كان هناك رجل يصطاد السمك وهو جالس على ضفة النهر قبل بزوغ الفجر في الظلام، ليحضر أدواته وينتظر بزوغ الفجر وحركة السمك.. وفي شدة الظلام الحالك امتدت يده إلى كيس كان ملقى بجانبه لا يعرف ما فيه ولا يوجد أحد بجانبه فأخذه وأدخل يده فيه فإذا فيه أحجار فأصبح يلقي بها الواحد تلو الآخر في النهر ليسلي نفسه بانتظار بزوغ الفجر وعندما بزغ الفجر رأى آخر حجر في الكيس فنظر إليه ودهش وأصابته رعدة ندم لم يشعر بها طوال حياته.. إنه حجر كريم نفيس من الألماس فجن جنونه كيف رمى بالبقية في النهر وأصبح يندب حظه التعيس وتسرعه برمي الأحجار في النهر، ولكن على الأقل بقي بين يديه حجر واحد أفضل من لا شيء، هذه القصة تقول لنا إن الظلمة التي تنتشر في كيان الإنسان لحظة غفلته عن نور الله وقبل أن تشرق شمس نوره الإيماني يفقد جواهر كثيرة جدا، وحياتنا ووقتها ثمين جدا جدا وكنز دفين ولم يفعل الإنسان شيئا سوى التخلص من الوقت، وهو الثروة فلا نضيعه بالتسلية ونندم في آخر المشوار، "يا ليتني قدمت لحياتي". الحياة ليست كومة من الأحجار، فالحياة كنز مخبوء بداخلنا، اكتشفه من اكتشفه وجهله من جهله، فضمن هذا الجسد الذي يتكون من لحم ودم وعظام يتواجد بداخله روح خالدة أبدية وهي شعلة النور التي تدل على طريق الله، ومهما كانت خسارتنا حتى لو تبقى لنا من الحياة ولو حجر واحد فما زال بالإمكان إنقاذ ما تبقى، وباب السماء مفتوح في السحر لكل نادم ومستغفر، ولم يفت الوقت وما زال هناك أمل: "قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ"، ما زال الطريق مفتوحا وهذه فرصة تستحق أن نلحق بها.