شهدت السياحة المحلية في المملكة مراحل من التطوير حتى أصبحت قطاعاً منظماً مدعوماً باللوائح والأنظمة والمشروعات والبرامج، وتعززت الصورة السعودية بعد إطلاق التأشيرة السياحة الإلكترونية في تسهيل إجراءات الزيارة وفتح أبوابها للعالم، نظير العوامل والمقومات الهائلة التي تتمتع بها المملكة في استقطاب السياح، فمنذ الإعلان عن رؤية المملكة 2030 أخذت القطاعات في التحسين والتطوير للحاق بركب التحول الوطني نحو تحقيق الرؤية، فلم تكن الأماكن السياحية والتراثية محط اهتمام في وقت سابق يساعدها أن تكون رافداً اقتصادياً وسياحياً مهماً، وكانت العديد منها في ذاكرة النسيان بل في طريقها إلى الزوال ربما، فجاءت الرؤية ومشروعاتها الكبرى المدروسة بحكمة يقودها مشروع البحر الأحمر وأمالا ونيوم والقدية، وغيرها لترسم المستقبل الذي يجعل المملكة على قائمة الدول الرائدة في مجال السياحة. تأهيل المواقع وفي هذا الشأن قال عضو لجنة وكالات السفر بغرفة الرياض وليد السبيعي: "يظهر الاتجاه في تفعيل البلاد كوجهة سياحية، حيث تحظى بكثير من المواقع والمدن ذات المزايا التنافسية القيّمة، من خلال تأهيل المواقع الأثرية والتاريخية والقرى والبلدات التراثية، وجعلها محل اهتمام على المستويين المحلي والدولي". وأكد السبيعي أن المملكة مرت خلال عشرين عاماً الماضية بمراحل مختلفة ومتطورة في ملف السياحة المنظمة، حيث شهدت منطقة عسير تشكيل أول لجنة لتنشيط السياحة في منطقة تعد أبرز مدن الاستقطاب السياحي، وذلك في عام 1995، تبعها في عام 2000 "الهيئة العليا للسياحة"، وتم تغيير مسماها بعدها بأعوام لتصبح "الهيئة العامة للسياحة والآثار"، ومن ثم هيئة للسياحة والتراث الوطني، قبل أن يتم الإعلان عن تأسيس "وزارة السياحة". وأضاف أن الوزارة تسعى إلى رفع مساهمة قطاع السياحة في الناتج المحلي من 3 % إلى 10 %، وتهيئة بيئة استثمارية جاذبة، وتقديم باقات متنوعة من الخدمات والعروض السياحية، وتطوير الوجهات والمواقع السياحية، وتوفير مليون فرصة عمل بقطاع السياحة، وتأهيل الكوادر البشرية العاملة في القطاع السياحي، والتطلع في القطاع السياحي ونموه، يواكب مكانة وقيم ودور المملكة في الحضارة الإنسانية وتأثيرها في المجتمع الدولي، باعتباره رافداً مهماً من روافد الاقتصاد الوطني. وأشار السبيعي إلى أن وزارة السياحة تعد أول جهة حكومية على مستوى الشرق الأوسط وإفريقيا الحاصلة على اعتماد دولي لجودة الأنظمة، والخدمات الإلكترونية المقدمة للمستفيدين في تطبيق أفضل الممارسات الإدارية في مجال جودة الأنظمة والخدمات الإلكترونية، واتباع ممارسات مرنة تساهم في تقليص المدة الزمنية لقياس جودة الأنظمة، ورفع نسبة رضا المستفيدين من الخدمات المقدمة من خلال تقديمها بجودة عالية، وتطبيق أفضل الممارسات في مجال جودة إجراءات الأنظمة الإلكترونية. وأوضح السبيعي أن وزارة السياحة أطلقت منصة إلكترونية "المنصة الوطنية للرصد السياحي"، وهي منصة تسهم في رفع جودة الخدمات السياحية، وتنشيط الاستثمارات في هذا القطاع من خلال توفير بيانات دقيقة وآنية حول الحركة السياحية في المملكة، ومركز "ماس" وهو مركز المعلومات والأبحاث السياحية، ويعد المسؤول عن جمع المعلومات والبيانات السياحية والقيام بالأبحاث والدراسات المتعلقة بالسياحة في المملكة. رافد للاقتصاد الوطني من جهته قال المحلل الاقتصادي صلاح الشلهوب: "يعد قطاع السياحة رافداً للاقتصاد الوطني، واهتمت رؤية المملكة 2030 بهذا الجانب بشكل كبير، فهناك مبادرات عاجلة فيما يتعلق بالسياحة في بعض المهرجانات التي تتركز في المدن خصوصاً في فترات المناسبة الوطنية والأعياد نلاحظ أن هناك اهتماماً كبيراً بالحراك المؤقت، ما زالت المشروعات السياحية عملاقة وكبيرة وستظهر نتائجها بعد فترة خصوصاً على المناطق السياحية في البحر الأحمر وغيرها. وأكد الشلهوب أن القطاع الخاص لا زال يحتاج للكثير من المشاركة في المبادرات في القطاع السياحي، مبيناً أننا نحتاج إلى تنوع في البرامج السياحية بحيث أنها تهتم بشرائح متعددة من أفراد المجتمع، مطالباً بالاهتمام بالمواقع التاريخية وإضاء لمسات ترفيهية وخدمات لوجستية لها لجذب العائلات والسياح. وأوضح أن نجاح القطاع السياحي في المملكة يمكن أن يكون نموذجاً ملهماً للعديد من الدول، خاصة وأن المملكة استطاعت أن تعزز مكانتها على خارطة السياحة والسفر العالمية لتصبح واحدة من أهم وأكبر الوجهات السياحية العالمية، وجاء ذلك نتيجة الاهتمام والتخطيط البعيد المدى الذي سيسهم في زيادة مشاركة القطاع السياحي في الناتج المحلي، مطالباً من المستثمرين المحليين اكتشاف الفرص السياحية في المملكة، وذلك من خلال تجمع هؤلاء المستثمرين في تكتل سواء من منتسبي الغرف التجارية أو غيرها، والتشجيع على إيجاد شراكات بين القطاع الخاص والقطاع العام في المجال السياحي، بحيث يكون هناك مبادرات نوعية في هذا المجال، ويكون هناك مبادرات تأخذ مسارات متعددة سواء على المدى القصير أو المتوسط أو الطويل. من جهته قال عضو غرفة تجارة الرياض للترفية والسياحة ناصر الغيلان: "يعد القطاع السياحي إحدى أهم ركائز تحقيق رؤية المملكة 2030، من خلال إسهامه في تنويع قاعدة الاقتصاد الوطني، وزيادة الناتج المحلي الإجمالي، وجذب الاستثمارات، وزيادة مصادر الدخل، وتوفير فرص عمل متنوعة للمواطنين، كل ذلك من أجل تغيير مفهوم السياحة الداخلية التقليدية، وتحقيق صناعة سياحية عالمية". وأكد الغيلان أنه وفي إطار الجهود المبذولة لتنشيط الإقبال على السياحة الداخلية محلياً ودولياً، وتمكين نمو هذا القطاع، عملت منظومة السياحة على عدد من المبادرات المختلفة، من إطلاق التأشيرات السياحية وتيسير قوانينها، وتطوير البنية التحتية السياحية، والاهتمام بالتضاريس المتنوعة في مناطق المملكة. وتابع، لقد أصبح قطاع السياحة اليوم واقعاً وطنياً بفضل المقومات السياحية المميزة التي تتمتع بها المملكة، وقطاعاً إنتاجياً رئيساً يُعتمد عليه، خاصة فيما يتعلق بجذب المواطن والمقيم للسياحة الداخلية، وزيادة فرص الاستثمار، وتنمية الإمكانات البشرية الوطنية وتطويرها، وإيجاد فرص عمل جديدة للمواطن السعودي. من جهتها، قالت مؤسس ومدير التشغيل في شركة شمال لتنظيم الرحلات السياحية مشاعل الصليع: "كمستثمر في القطاع السياحي بالمملكة، عشت جميع المواسم والتطورات والجهود التي أطلقتها الهيئة السعودية للسياحة، وتلمست مدى أثرها على كافة القطاعات، وبالأخص على النمو الاقتصادي في وطننا الغالي"، مشيرة إلى أنه من الرائع في وطننا تعدد الوجهات والخيارات المقدمة للسياح، والتي تصل إلى أكثر من 11 وجهة و500 باقة سياحية وتجربة ونشاط يناسب جميع الأذواق والأعمار، وتتنوع الوجهات بين البحرية والجبلية والتراثية والتاريخية، كما تختلف الأجواء حسب المنطقة التي يختارها السائح. تنشيط الحركة التجارية وأكدت الصليع أننا نظراً لما تتميز به المملكة من تراث ثقافي غني، فقد ساهم ذلك في ترشيحها لعضوية ثلاث لجان أساسية في اليونسكو، وهي لجنة التراث العالمي، ولجنة التراث الثقافي، والمجلس التنفيذي. إضافة إلى ذلك فقد تمت إضافة العديد من المواقع الثقافية في المملكة لقائمة اليونيسكو للتراث العالمي، مما ساهم في تعزيز السياحة في المملكة، وجذب المزيد من السياح. وقالت الصليع: "إن إطلاق برنامج مواسم السعودية، مثل: صيف وشتاء السعودية "تنفس" و"الشتاء حولك"، وغيرها من المواسم والحملات الإعلامية، ساهمت في تنشيط الحركة التجارية في العديد من القطاعات، وتنويع مصادر الدخل في الوجهات السياحية، لقد ساعدت هذه الحملات في توفير مصادر دخل إضافية للمجتمعات المحلية، كما أن مبادرة "مستقبلك سياحة" التي تهدف لتوفير 100 ألف فرصة وظيفية في القطاع السياحي، قد ساهمت في توفير فرص وظيفية للشباب السعودي، إضافة إلى ذلك فقد ساهمت هذه المبادرة في دعم ما يقارب 250 شركة صغيرة ومتوسطة الحجم في مجال السياحة. وأوضحت الصليع أن البعض يرى أن رفع قيود السفر للخارج، قد يساهم في تقليل فرص السياحة في المملك، وانعكس ذلك على الاقتصاد الوطني خاصة في ظل جائحة كورونا، إلا أن البرامج والمبادرات التي سبقت الإشارة إليها قد أثبتت أن غالبية المواطنين والمقيمين يستمتعون بالسياحة الداخلية، فهناك أكثر من 74 % من زوار صيف السعودية يشعرون بالرضا عن المبادرات السياحة، كما أن هناك مايقارب 8.9 ملايين زيارة في صيف السعودية 2020، و9.4 ملايين زيارة في شتاء السعودية، وكل هذه النجاحات تأتي وفقاً لمستهدفات الاستراتيجية الوطنية للسياحة بما يتفق مع رؤية المملكة 2030. وتابعت أنه نظراً لما تشهده مملكتنا الحبيبة من تطور سياحي فإن من المهم أن يحرص المواطن والمقيم والسائح القادم إلى الوطن على استغلال هذه الفرص، لاكتشاف الكنوز والمناطق المميزة في السعودية، لأنها تناسب جميع الأذواق والأعمار من محبي فعاليات الصيف والبحر، إلى محبي البراري والجبال والفعاليات الشتوية. من جهته قال كبير الإداريين في شركة البحر الأحمر للتطوير وأمالا أحمد درويش: "خلقت شركة البحر الأحمر فرصة لن تتكرر إلا مرة كل مئة عام بتطوير مشروع البحر الأحمر، تبعها تطوير أمالا، وبعد تسارع وتيرة الإنجازات على أرض الواقع منذ انطلاقنا حتى اليوم، نؤكد للعالم أنه أينما وجدت إرادة حكيمة وواثقة وداعمة وجد الإنجاز والتأثير، ونعلن اليوم أننا بدأنا بالعد التنازلي لبدء التشغيل الفعلي واستقبال أول زوارنا في وجهة المستقبل". وأضاف درويش: "من المتوقع أن يلعب القطاع السياحي دوراً متنامياً في تعزيز الاقتصاد السعودي من خلال استقطاب 22.1 مليون زائر من جميع أنحاء العالم، وسيكون القطاع رافداً قوياً لضخ وظائف عدة في القطاع وكل ما يخدمه، وبالطبع ستجد الاستثمارات المحلية والعالمية طريقها لتكون شريكاً فاعلاً في هذه المشروعات الجبارة ذات المستقبل المضمون، كون المملكة عنصر جذب سياحي لم يكن قد استغل من ذي قبل، حتى باتت اليوم مُصدره -بفضل الله- لأضخم المشروعات حول العالم". وتابع: "لا ينكر أحد، ولو فكر مجرد التفكير في دور ومساهمة القطاع السياحي بالمملكة في الناتج المحلي، وأذكر هنا دراسة صدرت في وقت سابق عن الهيئة السعودية للسياحة والتراث الوطني، أشارت بأن "المشروعات السياحية الضخمة التي يجري تطويرها من قبل صندوق الاستثمارات العامة بقيمة تتجاوز 810 مليارات دولار، ما يعني دفع عجلة التنمية والاقتصاد بالمملكة، وزيادة 10 % من الناتج المحلي الإجمالي للدولة". وأكد درويش أنه من المتوقع أن يخلق مشروع البحر الأحمر وحده 70 ألف فرصة عمل جديدة، وأن يساهم بنحو 5.3 مليارات دولار في الناتج المحلي الإجمالي، بينما من المتوقع أن تحقق أمالا فوائد اقتصادية طويلة الأمد للمملكة، بما في ذلك المساهمة بقيمة 3 مليارات دولار تشكّل نسبة 1 % من الناتج المحلي الإجمالي للمملكة، وتوفير 50 ألفاً من فرص العمل الجديدة مباشرة وغير مباشرة ومستحدثة، بالإضافة إلى إطلاق الفرص الاستثمارية للقطاع الخاص في كلا المشروعين وتطوير القطاع السياحي في المملكة مع الحفاظ على الإرث الثقافي والتراث الأصيل لها، وبالطبع تعزيز البيئة من خلال معايير الاستدامة والتجدد. السياحة في المملكة مرت بمراحل تطوير كبيرة السياحة داعمة لمختلف المناشط التجارية الخيارات السياحية متعددة في المملكة الشلهوب: نجاح القطاع السياحي في المملكة مؤهل للمنافسة العالمية السبيعي: المملكة مرت خلال 20 عاماً بمراحل متطورة في ملف السياحة الغيلان: القطاع السياحي إحدى أهم ركائز تحقيق رؤية المملكة الصليع: القطاع السياحي ساهم بتوفير فرص وظيفية جديدة