بناء فرق العمل من أهم الواجبات والمهام التي يقوم بها القائد الناجح، لأنه يعرف أن نجاحه سيكون عن طريق فرق العمل لا بواسطته فقط، مهما كان تأهيله وذكاؤه ونشاطه، فكلما كان الانسجام وحسن الاختيار متوافقاً مع الأهداف والمهام كانت فرص تحقيق النجاح أكبر وأسهل، إذاً أمام القائد الناجح خطوتان مهمتان: الأولى اختيار الفريق، الثانية بناء الفريق. ولا بد من هاتين الخطوتين؛ لأن الاختيار وحده لا يكفي، فالفريق بحاجة إلى توجيه وتشجيع وتدريب وإعطائه فرصاً، وهذا يعبر عنه ببناء الفريق لأن التعديلات ممكنة في المستقبل. وقدرة القائد على بناء فرق العمل - تؤهله فعلياً بأحقية المنصب -، لأنها تكشف قوة الفراسة والمصداقية التي يتمتع بها، فأما مؤشر الفراسة فيضع كل شخص في موضعه المناسب من غير تحيز أو مجاملة أو مزاجية، وأما مؤشر المصداقية فيبحث عمن يحقق أهداف العمل ويقوم بالمهام، فنظرته منصبة على تحقيق الأهداف، فليس بالضرورة أن يكون المؤهل التعليمي دليلاً على القدرة أو المهارة، أو طول الخبرة المهنية كافية لإثبات قدرة النجاح في تلك المهام، لأن مصلحة العمل تأتي في المقدمة. وأما الخطوة الثالثة التي تلي خطوتي (الاختيار والبناء)، فهي خطوة (التمكين) بعد أن يمنح أعضاء الفريق أو قائد الفريق جرعات من التكليف والتفويض بين الحين والآخر، فتتعود النفس على التحرك بثقة واتزان، وهي المشكلة التي قد تواجه بعض الموظفين بأن قياداتهم لا تضع فيهم الثقة المأمولة، وهذه المشكلة غالباً ما تنشأ من ضعف ثقة القيادات في أنفسهم، لأن القائد الواثق من نفسه يثق في الآخرين، أما القائد الذي يفتقد الثقة بنفسه، غالباً ينظر للآخرين كما ينظر لنفسه. إعطاء الموظفين أو القياديين بقايا من الثقة، ستحول بين نجاحهم في تحقيق أهداف العمل، وستلغي من أذهانهم فكرة الإبداع والمبادرة، لأن الإحباط يعمق في نفوسهم بسبب النظرة الاستنقاصية لقدراتهم أو لذواتهم، وهذا خطأ عظيم يرتكبه القادة في حق فريق العمل والموظفين عموماً، وعلاج مثل هذه المشكلة هو (الكرم في إعطاء الثقة) بلا إسراف، بمعنى الثقة مشروطة بتوفر أسبابها، فمتى توفرت المعرفة والمهارة والرغبة، فإن الثقة تمنح بمتابعة وتشجيع. لنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة، في اختيار وبناء القادة، فقد اهتم ببناء القادة في ميدان السياسة فمنح الثقة للخلفاء الراشدين رضي الله تعالى عنهم، كما اهتم ببناء القادة في ميدان الجيش والجند كخالد بن الوليد وعمرو بن العاص وأبو عبيدة الجراح رضي الله تعالى عنهم، وبناء القادة في ميدان العلم والفتوى كعبدالله بن عباس وعبدالله بن عمر وعبدالله بن مسعود رضوان الله تعالى عنهم جميعاً، ولم يكن اختياراً فقط بل كان متبوعاً بالتوجيه والتدريب والتمكين، حتى حفر التاريخ أسماءهم في صفحاته الخالدة. الخلاصة تحديداً سيبقى تمكين الأفراد في بيئات العمل أهم خطوة يقوم بها القائد من أجل نجاح العمل، حيث تعكس مدى ذكاء القائد وقدرته على اختيار الأفراد المناسبين لتحقيق أهداف العمل وإنجازها بأفضل ما يمكن ولاسيما إذا دمج بين أسلوب القائد الملهم والإداري الحازم.