في بدايات عملي في إحدى الشركات اليابانية كنت حريصاً على إنجاز كل ما تطلبه الإدارة مني والبحث عن أعمال جديدة لاكتساب خبرات وإثبات جدارتي. ووصلت لدرجة تراكمت علي المشروعات وكدت أصل لمرحلة الانفجار. وقتها دعاني للعشاء السيد كونيشي والذي كان أحد القياديين بالشركة وسبق له العمل في سوني. قال لي: "سأعطيك نصيحة تعلمتها من سنين عملي الطويلة. لا تحاول أن تقوم بجميع المهام لوحدك. ثق بالآخرين في فريقك وامنحهم الفرصة وعلمهم من تجاربك، فهنالك حد لوقتك وتركيزك ولن تستطيع أن تنجز جميع المهام المطلوبة من قسمك بمفردك!". الأسطر التالية تتحدث عن أهمية تفويض الآخرين وتمكين الأجيال الصاعدة... حسناً، ما الطريقة المثلى للتفويض وتمكين القيادات؟ يذكر الكاتب مارسيل ستشوانتيس في مقالة منشورة بتاريخ 17 يوليو 2020م خمس خطوات تسهم في نجاح عملية التفويض وهي: أولاً) تبيان الأسباب خلف القرارات: الناس تكون أكثر تجاوباً وتفاعلاً مع القرارات والتوجيهات إذا عرفوا الحيثيات والظروف المحيطة بهذه السياسات. وسيكون من الصعب على الشخص الذي يتم تفويضه بالمهمة أن يقوم بها على أحسن وجه إن لم يكن مطلعاً على هذه الحقائق. ثانياً) توضيح الأهداف والنتائج المتوقعة: من المهم أن تكون الأهداف واضحة والنتائج المتوقعة معروفة للفريق كاملاً من خلال المشروع أو المهمة. من شأن ذلك أن يجعل الجهود مركزة على تحقيق هذه الأهداف بعكس الحالات التي تسودها الضبابية والتي تقود إلى بعثرة الجهود والأوقات. ثالثاً) تفويض الشخص المناسب: من الضروري اختيار الشخص المؤهل والمناسب لأداء المهمة وتفويضه للقيام بها. ويتطلب ذلك التأكد من أن هذا الشخص يمتلك المعرفة والخبرة والمهارات اللازمة للمهمة المفوض عليها. كما يجب التأكد من أن الفريق يمتلك الخبرات والمعرفة اللازمة. وفي نفس الوقت، ينبغي الحرص على معرفة هل الشخص والفريق الذي تم تفويضه لديه الوقت المتاح لتنفيذ المهمة أم لا؟ رابعاً) التركيز على النتائج: من الأفضل التركيز على ما تم إنجازه دون الدخول بعمق في التفاصيل وإعطاء الفريق الفرصة للتفكير والتنفيذ الإبداعي. منح الفريق الصلاحية لاتخاذ مثل هذه القرارات يبني الثقة والولاء ويسهل من عملية صناعة النجاح. خامساً) الاحتفاء بالإنجازات: كل إنسان يرغب في أن يشعر بالتقدير من المديرين نظير العمل الشاق والجهود التي تم بذلها لتحقيق الإنجاز وإكمال المهام المطلوبة. هذا التقدير سيقود ذلك الشخص لتقدير الآخرين في فريقه أيضاً. وبالعكس فالتجاهل وإنكار جهود الموظفين من أكبر أسباب مغادرة الكفاءات للشركات حسب استفتاء قامت به Achievers وشمل 1154 موظفاً. وأخيراً، القائد الناجح يصنع أجيالاً من القادة المميزين من بعده، وذلك عبر نصحهم وإرشادهم وتمكينهم ومنحهم الفرص ليطوروا قدراتهم ويزيدوا من خبراتهم. وكما يقول الجنرال جورج باتون: "لا تخبر الناس كيف يجب أن يفعلوا الأشياء بل أبلغهم ماذا يجب عليهم أن يفعلوا وسيفاجئونك ببراعتهم".