هكذا كنا نعرف الإعلامي، وهكذا كنا نشاهده يحترق من أجل أن يقدم مادة تسُر المتابعين من عصارة فكره ونبض ثقافته، إن مهنة الإعلامي سامية من أروع المهن، لذلك سنبحر اليوم في وجدان الفنانة التشكيلية والإعلامية فوز عوض الخمعلي التي أتقنت وتفرّدت في مهنتها منذُ البداية، لذا سنحلّق معها على عجالة لنستشف مشوارها ونتحدث عن تجربتها وذكريات بدايتها. تقول فوز عوض: "بدأت رحلتي مع الفن التشكيلي الفعلية عندما كان عمري 15 عاماً، كنت أحاول أن أشترك بلوحاتي في مكتب الفن التشكيلي بنادي النصر والهلال، عندما كانت تلك الأندية تهتم بالجوانب الثقافية، وكانت لوحاتي تعرض في نادي النصر، ربما ساهم في ذلك ميول والدي، وكان همّي منذُ الصغر أن يصل صوت المواطن للجهة الأخرى من المسؤولين، وتحقق ذلك من خلال لوحاتي - ولله الحمد - فالفن يختصر كل شيء، وكان بالنسبة لي هو وسيلة لمخاطبة العالم لإيصال فكرة معينة، أو مَأساة أو نداء، وكان طموحي أن أصل إلى كل العالم.. فمثلاً تراثنا الوطني، أو أي أفكار تخدم الوطن، عندما كان الفن وسيلة مُفيدة لإيصال الصوت. لكنني على الضفة الأخرى، بدأت بتنظيم المؤتمرات، وفي أحد المؤتمرات أوكلت لي بعض المهام برئاسة الدكتورة خيرية السقاف وتحت مظلة جمعية الإعلام والاتصال على ما أعتقد، كنت صغيرة في السن آنذاك، وحضرت المذيعة هانية الخالدي وعملت معي لقاء في برنامج "براعم الوطن" تستضيف فيه الأطفال الصغار، من حسن حظي كنت من ضمن المواهب ومن خلال هذا البرنامج الذي خرجت فيه طُلبت للإذاعة ووجدت فرصة كبيرة أن أصل بصوت المواطن، وكانت تلك الفترة من الأيام الجميلة في حياتي. تخيل كُنت أفكر منّذ تلك اللحظة، في تقديم البرامج وساعدني في ذلك انتقالي إلى التلفزيون، وأحببت أن أخوض غمار المذيعة، أو مراسلة للأخبار، وفعلا كان يوكل لنا مُهمة الاختيار، بحيث نطرح فكرة بعدها تتم موافقة الإدارة وكان أغلب التقارير التي كنت أعملها تنشر على النشرة الرئيسية، وقد قدمت تقارير مذهلة نالت إعجاب المشاهدين منها عن الفقر والعشوائيات وبيع الملابس المستعملة، وغيرها الكثير. في تلك الفترة أسندت لي مُهمة تقديم الأخبار، حقيقة لم يكن همّي فقط قراءة الأخبار، كان همّي كيف أوصل الصورة الصحيحة عن الحدث والمناسبة دون أي تشذيب للحقائق، بعدها انتقلت إلى تقديم البرامج، فقد عملت برامج كثيرة خلال هذه المسيرة، كان برنامج "فوز" من أهمها، وكيف لا وهو الذي يحمل أسمي، فقد كان من أجمل البرامج التي عملت لي بصمة واستضفت رموزا من الوطن، وكان محطة مذهلة في التلفزيون بقناة الثقافية قبل أن تتوقف، وكانت بإدارة الأستاذ عبدالعزيز العيد. تعود الإعلامية فوز لتعصف ذاكرتها، وتعود لأجمل المواقف، تقول عن تلك المرحلة، لقد مررّت بأجمل الأشياء، عندما مثلت وزارة الثقافة والإعلام (سابقاً) في تونس والبحرين، وكانت محطة تونس التي خرجت فيها مع نخبة من مذيعات العالم العربي، وأجرينا لقاءات مشتركة مع الوزراء، بشكل رائع وجميل، ووجدت ثناء من عبدالملك الشلهوب الرئيس الأسبق لهيئة الإذاعة والتلفزيون. هناك في الخارج تفاجؤوا بوجود مذيعة سعودية متقنة لأداء عملها ومتميزة في أدائها وعطائها، واستطعت أن أبرز دور المذيعة السعودية، من حيث اللباقة وأدب التعامل مه الآخرين، وكانت تلك المرحلة بالنسبة لي مهمة جداً والتي من خلالها تساهم في إقناع الخارج عن تطور الإعلام في المملكة، ففي النهاية لن يقولوا المذيعة فوز بل المذيعة السعودية. في الجانب الآخر في هوايات فوز عوض الخمعلي، الفن التشكيلي، تراه عملاً إبداعيا، لكنها كما تقول: انغراسي في الإعلام جعلني أقصر تُجاه الفن التشكيلي، وكنت متحدثة رسمية عن جمعية "حركية" للإعاقة، وأيامها تحدثت عن هموم ذوي الاحتياجات الخاصة وبالتحديد المرأة، وفي هذه الفترة أهملت الفن التشكيلي في حقبة زمنية، ثم عُدت للفن التشكيلي وأول معرض لي كان في أروقة وزارة الثقافة والإعلام (سابقاً)، وكنت الوحيدة التي فازت بهذا المعرض وهذا الدعم من الإعلامي عبدالعزيز العيد، وكان هذا المعرض من أجمل أيام حياتي، حيث البصمة العظيمة من خلال مشواري مع الفن التشكيلي والإعلام، هذا التمازج جعله المعرض الأول وأتمنى ألا يكون الأخير، بلا شك ما زلت أشعر بذكريات الموقف الجميل في افتتاح المعرض، واسترجعها غالبا من خلال صفحة "الفن" بجريدة "الرياض" الغراء، فعند الحديث عن مشواري أجد أن أسمي لم يصنع بسهولة بل بمشقة وتعب، وأعتقد أن "15" عاماً ليست بقليلة فقد كان فيها جهد وعطاء مستمر. بعد ذلك انتقلت إلى الإذاعة، ووجدت بيني وبينها محبة في تقديم البرامج التي تتواصل مباشرة مع المستمع، وكانت أقدم برنامج تحت اسم "مشوار" يتصل علينا من لديه همّ أو مشكلة، يكون بيننا حديثا وتجربة تفيد المتصل والمستمع، فوز عوض الخمعلي، الإعلامية الكبيرة التي ساهمت في تقديم عدّة برامج مختلفة ومتنوعة في الإذاعة والتلفزيون، ما زالت ترى أنها تستطيع تقديم عدد من الأفكار البرامجية التي تتماشى مع رؤية سمو ولي العهد محمد بن سلمان - حفظه الله - لتخاطب فيها المجتمع الداخلي والخارجي، وسترى النور إذا وجدت تفاعلا من المسؤول". فوز الخمعلي