يقع كثير من الناس ضحية للوقت، والتسويف، والانخراط في مشكلات تزداد تعقيداً بمرور الوقت، مما يسبب الألم للإنسان، وربما تتعقد الأمور أكثر فتؤدي للاكتئاب والتفكير في الانتحار أحياناً، لكن التاريخ أثبت أن المرأة تتمتع بقدرات نفسية، واجتماعية، وعلمية، ومرونة روحية عالية، تعينها على الصبر، والتحمل، والتبصر، والتغيير للأفضل. عندما انتشرت جائحة كورونا ساهمت المرأة في إدارة هذه الأزمة -صحيا ومعرفياً- واختارت أن تقبل التحدى بدلاً من الاستسلام والخوف والرضا بآلام الجائحة، فبرهنت للعالم من جديد على أنها قادرة على خوض أصعب المعارك ضد ما يهدد صحة المجتمع، وثباته، وتماسكه، فالمرأة كانت حاضرة ثقافياً وإبداعياً، وطبياً بقوة من إنكار الذات إلى الإبداع. على الرغم من ازدياد التحديات التي أحاطت بسكان الأرض بعد استفحال أزمة الجائحة إلا أننا نلاحظ أن المرأة هي أكثر المتضررين، وقد ظهر ذلك واضحاً في زمن جائحة كورونا صحياً، واجتماعياً، واقتصادياً، لكن بقاءها في المنزل لم يمنعها من مشاركة المجتمع قضاياه وهمومه، كما وجدت طريقها لتكون اقتصادية، وإعلامية، ورائدة أعمال، ومبدعة، ومبتكرة، فأضافت مشاركتها قوة للسوق، والتنمية، والتطور. المرأة كائن مبدع، يتمتع بقدرات ابتكارية وكفاءة إنتاجية عالية، وإبداعها قابل للتنمية، والتجديد، والتعزيز، فهي قادرة على الإتيان بخبرات وتجارب غير مسبوقة، كما أنها تستطيع إدارة المواقف، والمعارف، والعواطف، والتحليل، والتوجيه، والنقد، والنصح، والإرشاد، ووجود الدافع التنموي لديها يمكنها من بلوغ آفاق التفكير السليم، والإبداع، وذلك عندما تنمي شخصيتها وترتقي بحياتها وتتخذ قرارتها بشكل أفضل، وتوسع دائرة اهتماماتها، وتتمكن من الوعي المعاصر الذي يمكنها من رسالتها. لقد نجحت أزمة الجائحة في أن تعيد للمرأة شخصيتها، وهويتها الثقافية، والاجتماعية، والإعلامية، فأصبح للمرأة المعاصرة نصيب كبير في عالم التكنولوجيا، والأعمال التطوعية، كما اقتحمت بقوة ميادين الاستشارات والأعمال الريادية، وبذلت جهودها الاقتصادية لتقليل الفقر العالمي، فالمرأة قوة تغييرية لا يستهان بها، فإرادتها الإيجابية تعمل في العسر واليسر والمنشط والمكره، ولا ينبغي للمجتمعات إهمالها، أو إقصاء دورها وتهميشه، وقد أدركت المرأة المعاصرة سر مستقبلها فلم تعد سجينة اليأس أو التشاؤم. فالمجتمعات الواعية هي التي تحمي مكانة المرأة، وتقدر شخصيتها، وكلما تقدم وعي المجتمع برسالة المرأة ومكانتها كلما نالت فرصتها الكبيرة في العمل، والعطاء، فالمجتمعات الواعية هي التي تمكن المرأة فكراً وتطبيقاً، وتحارب كل أشكال التمييز، والعنف ضدها، وذلك عندما تتجاوز المجتمعات تلك النظرات التقليدية التي تضع مكانة المرأة في بيئات إنتاجية ضيقة، وأجواء اجتماعية وتفاعلات مضطربة، ولا تدرك هذه المجتمعات أن المرأة حينما تعاني وتشتكي تضطرب أحوال هذا العالم، وحين تتألم يتحول نهاره إلى ليل، وابتسامته إلى تعاسة، وشقاء، وتشاؤم، وأمراض حضارية مظلمة. كما أكد واقع المرأة في ظل الجائحة أنها قادرة في أي وقت على تغيير خريطتها الإدراكية، بما يؤهلها لأن تتدرب، وتتعلم، وتطور شخصيتها، وتملأ طاقاتها بالحيوية، والنضج، وتتحرر من السلبية والخوف والفشل، وتخرج من دائرة الانطوائية، وتضيف لمسات جميلة وجديدة على مظاهر الحياة من حولها، وتمد روابط المعرفة المشتركة مع العوالم التي تحيط بها، وهناك نساء كثيرات تغيرت حياتهن -في أجواء تحديهن للجائحة- بمجرد اهتمامها ومشاركتها في أحد الأنشطة التربوية، أو الاجتماعية، أو الصحية، أو الإعلامية، متمتعة بروح التفاؤل والإيجابية. لقد مارست المرأة دوراً محورياً وإيجابياً في التصدي لهذه الأزمة، والوقاية من أخطارها بما يؤكد حرصها الشديد على سلامة واستقرار وقوة المجتمع الذى تعيش فيه، ومن هنا فالمجتمعات الإنسانية لا تستطيع أن تعود لحالتها الطبيعية -بعد تجارب مؤلمة من الكوارث- بدون المرأة، التي تقف دائماً بجوار الرجل، والمؤسسات، والمشروعات، تساند، وتشجع، وتشارك من ناحية، وترعى أسرتها من ناحية أخرى، فالمرأة ركيزة النهوض المستقبلي وعنصر استشراف قوى لمستقبل لا تضعفه كارثة أو تعرقله جائحة، ومفتاح نهضة قوية من خلال طاقاتها الإيمانية، والفكرية، والعاطفية المنضبطة، والإيجابية الواعدة. ففي طموحاتها سر الحياة، وكل امرأة لها قدراتها الإبداعية التي تميزها عن باقي النساء حتى تستكمل المجتمعات سعادتها واستقرارها، ويتحسن جهازها المناعي، وتبرز فنون جديدة ومذهلة، وخبرات احترافية -افتراضية وواقعية- ترتقى بالحياة إلى الأفضل. لقد أصبحت المرأة قوة لا يستهان بها في مجال صناعة مستقبل المعرفة وبناء التكنولوجيا المتطورة، ولكي تتميز المرأة في جميع التخصصات المستقبلية، فلابد أن يكون لديها القوة والشجاعة، والحافزية التي تؤهلها لاستثمار أوقاتها وترتيب حياتها، فالمرأة ليست للحب والزواج والبيت فقط بل هي شريك أساسي في بناء النهضة، وصناعة الإبداع ونشر رسائل السلام، والتسامح، والحوار، وكلما استلهمت من قراءة الكتب ووسائل التواصل، وتجارب الحياة ما يشجعها على الإنجاز أعطت وأبدعت وحققت التميز الذى يليق بمكانتها ويقودها لكل الأمور الجميلة، فالشخصية الواعية تراجع أهدافها وأحلامها دائماً، وتترك كل البيئات السلبية، وتطلق العنان لطاقاتها الكامنة فتبدو تجربتها في الحياة قوية، ومؤثرة، ومختلفة.