لنوضح السؤال بشيءٍ من التفصيل.. هل الإجراءات الصارمة جدًا في العمل، والحذر الشديد في كل خطوة، يحولنا إلى موظفين أشرار من حيث لا نشعر؟ من خبرتي في العمل أستطيع أن أُجيب ب(نعم)، قد تحولنا في بداية الأمر لموظفين حذرين، ومتوقعين الأسوأ في كل خطوةٍ نخطوها، ونقدم سوء الظن على حسنه في كل مهمة، ثم نسخّر جزءًا كبيرًا من تفكيرنا وتخطيطنا في المخاطر المحتملة لها، وننسى الهدف الأساسي منها، وهي إتمامها بنجاح مع أقل الخسائر. والبعض ممن لا يمتلك صلابة نفسية كافية، أو وَهَنَ وملَّ جرّاء الحذر والخوف المستمر من القادم، يتدثر بالشراسة كحماية له من العواقب التي تأتيه من حيث لم يحتسب، ومع الوقت، تنتشر الروح السلبية في مكان العمل، وتتأثر قيمة العمل بروح الفريق، وتنخفض على أثرها معنويات الموظفين. إن النجاح في العمل يتحقق في المقولة الشهيرة (النجاح يحققه فقط الذين يواصلون المحاولة بنظرة إيجابية للأشياء)، وهذا هو الهدف من هذه المقالة، تحتاج المنظمات لأن تتحلى بالنظرة المعتدلة الإيجابية الواقعية حيال العمل، وأن تجعلها سمة أساسية في ثقافتها الداخلية، وتُقتصر الإجراءات المشددة على المهام ذات الحساسية القصوى، أو ذات الأخطاء المتكررة. إن الإدارة الحديثة تُركز على الإنسان والعلاقات أكثر من الإجراءات، وعلى العمل أكثر من التوثيق، وهذا التطور الطبيعي الإيجابي الذي يجب أن تتجه له كل المنظمات والإدارات اليوم، إذا امتلكت الرغبة الحقيقية في أن يكون الإنسان أولًا ومن ثم العمل. حتمًا سيتغير السؤال أعلاه إلى: (هل يجعلنا العمل صالحين؟).