من يتابع ساحة الشعر عندما يقرأ أبياتا مجهولة القائل: فإنه على الفور يقول: هذه بصمة الشاعر فلان. قد لا يجزم بنسبتها لشاعر محدد، ولكنه يؤكد أن بصمة فلان من الشعراء واضحة في تلك الأبيات والقصيدة. قد يكون هو قائلها أو شاعر آخر قلد ذلك الشاعر أو تأثر به، والمهم أن لكل شاعر بصمة تتضح في المعاني خاصة والأغراض بالإضافة إلى الأسلوب. ولقد جرت عادة من يتناول الترجمة أو التقديم لأي شاعر أن يعطي صفة نتاجه الشعري، فيصف أحدهم بالحكمة وآخر بالنصح. ومعروف أنه يوصف بعض الشعراء بالهجاء أو المدح أو غيره، فيقال: هذا شاعر الحكمة، أو شاعر الوصف أو الشاعر الوجداني أو الساخر، أو أي صفة تكون معبرة عن وصف عموم شعره التي اصطبغ بها، سواء كان الشاعر معاصرا أو في عصر مضى. فوصف قصائد الشاعر راشد الخلاوي غير وصف قصائد الشاعر حميدان الشويعر، وشعر ابن لعبون غير وصف شعر محسن الهزاني، كما أن وصف شعر مرشد البذال غير وصف شعر رميزان بن غشام أو جبر بن سيار وهكذا. ولا يمكن أن نقول: هذا شاعر المعنى أو الحكمة إلا إذا كان الغالب في شعره يقول ذلك ويؤكده. وقد تدخل المجاملة أحيانا محاباة لهذا أو ذاك، وربما من باب التلطف، وربما يساء لبعضهم بوصف لم يكن من صفات شعرهم ولا مضامينه. لكن لا يصح إلا الصحيح ولا عبرة للمجالات ولا ضدها، فالشاعر هو الذي يأخذ بالأسلوب والمعاني التي مع الاستمرار تكون بصمة له يعرف بها شعره. وفي الغالب فإن ثقافة الشاعر وتجاربه وقناعاته وتصوراته وأغراض تجذبه، هي التي تكون بصمته. فهناك شاعر يلتزم بالمدح دائما، ولم يعرف في شعره بيت ذم أو هجاء، وهناك شاعر يلتزم الحكمة في قوله، فلا يخلو شعره من الحكم، ومثله من يلتزم النصح والإرشاد.. إلخ يقول الشاعر: أحمد بن عبدالرحمن العريفي (نديم المجرة) صاحبي وقف جزاك الله خير انزل وأذن نبي نصلي العصر لاقضينا الفرض سو اللي يصير الصلاة ابدا علي من كل امر خلنا نرتاح أتعبنا المسير طوَل المشوار والسكة وعر ودنا نجلس على جال الغدير ونتمتع بالربيع وبالزهر ريحة القيصوم والشيح العطير تنعش قلوبٍ توطاها الكدر خيمةٍ بالبر مفروشه حصير تسوى عندي فلةٍ وسط الخبر شب نارك دامنا وقت العصير بهر الدلة وقرب لي التمر آه من جرحٍ لجا باقصى الضمير ما يطيب الجرح والدنيا قهر والقهر لاصرت محتاج لحقير حاجتك عنده ولا عنها مفر وأنت مضطرٍ ولا لك من مطيَر هذه والله قاصمة الظهر يتركك تمشي بخطٍ مستدير لا قضى اللازم ولا قدم عذر وإن نخيته جاك مكسوفٍ حسير وإن بدا له غرةٍ منك غدر وانهزم عنك مثل زول البعير مرخيٍ راسه تقل يتبع أثر تزكي الاحرار لاصاح النذير لانخيت الحر جا يهدر هدر يرتكي للحمل لو حمله عسير ما يمل الحمل لو حمله كثر وان زبنته خايفٍ به مستجير دون عمرك حط ماله والعمر وش يجيب السيف للموس الشطير ذا لقص الراس وذا لقص الشعر لا يغرك منظر العود النظير كل عودٍ يرجع أصله للبذر وان بدا لك لازمٍ لو هو صغير قبل أخذ الشور والعزم استخر شف حبال الليف مع كثر الجرير شق دربه في جلاميد الصخر وإن وصلت لقمة التل لا تسير ما ورى القمة ترى إلا منحدر والعوافي نومةٍ عقب الاخير فوق طعسٍ ناعمٍ رمله حمر ويقول الشاعر سعود عايد العلوي الحربي: من تخلى عنك في وقت اللزوم لا تحطه صاحبٍ تشره عليه دام ما هو ساعة الفزعة يقوم خاب ظنك ياطويل العمر فيه وش يفيدك بالسوالف والعلوم وأنت ما حصلت حاجة لو تجيه مثل ليلٍ فيه ياكثر الحلوم والنتيجة ما لقيت اللي تبيه ناصر الحميضي