ألقى معالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي رئيس هيئة علماء المسلمين الشيخ الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى، محاضرة رئيسة ضمن الندوة الدولية «وثيقة مكةالمكرمة: إنجازات وآفاق»، والتي تنظمها منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) بالتعاون مع رابطة العالم الإسلامي في العاصمة المغربية الرباط، وبحضور معالي المدير العام للمنظمة الدكتور سالم بن محمد المالك، وعدد من قيادات المنظمة، والقيادات الدينية والفكرية الإسلامية والعالمية. الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي: الوثيقة أثبتت تميز علماء الإسلام بقدرتهم على توحيد كلمتهم في ظل تنوعهم المذهبي الكبير وألقى المدير العام ل «الإيسيسكو» الدكتور سالم المالك، في البداية، كلمة تقديمية للندوة رحب فيها بالمحاضر معالي الشيخ الدكتور محمد العيسى، منوهاً بجهود معاليه في رابطة العالم الإسلامي حيث أداؤها لوظيفتها التاريخية بحمل هموم الأمة الإسلامية وآمال أجيالها واستشراف الأفضل لمستقبلها، وترجمة ذلك تحديداً عبر مضامين وثيقة مكةالمكرمة، مؤكداً على الشراكة الوثيقة التي تجمع بين الإيسيسكو ورابطة العالم الإسلامي. د. العيسى: القبلة الجامعة بالمملكة هي الحادي لتحقيق إجماع علماء الإسلام على قضايا مهمة ذات سجال علمي وفكري واسع ثم بدأ معالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الشيخ الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى محاضرته، باستعراض أبرز ملامح وثيقة مكةالمكرمة وما امتازت به فكرتها مستعرضاً نماذج من مظاهر الاحتفاء بها في الداخل الإسلامي وخارجه ومن ذلك طلب جهات غير إسلامية تدريب مكونها الإسلامي على محتوى الوثيقة وخاصة الأئمة والخطباء والمرشدين الدينيين، مؤكداً أنها أظهرت موقف الإسلام من التشارك الحضاري والتعايش الإنساني وموقفه بشكل عام من عدد من القضايا المعاصرة الملحة، وأن الوثيقة تحمل رسالة علمائية عالمية بأفق إسلامي مستنير اضطلع به علماء الأمة حيث صادق عليها حضور مؤتمرها التاريخي من عموم مفتي وعلماء العالم الإسلامي ودول الأقليات على اختلاف طوائفهم ومذاهبهم البالغ أكثر من 1200 مفتٍ وعالم، وأكثر من 4500 مفكر إسلامي من 27 مذهباً وطائفة أتوا من 139 دولة. مدير الإيسيسكو ينوه بجهود الرابطة في حمل هموم الأمة الإسلامية وآمال أجيالها واستشراف الأفضل لمستقبلها وتطرق معاليه إلى ما أكدته الوثيقة من ضرورة احترام وجود الآخر وحفظ كرامته بحقوقه كافة مع التعايش والتشارك والتعاون الأخوي معه، مشيراً إلى تجليات الوثيقة بشأن أهمية الحوار الديني والحضاري بفاعلية مع تنبيه بنود الوثيقة إلى سلبية استدعاء مآسي التاريخ المحسوبة على أصحابها وليس الإسلام أو غيره، لافتاً إلى حرص الوثيقة على تنمية المجتمعات الإسلامية ومواجهة الفساد وترشيد الاستهلاك والمحافظة على البيئة. مقرر أكاديمية المملكة المغربية: الوثيقة بوصلة تحتاجها البشرية جمعاء في ظل الصراعات الفكرية المعاصرة كما نبه الأمين العام للرابطة على اهتمام الوثيقة بترشيد العاطفة الدينية ولاسيما لدى الشباب المسلم لئلا تنطلق دون وعي ولا رشد، مؤكداً أن خاطفي بعض الشباب المسلم لا يراهنون في سبيل تحقيق أهدافهم على شيء مثلما يراهنون على العاطفة المجردة عن الوعي، مع تحميل الأسرة والمؤسسات الرسمية الحكومية والأهلية ذات الصلة مسؤولية هذه الوظيفة التوعوية والتحصينية. د. العيسى: لوثيقة مكةالمكرمة هيئة عامة وجائزة سنوية تُعنى بدراسات وببرامج ومبادرات تفعيلها وأضاف معالي الدكتور محمد العيسى بأن وثيقة مكةالمكرمة ملأت فراغاً مهماً في إجماع علماء الأمة الإسلامية تجاه قضايا عصرية ملحة، وأنها أثبتت تميز أولئك العلماء بقدرتهم على توحيد كلمتهم بالرغم من تنوعهم المذهبي الكبير. أمين الرابطة المحمدية: الوثيقة مصدر إلهام إنساني وتابع معاليه بأن القبلة والمظلة الجامعة بمكةالمكرمة هي الحادي لتحقيق إجماع علماء الإسلام بتنوعهم المذهبي على قضايا مهمة ذات سجال علمي وفكري واسع، مبيناً بأن لوثيقة مكةالمكرمة هيئة عامة وجائزة سنوية تُعنى بدراسات وببرامج ومبادرات تفعيلها حول العالم. واختتمت المحاضرة التي ألقاها معاليه بعدد من المداخلات التي حللت مضامين وثيقة مكةالمكرمة ودورها في خدمة الرسالة الإسلامية وإيضاح حقائقها الناصعة وأهميتها للداخل الإسلامي في تفاعل مكوناته مع بعضها وتفاعلها مع خارجها، وفي اعتمادها مرجعية شاملة في مؤسساته الرسمية التعليمية والفكرية والثقافية والدينية، إضافة إلى أهميتها كذخيرة إسلامية عصرية أصيلة للمسلمين في البلدان غير الإسلامية في تعايشهم وتفاعلهم مع محيطهم. رئيس المركز المغربي للدراسات والأبحاث يدعو لإدراج وثيقة مكة في المناهج الدراسية في العالم الإسلامي وفي هذا الإطار أكد الدكتور أحمد السنوني، الأمين العام المساعد للرابطة المحمدية للعلماء بالمملكة المغربية، أن وثيقة مكةالمكرمة تمثل في بنودها وتوجهاتها ومبادئها الغنية والأصيلة مصدر إلهام على الصعيدين الفردي والجماعي باعتبارها وثيقة إنسانية في أهدافها وأبعادها الوظيفية. فيما أبرز الدكتور خالد الصمدي، رئيس المركز المغربي للدراسات والأبحاث التربوية، كاتب الدولة السابق في وزارة التعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي في المملكة المغربية، البعد التربوي لوثيقة مكةالمكرمة، مؤكد أنها صححت الكثير من المفاهيم، ورسخت العديد من القيم، وعملت على تنمية مهارات تدبير الاختلاف، وبالتالي يلزم إدراجها في المقررات والمناهج الدراسية في الدول الإسلامية أخذاً بالاعتبار أبعادها الكونية والدولية ومخاطبتها ليس فقط المسلمين بل كل البشرية على اختلاف أديانها وثقافاتها. كما أوضح الدكتور مصطفى الزباخ، مقرر أكاديمية المملكة المغربية، أن الوثيقة بمثابة بوصلة يحتاج لها العالم الإسلامي اليوم والبشرية جمعاء في ظل الاضطرابات والصراعات الفكرية التي يشهدها العالم اليوم، كما أن الوثيقة تسعى إلى تحرير العقل الإسلامي من سجون المفاهيم المضللة بهدف بناء فهم متجدد للإسلام. وقدم الدكتور المحجوب بنسعيد، الباحث في علوم الاتصال والحوار الثقافي، الخبير المتعاون مع رابطة العالم الإسلامي، عددا من المقترحات لتعزيز الصبغة الدولية لوثيقة مكةالمكرمة، خاصة الجانب المتعلق بالحقوق المدنية والدينية والثقافية وبسن التشريعات التي تحد من الكراهية وتعزز قيم العيش المشترك، والتعريف بمضامين وتوجهات الوثيقة بين أوساط الجاليات والأقليات المسلمة في العالم. جانب من المحاضرة