقف رجال العقيلات بشجاعة أمام كل هذه المخاطر وأهوالها. في الرواية سنقرأ ما تكبده هؤلاء الرجال في طرقاتهم الصحراوية التي سلكوها من القصيم إلى الشام والعراق والكويت، امتثلوا للغة الغربة المرة وراوغوا وجع الفراق واصطبروا على مفاجآتها، تاركين نسائهم وصغارهم إلى إقدارهم التي آمنوا بتصاريف مقدر الأقدار لها. سنرى كيف عانت النساء العزل من كلاحة أيامهن ووحشة لياليهن، وويلات الحنشل الذين كانوا لا تنتابهم أدنى رحمة أو شفقة بهن، وقد جردوهن حتى من ملابسهم، سنتعرف على هياء التي أحيت في قلوب النساء الشجاعة ودربتهن على الدفاع عن أنفسهن، سنقرأ كيف استطعن حماية أنفسهن في أيامهن الكالحة، بانتظار الفرج من الله بعودة رجالهن الغائبين. الجزء الأول من العقيلات يتناول حياة أواسط نجد قبيل دخول الملك عبدالعزيز الرياض وينتهي حالما انطلق في لملمة شتات بلدات نجد المبعثرة، وإن اعتمد المزيني على مرويات هذا التاريخ الاجتماعي فقد نأى بروايته عن الوقوع في مطب الرواية التاريخية، ويعد هذا الجزء هو بمثابة الإرهاصات الأولى للأحداث الكبيرة التي ستقع لشخصياتها لاحقاً في الجزأين المتبقيين.