تحتل المملكة العربية السعودية مركزاً محورياً في قلب العالمين الإسلامي والعربي، وأرضاً لها تاريخ غني وشامخ، ورؤية المملكة هي رؤية طموحة لأمة طموحة، وقد طوّعت المملكة قوتها الاستثمارية لخلق اقتصاد أكثر تنوعاً واستدامة، وسخّرت موقعها الاستراتيجي لتعزيز مكانتها كمحرك رئيس للتجارة الدولية، وربط القارات الثلاث "إفريقيا وآسيا وأوروبا". وفي هذا الشأن قال الاقتصادي د. سالم باعجاجة: رؤية 2030 حققت خلال الخمس سنوات الماضية إنجازات كبيرة من خلال المبادرات والتشريعات والبنى التحتية التي وضعتها الدولة في المرحلة الأولى، واستطاعت بناء قاعدة اقتصادية قوية ومتنوعة، وقال باعجاجة: تلك المبادرات حسّنت من الاقتصاد الكلي وخاصة على مستوى قطاع المنشآت الكبيرة والصغيرة والمتوسطة. ولفت باعجاجة، إلى ما قامت الدولة به في دعم تلك المنشآت وإطلاق عدة مبادرات اقتصادية، من خلال القطاع المصرفي الذي كان له دور كبير في تحريك عجلة الاقتصاد الوطني. ونوه باعجاجة، إلى الإنجازات الاقتصادية الكبيرة التي حققتها الرؤية في التخفيف من آثار جائحة كورونا على الاقتصاد الوطني، والسعي في مسيرة المتابعة الفعلية لرؤية 2030. من جهته أكد الاقتصادي عقيل بن كدسة، على أن هدف رؤية 2030 السير بجميع القطاعات ورفع كفاءتها وجعل المملكة في مصاف الدول المتقدمة في العالم في جميع القطاعات، وأضاف: "اليوم ونحن نكمل خمس سنوات منذ انطلاق رؤية المملكة 2030، نجد أهم النتائج التي تتعلق بجودة الحياة ومنها -للتعداد وليس الحصر- تسهيل الحصول على الخدمات الصحية، وخفض معدل حوادث الطرق، ورفع نسبة الممارسين للرياضة، ورفع كفاءة الإنفاق الحكومي، وسرعة ورفع كفاءة الاستجابة لأي متغيرات اقتصادية. وأشار بن كدسة، إلى استعراض المجلس المبادرات الهادفة إلى توفير بيئة تدعم إمكانات الأعمال وتُوسّع القاعدة الاقتصادية، وتضَاعُف أصول صندوق الاستثمارات العامة لتصل إلى نحو 1.5 تريليون ريال في عام 2020م بعد أن كانت لا تتجاوز 570 مليار ريال في 2015م، وتجدر الإشارة إلى أن معدل تدفقات الاستثمارات الأجنبية دولياً قد انخفض بمقدار 58 % منذ العام 2015م، إضافة إلى نمو تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في السعودية لتصل إلى 17.625 مليار ريال بنسبة ارتفاع وصلت إلى 331 % بعد أن كانت 5.321 مليارات ريال قبل إطلاق الرؤية، كما شملت تلك المبادرات إطلاق مشروعات كبرى لتسهم في رفاهية المجتمع وتوفير الوظائف وجذب الاستثمارات العالمية، ومن أهمها: نيوم، والقدّية، ومشروعات البحر الأحمر، وغيرها. ونوه بن كدسة، إلى تطوير القطاع المالي التي شملت انضمام السوق المالية السعودية "تداول" إلى مؤشري الأسواق الناشئة MSCI" "و "Standard & Poor's Dow Jones"، مما سهل على المستثمرين الأجانب الاستثمار في المملكة العربية السعودية، حيث ارتفعت قيمة ملكياتهم في السوق بنسبة 195.9 % لتصل إلى 208.3 مليارات ريال بنهاية عام 2020م، وبنسبة ملكية بلغت 12.8 % من إجمالي قيمة الأسهم، كما جرى إنشاء مركز "فنتك السعودية" بهدف فتح الخدمات المالية لأنواع جديدة من الجهات الفاعلة في مجال التقنية المالية، وتطوير الصناديق والمسرّعات والحاضنات التي تركز على التقنية المالية لتوفير رأس المال الجريء والتمويل بالأسهم وتحفيز بيئة ريادة الأعمال. وأسهمت هذه الإنجازات في جعل السوق المالية السعودية "تداول" إحدى أكبر 10 أسواق مالية حول العالم. وأكمل بن كدسة، "تمكن أداء المركز الوطني لإدارة الدين العام خلال الخمسة الأعوام الماضية منذ تأسيسه من دعم الميزانية العامة للمملكة بما يقارب 897 مليار ريال". ونوه، بما تحقق من إنجازات في مجالات استحداث وظائف للمستقبل ودعم الابتكار، عبر دعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة كأحد أهم محركات النمو الاقتصادي، وأبرزها تقدم المملكة للمرتبة ال12 في مؤشر توفّر رأس المال الجريء في تقرير التنافسية العالمية 2020م، إضافة إلى تحقيق المملكة المركز الثالث عالمياً في مؤشر حماية أقلية المستثمرين، كما تقدمت المملكة في تقرير التنافسية العالمي 2020م إلى المرتبة ال 24 عالمياً وقد كانت في المرتبة ال 39 في عام 2018م، فيما زادت مشاركة المرأة السعودية في القوى العاملة لتصل إلى 33.2 % عام 2020م بعد أن كانت 19.4 % في عام 2017م، إضافة إلى تطوير القوانين التي تحمي وتعزّز حقوقها على المستويات الشخصية والمهنية. وبين بن كدسة، نمو نسبة الناتج المحلي غير النفطي من الناتج المحلي الإجمالي لتصل إلى 59 % في عام 2020م بعد أن كانت 55 % في عام 2016م. كما ارتفعت الإيرادات غير النفطية لتصل إلى 369 مليار ريال في عام 2020م بعد أن كانت 166 مليار ريال في عام 2015م بنسبة زيادة وصلت إلى 222 %، فيما زاد عدد المصانع بنسبة 38 % ليصبح 9,984 مصنعًا مقارنة ب 7,206 مصانع قبل إطلاق الرؤية. وتزامن ذلك مع إطلاق مبادرات رائدة، منها: إطلاق برنامج "صنع في السعودية"، وإطلاق برنامج "شريك"؛ لتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص وزيادة وتيرة نمو الناتج المحلي الإجمالي، وإنشاء بنك التصدير والاستيراد، وإطلاق نظام الاستثمار التعديني. وعن الاقتصاد الرقمي أشار، حصلت المملكة في المركز الأول في التنافسية الرقمية على مستوى مجموعة العشرين، وتحقيق المركز الأول عالميا في سرعة الإنترنت على الجيل الخامس وتغطية ما يزيد على 60 % من المدن الرئيسة و45 % من المدن الأخرى عبر نشر أكثر من 12 ألف برج يدعم تقنية الجيل الخامس وتحقيق المرتبة السادسة ضمن المجموعة العشرين في المؤشر العالمي للأمن السيبراني التابع للاتحاد الدولي للاتصالات، والتوسع في تغطية شبكة الألياف الضوئية حيث غُطي 3.5 ملايين منزل في المناطق الحضرية بشبكات الألياف الضوئية في عام 2020م، بعد أن كانت 1.2 مليون منزل في عام 2017م. بالإضافة إلى جذب أكبر استثمارات التقنية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بصفقات تجاوزت ستة مليارات ريال في قطاع الحوسبة السحابية. وأوضح بن كدسة، أن الإنجازات شملت الصعيدين الوطني والدولي، منذ انطلاق رؤية المملكة 2030، وهي تأسيس المملكة مجموعة "أوبك بلس" لمنتجي البترول، الذي توصّل في عام 2020م إلى إنجازٍ تاريخي تمثل في تحقيق أكبر خفضٍ في الإنتاج عرفته السوق البترولية، مما أسهم في إعادة الاستقرار والتوازن إلى الأسواق العالمية ومواجهة آثار جائحة كورونا على الاقتصاد العالمي، كما شجعت المملكة مفهوم الاقتصاد الدائري للكربون الذي تبنته مجموعة العشرين، مبرهنة على التزام المملكة بحماية البيئة ومكافحة التغيُّر المناخي في إطار اتفاقية باريس، والمواثيق الدولية ذات العلاقة. وقال: افتُتحت أول مشروعات مبادرة خادم الحرمين الشريفين للطاقة المتجددة، وهو مشروع محطة سكاكا لإنتاج الكهرباء، كما تم الإعلان عن مشروعات أخرى لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية، في مناطق مختلفة من المملكة، وقد حققت بعض هذه المشروعات أرقاما قياسية جديدة تمثلت في تسجيل أقل تكلفة لشراء الكهرباء المنتجة من الطاقة الشمسية في العالم. وقُدّرت الطاقة الإجمالية لهذه لمشروعات بما يزيد على 3600 ميجا وات؛ ستوفر الطاقة لأكثر من 600 ألف وحدة سكنية. هذا إلى جانب عدد من مشروعات الطاقة النظيفة لإنتاج الهيدروجين والأمونيا. ولفت بن كدسة، ستسهم مشروعات الطاقة المتجددة في تنويع مزيج الطاقة المستخدم في إنتاج الكهرباء، بحيث سيكون إنتاج الكهرباء من الطاقة المتجددة والغاز بنسبة 50 % لكلٍ منهما بحلول عام 2030م، وسينتج عن هذا إزاحة ما يقارب مليون برميل بترولي مكافئ من الوقود السائل. كذلك شهد قطاع الكهرباء خطوات واضحة ومدروسة باتجاه تعزيز كفاءته وفاعليته واستدامته، تمثلت في إعادة هيكلة القطاع، وصدور النظام الجديد للكهرباء، وإعادة تنظيم هيئة تنظيم المياه والكهرباء. كما تم تركيب أكثر من عشرة ملايين عداد إلكتروني ذكي، في خطوة باتجاه رقمنة القطاع. كما شهدت الصناعة البترولية السعودية اعتماد تطوير حقل الجافورة العملاق للغاز الطبيعي، واكتشاف خمسة حقولٍ جديدةٍ للزيت والغاز، ومواصلة تكامل قطاعي البترول والبتروكيميائيات. ونوه، إلى تمكّن برامج رؤية المملكة 2030 من رفع نسبة التوطين في القطاع لتصل إلى 8 % مع نهاية عام 2020م بعد أن كانت 2 % في عام 2016م. كما أُطلق ولأول مرة في تاريخ المملكة برنامج تراخيص مزاولة أنشطة الصناعات العسكرية، حيث جرى الترخيص ل 91 شركة محلية ودولية، بواقع 142 ترخيصًا تأسيسيًا.