إن الحديث عن نجاعة وقيادة وحصافة قيادتنا يبدأ ولا ينتهي؛ فأن تعيش في دولة تحيل التحديات والأزمات فرصاً واعدة ومستقبلاً وثراء وكسباً ونماء؛ فهو حدث إعجازي يثبت للعالم بأجمعه أننا ماضون للمستقبل بطاقة الحياة التي لا تقبل تواكلاً أو تباطؤاً أو اقتياتاً على الوهم.. هناك أُممٌ ضعيفة، ودولٌ صغيرة تصطنع لها ألقاباً كبيرة لتتمجّد بها، وتحاول أن تضع لنفسها رأسمالاً رمزيّاً لتتباهى به. لكن المآل والحكم الفاصل للأثر والمُنجَز؛ وللواقع المُشاهَد والمُعايَن؛ إن كان مطابقاً لواقع الحال فحُقّ لها هذا التباهي والزهو؛ بل هو حقّ مشروع لا مُزايدة عليه ولا انتقاص. من هنا فإنه يبدو مُبرّراً ومُسوَّغاً أن نباهي ونفتخر بهذا العهد الجديد؛ و"المملكة الجديدة" التي تشرئبّ إليها الأعناق والآمال والأنظار. هذه "المملكة الجديدة" الضاجّة بالحيوية والشباب والنضارة والطاقة الحيوية الوثّابة التي تسابق الزمن وتقارع التحديات وتفتح كوّة المستحيل لتدشّن عهداً جديداً لا يملك المتابع إلا أن ينشده منه ويصادق على عظمته وتفرّده. حينما أطلق سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان عبارة "المملكة الجديدة" في ثنايا حديثه بعد تدشين سموه برنامج تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص المخصص للشركات المحلية؛ بهدف تطوير الشراكة بين القطاعَيْن الحكومي والخاص، وتسريع تحقيق الأهداف الاستراتيجية المتمثلة في زيادة مرونة الاقتصاد، ودعم الازدهار والنمو المستدام. حين أطلق سموه هذه العبارة "المملكة الجديدة" فإن الانطباع الذهني الذي يخرج به السامع يدرك دلالات وظلال هذه العبارة والتوصيف. فهي جملة عميقة وكثيفة تبث طاقات الحياة والحيوية والإيمان بالمستقبل الرغيد الواعد. وكما لمس المتابع الحصيف لأقوال سموه فإنها بالغة الدقة والعمق والإيجاز والتكثيف المدعّم بالأرقام والوقائع؛ ولا يخالطها المبالغة أو التهويل. لغة محايدة ترفدها الأرقام والشواهد الدالّة الواصفة لمقتضى الواقع. وحين قال سموه: إن السعودية ستشهد خلال السنوات المقبلة قفزة في الاستثمارات، بواقع ثلاثة تريليونات ريال، يقوم بضخها صندوق الاستثمارات العامة حتى العام 2030 كما أُعلن مطلع العام الجاري، إضافة إلى أربعة تريليونات ريال سيتم ضخها تحت مظلة الاستراتيجية الوطنية للاستثمار، وستُعلَن تفاصيلها قريبًا؛ وبذلك يكون مجموع الاستثمارات التي سيتم ضخها في الاقتصاد الوطني 12 تريليون ريال حتى العام 2030. وهذا لا يشمل الإنفاق الحكومي المقدر ب10 تريليونات ريال خلال السنوات العشر المقبلة، والإنفاق الاستهلاكي الخاص المتوقع أن يصل إلى 5 تريليونات ريال حتى 2030؛ ليصبح مجموع ما سوف ينفَق في المملكة العربية السعودية 27 تريليون ريال (7 تريليونات دولار) خلال السنوات العشر المقبلة". هذه الأرقام البالغة الضخامة حدث اقتصادي وتنموي تاريخي خليق بالإعجاب والإكبار؛ ولم ولن يكون حدثاً عاديّاً. ولذلك يقال: إن الانتعاش الاقتصادي لا يتأتى من معجزة، بل إنه يأتي نتيجة تطبيق سياسات اقتصادية سليمة، وأن أفضل سياسة اقتصادية هي حصر الدور الحكومي في خلق الظروف التي تسمح للأفراد بانتهاج الأهداف الخاصة بهم، وأن الحكومة الناجحة لديها القدرة ونجاعة القيادة في خلق الفرص المواتية التي تهيّئ المناخ الاقتصادي والاستثماري الفعال والمثالي؛ فالحكومات الناجحة ترفد القطاع الخاص وتعزّز وجوده وأدواره عبر تسهيل أعماله وتوفير الأرضية الصلبة له مدعومة بالتشريعات القوية التي تساعده على النمو والتقدم والمساهمة في إحداث الأثر الاقتصادي، وهو ما رأيناه واقعاً متجسّداً في جهود المملكة العظيمة بتوجيهات سديدة من سمو ولي العهد من خلال إطلاقها برنامج "شريك". وحين يلفت سمو ولي العهد إلى حجم الإنفاق الضخم الذي يفوق ما تم إنفاقه على المملكة منذ ثلاثة قرون منذ تأسيس المملكة العربية السعودية الأولى؛ وتاريخ المملكة ما قبل النفط وما بعده. إن هذا الحدث بكامل بهائه وإشراقته الدالة على التفوق المذهل لمملكتنا الجديدة يجعل طاقات الأمل والثقة واليقين في مستقبل أجيالنا حديث العصر وملمحه الأجمل والأبرز. إن الحديث عن نجاعة وقيادة وحصافة قيادتنا يبدأ ولا ينتهي؛ فأن تعيش في دولة تحيل التحديات والأزمات فرصاً واعدة ومستقبلاً وثراء وكسباً ونماء؛ فهو حدث إعجازي يثبت للعالم بأجمعه أننا ماضون للمستقبل بطاقة الحياة التي لا تقبل تواكلاً أو تباطؤاً أو اقتياتاً على الوهم. بل عمل دؤوب واثق وسياسة اقتصادية ونمائية رصينة قوية ومتبصّرة.