يأتي العيد لتستريح فيه الأنفس ولتبتهج بالبشر والسرور، والشعور بالسعادة هو اختيار في المقام الأول، يقول وليم جيمس الأب الروحي لعلم النفس الحديث: (أشعر أنني سعيد فتأتيني السعادة، وأتصرف كأنني شجاع فتواتيني الشجاعة)، وصرح علماء النفس أن تغيير وضعية الجسد يغير من الحالة النفسية، والعكس صحيح، بمعنى أنك إذا كنت تشعر بمزاج معتل، فما عليك إلا أن تغير وضعية جسدك، انصب قامتك، شد كتفيك للخلف ارسم ابتسامة - ولو اصطناعية في أول الأمر - على وجهك ركز على شيء جيد وطيب في حياتك وستفاجأ أنك سرعان ما خرجت من الشعور بالضيق إلى الشعور بالراحة النفسية، وهذا ما يحدث لنا عندما ننوي أن نبتهج بالعيد. عرّف علم النفس السعادة بأنها نتائج الشعور أو الوصول لدرجة رضا الفرد عن حياته أو جودة حياته، أو أنّها الشعور المُتكرر لانفعالات ومشاعر سارّة، وفيها الكثير من الفرح والانبساط، وهذا يعني أنّ السعادة في علم النفس، مفهومٌ يتحدّد بحالة أو طبيعة الفرد، فهو من يقرر سعادته من تعاسته، أو أنّ الأمر منوطٌ به، وبطبيعة تفاعله مع الظروف المحيطة، والمواقف الحياتية التي يمرّ بها. قديماً قدّم أفلاطون شرحاً أو توضيحاً للسعادة، معتبراً إياها من فضائل النفس، التي شملت عنده الحكمة والشجاعة وغيرها، منوّهاً إلى عدم قدرة الإنسان على الوصول للسعادة الكاملة إلا عند انتقاله للعالم الآخر، في حين اعتبر أرسطو السعادة إحدى نعم الله وهباته على الناس، محدداً في الوقت ذاته بعض الأمور، التي تتشكّل بناءً عليها السعادة وهي؛ صحّة الجسد وعافيته من الأمراض، وتوفّر المال، والنجاح في العمل، وتحقيق الأهداف، بالإضافة إلى سلامة العقل، وصحّة الاعتقاد، والتمتع بالسمعة الحسنة بين الناس في المجتمع. هناك عدة أنواع للسعادة؛ منها السعادة القصيرة أو المؤقتة: وهي التي تدوم لفترةٍ قصيرةٍ من الزمن، وغالباً ما ترتبط بموقف أو حدث سار عابر، يشعر به الفرد لبعض الوقت، بعدها يعود إلى حالته الانفعالية العادية، المرتبطة بشخصيته أو كينونته الداخلية. وهناك السعادة الطويلة المدى: وهي التي تدوم لفترةٍ زمنيةٍ طويلة، ولعل أغلب الناس يبحثون عنها، ويتمنون الحصول عليها، كونها تُعطي المرء شعوراً مستمراً بالسعادة، ما يُحسّن حياته، ويجعله ينطلق بكلّ إيجابيةٍ ورحابةٍ نحو الحياة. وللوصول إلى السعادة لابد من الاستمتاع بأدنى وأبسط تفاصيل الحياة، والعمل من أجل الأفضل، وتحسين جودة الحياة، سواء من الناحية المادية، أو من الناحية الجسدية. وترك المعتقدات والأفكار السلبية، وتغيير طريقة التفكير نحو ما يكفل شعور الإنسان بالسعادة. وتجديد الحياة، والتخلّي عن النمطية والروتين فيها على كلّ الصعد. والتواصل مع الناس، وعدم الانعزال اجتماعياً، فقد يكون سبب عدم الشعور بالسعادة، توقف الفرد عن التفاعل مع الناس، ومشاركتهم الأجواء الاجتماعية الطبيعيّة. وتجنّب التحسر على الماضي، مقابل الإصرار على البدء من جديد، والاستفادة من الدروس الماضية قدر الإمكان. تفادي التعامل مع الأشخاص الذين لا يؤمنون بالسعادة أو جدوى الشعور بها. العيد فرحة ومتعة وسعادة، فلنفرح ولنستمتع ولنسعد، وكل عام وأنتم بخير.. والوطن بخير.