كان الفنان الكبير طلال مداح -يرحمه الله-، نجما بكل ما تحملها هذه الكلمة، لحالته المتفردة في الفن المحلي والعربي، ليس لفنه العظيم وحسب بل هناك صفات وتعاملات يتميز فيها عن غيره، وهي الأخلاق التي جعلته في قمة المشهد وما يتعامل فيها مع الناس. شخصياً أتذكره جيداً حين التقيته في بداياتي الصحفية وأقبلت عليه شابا واعداً متهيباً من عملقته وتاريخه، سرعان ما احتواني بطيبته وعفويته وحديثه عن البدايات والكفاح في سرد قصصي عبر لقاء سريع أجريته في منزله بجدة، بمناسبة زيارة نجوم فريق نادي الاتحاد لكرة القدم بعد حصولهم على بطولة الدوري والثلاثية الشهيرة التي أعادت نادي الاتحاد حينها إلى منصات التتويج، وقدموا للنجم الراحل إهداء كأس البطولة تشريفا باعتباره أحد محبي وأنصار الاتحاد كما أعلن في غير مرة وفي مناسبات مختلفة. حين وصلت إلى منزل الرمز الكبير، وجدته يستقبلني بنفسه بكل بساطته وعفويته، سلم علي وكأني من المقربين جداً إليه، أعرفه ويعرفني منذ سنين، لم يسألني من أنت؟ أو من أي وسيلة؟ عاملني بكل تواضع وتركني في دهشة كبيرة، تقبل بساطتي في طرح أسئلتي ببساطة أكبر.. لم اهدأ إلا بفاصل الضيافة الذي أكرمني به ثم عدت لإكمال حديثي معه. حينها كان الرمز الكبير، سبباً في نجاح واعد مثلي، وظهور ذلك الحوار الصحفي بشكله المقبول، بعدما ساعدني بكل ما تحمله الكلمة من معنى بلطفه وكرم استضافته واجاباته العفوية المصحوبة بالابتسامة التي تريح الخاطر، وما كنت أتوقع يوما أن أخرج بلقاء يحدث نقلة إعلامية في مسيرتي الصحفية وتتناقله الأوساط الفنية والرياضية وغيرها. وقتها كنت مراسلا رياضياً فقط في صحيفة الاقتصادية الناهضة آنذاك، تحت إشراف أستاذ الجيل الاعلامي القدير محمد التونسي، الذي تعلمنا منه روح المبادرة وسرعة الاداء واختيار المواضيع وفن الكتابة. الراحل الكبير طلال مداح، ليس صوتاً تغني به الأرض، بل إحساساً عظيماً وعميقاً مازال ماثلاً فينا إلى اليوم، أقول ذلك وأنا أشاهد اليوم التعامل المعقد لبعض النجوم الصاعدة مع وسائل الإعلام والتعالي غير المبرر على شركاء النجاح، وانصرافهم الغريب إلى أضواء السوشال ميديا، كيف لنجم من اعمدة الفن العربي كان يولي الاعلام قيمته والجمهور تقديره.! * أين أنتم من رحابة وطيبة وفن صوت الأرض؟!