تكمن قوة المسلسلات والمسرحيات في تأثيرها الجماهيري، وحتى لو كانت قصصها مُختلقة من وحي الخيال، إلا أن نجاحها الكبير يقاس بقدرتها على خلق تعاطف جماهيري تجاه الشخصيات التي تشكّل بدورها الجزء الأهم والأكثر إنسانيةً في تفاصيل القصة. وبالنظر لعالمنا الرقمي اليوم، الزاخر بالمواقع والمنصات الاجتماعية، والملهيات المتجددة، بات الجماهير أقل احتمالية للانغماس في تفاصيل رواية أو مسرحية أو مسلسل كما هو الحال قبل عقود من الزمان. ومما يجعل القصة أو السيناريو ناجحا أكثر في عالمنا المعاصر هو كونها قادرة بالفعل على الاحتفاظ باهتمام الجماهير، وخلق شعور مستدام بالتعاطف مع شخصياتها.. هذا الأمر بدا واضحاً في التعاطي الجماهيري العربي مع مسلسل (2020) المعروض على شاشة أم بي سي خلال شهر رمضان المبارك. تشير النظريات الإعلامية العلمية إلا أن شعور الجماهير بالتعاطف لا يختلف في حال كانوا شاهدين بالفعل على الحدث شخصيًا، أو هم مجرّد متابعين للمشاهد في اتصال تلفزيوني يتبع نموذج الاتجاه الواحد one-way communication، بحسب دراسة منشورة عن جامعة «كينت ستيت» الأميركية للباحثة لينزي هان (عام 2013: صفحة 10) لاسيما إذا تزامن مع التعاطف كثافة في الاستهلاك الإعلامي لذات المحتوى.. لقد نجح مسلسل 2020 ببراعة في خلق تعاطف جماهيري مع شخصياته المتمثلة في سما (محققة) تضطر للعب شخصية وهمية بإسم «حياة» للتحايل على «صافي» تاجر مخدرات والدخول في عوالمه، وما إن يقع الاثنين في حب بعضهما حتى تصبح هذه المهمة الأمنية في موضع خطر مما يدعونا للتعاطف مع «حياة» وأيضاً مع «صافي» حيث إن لدى كل منهم خلفيات إجتماعية يصعب الفكاك منها، كانت هي السبب في دخول الاثنين لعوالم بعض.. هذا الحب المعقد، والاختلاف الطبقي والنوعي بين الشريكين، والتداعيات الأمنية في القصة جعلت النهاية مأساوية لكلا الطرفين.. ولكن، لكل عمل ناجح ورائع هناك انتقادات لا يلتقطها سوى المختصين. مسلسل 2020 رغم كونه مصنّفا كأقوى مسلسل عربي لهذا العام ضمن تصنيف شاهد نت Top 10؛ إلا أن لدي تحفظات من وجهة نظر تخصصية على أمرين فيه: أولاً، الكثافة الكبيرة والمبالغ فيها لمشاهد تدخين البطل حتى في سياقات لا تستدعي الدخان. وثانيًا، تكرار مشاهد العنف أو إطالتها بشكل قابل للمعالجة أو التخفيف. بالنسبة للتدخين في المحتوى الإعلامي فيعد لدى بعض الدول مخالفة إعلامية كبيرة تستوجب الغرامة / المخالفة، فعلى سبيل المثال، حظرت وزارة الصحة الأميركية إعلانات الدخان في التلفاز والراديو كما تقوم هيئة الاتصالات البريطانية (اوف كوم) بإحصاء مشاهد التدخين في المسلسلات والأفلام البريطانية بهدف الرصد والموازنة والتنظيم. وفي النهاية، ما هذه إلا وجهة نظر تخصصية ناقدة لعمل درامي عربي ناجح، تم بثه في منصة سعودية رائدة في مجال البث عند الطلب وهي «شاهد. نت».