بعيداً عن الإحصاءات أو الأرقام أو الأخبار المتعلقة بجهود وزارة الداخلية المتمثلة في المديرية العامة لمكافحة المخدرات، التي لا تخفى على أي مواطن، وبعيداً عن خطورة المخدرات وآثارها النفسية والصحية والاجتماعية والاقتصادية والأمنية، وبعيداً عن أسباب انتشارها وترويجها وبيعها وتعاطيها، وبعيداً عن خوض العالم حرباً ضروساً ضدها، وبعيداً عن موقف الشريعة الإسلامية منها لما تسببه من أضرار، وبعيداً عما يراه الأطباء من مخاطر ومواد سامة ومؤذية لعقل الإنسان، وبعيداً عن سرد بعض القصص والأحداث التي وقعت لبعض الأشخاص أثناء تعاطيهم، وبعيداً عن دورها في تقزيم العقل وحرمانه من التفكير الإنساني، وبعيداً عن عدد القضايا اليومية المنظورة في القضاء البالغة 160 قضية مخدرات. سؤال: لماذا يسمى بعض الشباب المخدرات كيفاً؟ الإجابة عن سبب التسمية المزيفة، يرجع إلى ثلاثة أسباب: الأول: محاولة لجعلها متعة، لأنه لو أطلق عليها مخدرات بدأت نفسه بالاشمئزاز منها فيحاول تزيينها بمسمى الكيف، ولكن لا يفيد تغيير المسمى، فالسم سم حتى لو سميته عسلاً، الثاني: للجذب والاستقطاب، فكلمة كيف أهون بكثير من كلمة مخدرات، عند عملية جذب المراهقين، الثالث: الانفصال المؤقت عن الحياة، نتيجة توهم تضخيم نمط الحياة اليومية، فيحاول أن ينسى الروتين اليومي، ويعتمد على التعاطي، فيسمى ذلك كيفاً. والنظرة كذلك للمخدرات تختلف، فالحشيش يراه المستعمل وسيلة للاسترخاء الجسدي والذهني، ويعتقد بأن تعاطيه يدعم مهارة التحليل أثناء التفكير، وهذا كله وهم، فهل سمعنا يوماً أن عالماً أو مخترعاً أو موهوباً أو مؤلفاً أو مبدعاً نسب إي إنجاز له جراء تعاطيه لمادة الحشيش؟ أليس مستعمل الحشيش يرى أن تعاطيها توفر له مناخاً ذهنياً يدفعه إلى الإبداع؟ فأين هذا الإبداع أو المنجز العلمي أو الأدبي؟ هذا هراء وادعاءات تبرر له الاستمرار في استعمالها والتسويق لها كونها تساعد على التحليل والتفكير، هذا بكل بساطة يحاول أن يستبدل الحقائق بالأوهام، فالاسترخاء يأتي من التوكل على الله والذكر والدعاء وممارسة الرياضة الحركية، وأي استرخاء يأتي من تعاطي مواد تسبب في إتلاف خلايا المخ وتلوث طبيعة التفكير الفطري، والحكايات في ذلك كثيرة وتطول. أما الشراب فينظر إليه بعض الشباب نظرة مختلفة، رغم كل التحذيرات الشرعية والطبية والاجتماعية والقانونية حوله، ولنا أن نتخيل ذلك الإنسان قبل وبعد تناوله، فما إن يشرب كأساً إلا ويبدأ بالتغير نحو الأسوأ، فتبدأ انفعالات مستهجنة تظهر عليه، وتبدأ تصرفات التهور تهيمن على حركاته وردود أفعاله الهمجية، فلا يزن الأمور بأوزانها، ولا ينزل الناس منازلها، فتبدأ تظهر عليه جرأة مصطنعة، ونشاط وهمي. وكما يقال ما إن (تفك) إلا ويرجع صاحبنا كما كان إنساناً طبيعياً، لا يملك من الشجاعة إلا اسمها، ولا يعرف الابتسامة إلا نادراً، ليس لأنه ليس شجاع أو عديم الأخلاق، ولكن لارتباط تلك الأخلاقيات بتلك الرشفات فأي كيف يجعل الإنسان تافهاً ضائعاً حقيراً بدل أن يكون عظيماً صالحاً عزيزاً؟. ندعو الله تعالى أن يرزق كل مبتلى بالهداية والتعافي من هذه الآفة المدمرة التي لا تفرق بين غني وفقير أو شاب وكبير أو ذكر وأنثى، فهي تدمر أهم خمسة جوانب في حياة الإنسان؛ الأول: خلايا الدماغ، الثاني: مروءة النفس، الثالث: حرية الحياة، الرابع: الاستقامة والهداية، الخامس: تسلب الإنسان كرامته فأين الكيف بعد هذه القواصم؟.