الفكرة أو هاجس الشاعر، هي الفكرة المحفزة للكاتب، وهي الفكرة المحركة لريشة الرسام. وهكذا كل دوافع أو الرغبة والدافعية الذاتية التي تؤرق صاحبها لكي يعبر وينجز ويعطي ويقدم شيئاً، بغض النظر عن كون النتائج مرضية أو دون المستوى. ويحق للفكرة أن نقول عنها إنها ذات سلطة على صاحبها، قد تقتحم خلوته وقد تعترض طريق تفكيره وتحتل الصدارة في اهتماماته، والمشكلة أنها لا تحدد وقت الحضور، فقد يكون حضورها في وقت مناسب وقد يكون غير مناسب. فالفكرة تجبر الموهوب على التجاوب معها دون غيره طبعاً، كما أنها في الغالب لا تبقى في الظل ولا كامنة حتى يتفرغ لها صاحبها، بل إما أن تبرز للواقع أو تموت وتخمد نارها. فالشاعر ينظمها قصيدة والكاتب يسطرها مقالة، والرسام ينفذها لوحدة، وبهذا تكون الفكرة فاعلة بعدما كانت غائبة عن الواقع، كما أنه بعد التنفيذ يملكها ويملك نتائجها وإلا فهي طائر في فضاء الكون ملك لمن يصطاد أولاً. وللشعراء تعبيرهم عن هذا الدافع المؤرق، الذي استحثهم على البوح ببيت أو قصيدة. هذا الدافع والفكرة مرة يسمونها هاجساً ومرة تسمى استجابة لشعور وموقف، ومرات عديدة يقولون عنها قريحة وتأثر إحساس بحدث..إلخ. ونتساءل ماذا عن تحديد موقف مؤيد أو رافض أو محايد لتلك الفكرة الطارئة؟ والجواب أن هذا موضوع آخر، وجانب من جوانب العقل لا العاطفة، ومن هنا قد يندم الشاعر على الاستجابة لفكرة ما، ترجمها هجاء وربما مدحاً، وربما تمنى لو لم يعبر عن غزل أو وصف أو انفعال ما. يقول الشاعر عبدالله الدواس في فكرة القصيدة وكبح جماح الاندفاع بالتأني: يابوك أنا خليت هذي لهذي وارخيت هذي خايف تنقطع ذيك وان كان ضاقت وادلهمت ملاذي اللي عقب طول انتظاري عطانيك أبوك لا جاه القصيد استعاذي لو ما تعوذ ثار مثل التماتيك أخاف لا اجرّح ولا ودي آذي لو القصيد إن وافق الضيق يغريك و يقول الشاعر عبدالله المفضلي حول فكرة القدرة والتحمل والعزيمة: اي والله الدنيا تبي قلب جبار مهما يعاني ما تعيقه ظروفه إيمانه بربه بتصريف الاقدار اللي كتب باللوح لازم يشوفه عظايم الاحداث بعيونه صغار ينقل على متنه حمول الكلوفة يبيع قرب اللاش في رخص الاسعار ما يلحقه على المقفّي حسوفة ويقول الشاعر: نايف أبا العون، في بذل المعروف وفعل الجميل والعمل النافع: افعل المعروف وتشوف العجايب كل حاجة ممكنه تقدر عليها عن فعل بعض الجمايل ليش هايب والمدايح تحتريك وتحتريها والنفوس الطيبة مثل المطايب طيبها اللي ينتشر منها يجيها يمكن تنجّيك من بعض المصايب حاجةٍ في وقتها وفقت فيها قمت مع محتاج والا اسعدت شايب انت ناسيها وربك ما نسيها ويقول الشاعر أحمد عبدالرحمن العريفي (نديم المجرة) في فكرة الترويح عن النفس: وش هقوتك باللي سرى تالي الليل متنحرٍ درب المهالك لحاله يوم انها كثرت عليه الغرابيل والصدر ضاق وخبث الوقت باله وضاقت به الدنيا ولا عاد به حيل وزاد الحزن والقلب زاد اعتلاله حمل فراشه والعزب والمعاميل واركى على جيبٍ يسابق ظلاله يبي ديارٍ أمس قالوا بها سيل يبي نفودٍ حاير الماء بجاله يبي يتعلى عله يشاهد سهيل يبي ينادم كل نجمٍ بداله ويبي يولِع مثل نار المحافيل في راس طعسٍ يتعِب اللي رقى له ويبي يبهر دلته باخضر الهيل ويبي يفوح فوق الارطى دلاله ويبي يغني باللحن والمواويل ويبي يبدد بالصحاري هباله وإلى صفى راسه بدا بالتهاليل وسبح بحمد الله وخلى الجهالة ولاحدٍ معه يفك الاطناب ويشيل ولا احدٍ يزود بالرحيل انفعاله لاطاب شفه من هوى البر بالحيل يرحل على كيفه متى ما طرى له ياكثر مانبغى ولامن محاصيل ماكل من يبغى لشيٍ يناله هذي أماني والاماني تعاليل تسلى بها نفسٍ تعثر مناله أحمد عبدالرحمن العريفي عبدالله الدواس عبدالله المفضلي نايف أبا العون ناصر الحميضي