عمس سياسي يغلق فضاءات الوعي يجعل لبنان في حالة غازية تتلاشى من خلالها قيمته، وتذوب هويته، وتسقط حدوده في غياهب الذل السقيم. تاريخ مملوء بالخيبات، وجغرافية مستباحة، وزمن ممتد في الفشل.. لم تجف جريمة مرفأ وتُرفع أنقاضها، وتظهر حقائقها حتى تنقل أعفاش لبنان إلى مساحات العبث، وأوكار الاختطاف الإيراني. هل هناك عقلاء في لبنان.. مؤكد فبلد الثقافة والزينة والجمال الذي عرفناه قديما فيه من العقلاء كثر لكن لا حول ولا قوة لهم.. مسلوبي الإرادة ، وفاقد الإدارة.. اليوم لبنان يقدم صورته كدولة مسروقة من عصابة مندوبة شكلت محور مقاومة لحرية لبنان، وممانعة لنهضته، وحصنا لتطوره. أمس واليوم وغدا انغمرت سويسرا الشرق في محيطات التخبط السياسي والطمر الاقتصادي.. وتشوهت زينته بمساحيق الهروين، وأصباغ الكوكائين، ومساكر الكبتاغون.. حزب إيران يسوق لبنان إلى تشرد فضائي، وعزل عالمي عن واقعها الحقيقي.. والعقلاء صامتون، حائرون، خانعون، وغير العقلاء تابعون، منافقون، انتهازيون.. هل يدرك سكان لبنان ذلك؟ نعم يدركون لكن هناك من هو مغلوب على أمره، ومقصوصة رغبته، ومنبوذ اتجاهه. تساؤلات تستثار دوما حول هذا البلد المخطوف، ومكوناته الهشة التي بنيت على سفسطائية حزبية مقيتة، وبرغماتية بغيضة شقت كعكة لبنان بظلم طاغ، في كل مشهد تراجيدي هم يتجاهلون فيبتعدون، يستشغون ثياب القبح، ويضعون أصابع الطمع في آذانهم. اليوم يُسلخ لبنان بسواطير التطبير الفارسي، ويقضى عليه كدولة يفترض لها سيادة واضحة، وكيان ثابت، وهوية أصيلة.. الكل يدرك حجم الفخ الكبتاغوني وحزبه الشيطاني الذي يطمس مصالح البلاد، ويُغرِقها في مستنقعات الشيطنة، وبتر العلاقات مع العرب وغيرهم. ويبقى اللبناني النقي هو الذي يستبصر واقع دولته واعتقالها من جانب الشيطان المعمم وزمرته الطاغوتية، ويستوعب اللبناني الحقيقي المخلص لبلده وعروبته مدى المرض الحزبي الموجه الذي يفتت بلاده. يتوجب على الرجل اللبناني الذي ينافح عن بلده بعزيمة نقية، ونيات مخلصة أن يتحرك باتجاه مقاومة هذا العداء المستفحل الذي أزال لبنان من خارطته الحقيقية وقلبه إلى معقل لتصدير المخدرات والأسلحة بدلا من الماركات والحلوى والموضة.. يجب أن يعرف عدوه في بلده ويحدد من الذي يقتل وطنه ويضعه في دائرة البغض قبل أن يندفع إلى غيره، وعليه مراجعة تاريخ ومصائب بلاده منذ بداية الثمانينات، وتكسر اتفاقيات الأمان والتنمية. اللبناني المخلص عليه أن يواجه مصيره الذاتي بوازع وطني لا رابط حزبي، وعليه أن يكون مع أرض لبنان ووحدتها وشعبها وخيراتها ومصالحها وينبذ عصابات الإفساد والتخريب ويسأل دوما من دمدم قضية مرفأ بيروت؟ وأين حق الوطن والأبرياء في هذه الجريمة؟ ومن جعل سويسرا الشرق حفرا ومصانع للمخدرات والإسكوباريات؟ وأين ومع من تكمن مصلحة أبناء ومستقبل لبنان؟