مثيرٌ للاهتمام ما يحدث في منصات التواصل الاجتماعي من اقتيات وارتزاق البعض على المحتوى البذيء أو الفاضح بحجة مكافحته! خلال الأشهر الماضية تكاثرت قنوات وحسابات في منصة "سناب شات" تعتمد في محتواها على عرض "ترندات" مختلف شبكات التواصل الاجتماعي، مع التركيز على يوميات وأحداث مشاهير أو مؤثري "سناب شات"، والأمر لا يقتصر على نشر قصص التغطيات أو حتى المستجدات الاجتماعية لأولئك؛ بل التركيز على سقطات بعضهم المقصودة و"غير المقصود" عبر إعادة نشرها، والتعليق عليها، وشرح تفصيلها ثانية بثانية، ليتحول هذا المحتوى "الشاذ" إلى محورٍ أساسي لمحتوى هذه الحسابات والقنوات، والسبب الحقيقي لانتشارها بين جمهورها المستهدف. من الملاحظ مؤخراً أن رداء الحياء ينزع قطعة قطعة من بعض مشاهير التواصل، والهدف ليس فقط كسب متابعين جدد، بل البقاء دوماً على قوائم المشاهدة، مهما استلزم الأمر من تنازلات أخلاقية أو مغامرات اجتماعية، ومهما خسر من احترامٍ للنفس أو تقديرٍ للذات، المهم أن يبقى "ترنداً" يشار له، بالتأكيد ليس بالبنان! المصيبة أن تلك الحسابات التي تعتمد على إعادة نشر محتوى المشاهير تزعم أنها تكافح هذه الممارسات وتفضح المتجاوزين بهذه الطريقة! بينما واقع الأمر أنه استغلال انتهازي لذلكم المحتوى الفاحش، بهدف الحصول على مشاهدات أعلى ودخلِ مادي أكبر، والنتيجة ترويجٌ أوسع لذلك المحتوى، وتشجيعٌ على بث المزيد منه! وكأنما يتمثلون قول الشاعر أبي الأسود الدؤلي: "لا تنهَ عن خلُقٍ وتأتيَ مثلَه .. عارٌ عليك إذا فعلت عظيم"! مع تكاثر أعدد هذه الحسابات والقنوات وتضخم تأثيرها؛ يجدر أن تعاملها الجهات المختصة بمثل معاملة صاحب المحتوى المخالف، فتوقع عليهم العقوبات المادية والمعنوية، خصوصاً أنهم يعززون ترويج وتسويق ذلكم المحتوى بطريقة مؤسسية، عبر بث القصة بمزيد من التشويق وتضخيمها، حتى يعلم الذي لا يعلم عنها! بالتأكيد لا يمكن أن يكون كامل محتوى منصات التواصل الاجتماعي نافعاً أو على الأقل غير ضار، غير أننا نستطيع بجهودنا الفردية البسيطة المساهمة في محاربة المحتوى غير المناسب، عبر عدم تداول المحتوى الخادش للحياء أو الضار، حتى تكسر سلسلة الانتشار ويتوقف، وبالطبع مع تشجيع المحتوى المقبول وتداوله. غير أن المسؤولية الأكبر تقع على أصحاب الحسابات أنفسهم، فهم بالمحتوى الذي يبثونه يعبرون عن أنفسهم أولاً وعن مجتمعهم المحيط ثانياً، يجب أن يفكروا مرة بعد مرة في محتواهم قبل ضغط زر البث، وأن يتأملوا أثره عليهم وعلى عائلتهم، ليس اليوم فقط بل حتى مستقبلهم أيضاً، هنا سوف يتوقف الكثيرون عما يقومون به من سقطات أو تجاوزات جعلتهم على رأس قائمة المحتوى الذي تجذب به تلكم الحسابات والقنوات جمهورها المتعطش لهذا النوع من المحتوى، الذي لا يشرّف أبداً.