بعد أشهر من الانتقادات الديموقراطية الحادة لسياسات دونالد ترمب تجاه المهاجرين، بدأت إدارة جو بايدن تواجه أزمة "حدود" غير مسبوقة منذ عشرين عاماً تتمثّل بإقبال تاريخي من المهاجرين غير الشرعيين على دخول الولاياتالمتحدة بطرق غير قانونية. ويصل كل يوم الآلاف من المهاجرين غير الشرعيين من دول أميركا الجنوبية والوسطى، قادمين مع أطفالهم وأسرهم مع تصوّر بأن عهد الرئيس جو بايدن يعني حدوداً مفتوحة ودخولاً يسيراً للولايات المتحدة. ودفعت الفوضى على الحدود إلى ترحيل آلاف المهاجرين وإعادتهم إلى بلدانهم مع إعفاء الأطفال الذين وطأت أقدامهم الأراضي الأميركية من العودة ما خلق أزمة جديد متعلّقة بأطفال المهاجرين الذين تم فصلهم عن ذويهم. ونشرت صحيفة "أكسيوس" الأميركية تسريبات عن احتجاز الأطفال على الحدود إلى مدة تصل إلى 10 أيام، بينما يسمح القانون عادة باحتجازهم لمدة 72 ساعة كحد أقصى، كما كشفت الوثيقة عن احتجاز ما يصل إلى ثلاثة آلاف طفل في غرف تتسع لحوالي المئتي شخص فقط. وأمام الانتقادات الحادة التي تواجهها إدارة بايدن، قال بايدن في مقابلة لقناة أميركية: إنه لن يتراجع عن سياساته الجديدة بشأن المهاجرين، والتي تقضي بتقليص أعداد المرحّلين من الأراضي الأميركية، على الرغّم من ارتفاع أعداد المرحّلين في الأيام الأخيرة بسبب فرض حالة الطوارئ المتعلّقة بانتشار "كورونا" على الحدود. وانتشرت صور على الحدود الأميركية مع المكسيك لمهاجرين مع أسرهم وأطفالهم يرتدون قمصاناً كتب عليها "بايدن، من فضلك دعنا ندخل" وهم راكعون أمام حرس الحدود الأميركي الذي منعهم من العبور. ويقطع المهاجرون من دول وسط أميركا طريقاً طويلة ومحفوفة بالمخاطر قبل الوصول إلى الحدود الأميركية هرباً من الأزمات الطبيعية التي تعصف ببلدانهم وجرائم العصابات والفقر المدقع الذي تعاني منه دول مثل هندوراس. وأخبر عدد من المهاجرين العالقين على الحدود صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية أنهم قدموا من بلادهم بمجّرد سماعهم كلام جو بايدن المتسامح مع المهاجرين ووعوده بالتراجع عن سياسات عهد ترمب. وبعد أن بدأ بايدن عهده بإدخال 1700 مهاجر عالقين، على الحدود الأميركية مع المكسيك في شهر فبراير الماضي، تدفّق مئة ألف مهاجر من دول أميركا الوسطى إلى الحدود الأميركية في أقل من شهر. وقال وزير الأمن الداخلي أليخاندرو مايوركاس: إن وزارته تنوي إدخال أعداد أكبر من اللاجئين من أي وقت آخر خلال العقدين الأخيرين. وبينما تقترب أزمة الحدود من الخروج عن سيطرة مسؤولي إدارة بايدن، يهاجم عدد من المشرّعين الجمهوريين السياسات الجديدة بشأن الهجرة والتي باتت محوراً لأكبر الخلافات في واشنطن بين الحزبين الجمهوري والديموقراطي. وقاد زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس النواب، كيفين مكارثي، وفداً جمهورياً إلى ال"باسو" في ولاية تكساس القريبة من الحدود ليتحدث عن السياسات الجديدة للهجرة التي تؤثر على ولايات حدودية مثل تكساس. من جانبه، قال النائب الديموقراطي "خواكين كاسترو": إن الأزمة سببها التشدد الكبير الذي شهده المهاجرون في عهد ترمب أما الزيادة في أعداد المهاجرين فهي دورية وتحدث بعد انتهاء كل فصل شتاء". وأعرب عدد من الديموقراطيين عن غضبهم من عدم القدرة على احتواء الأزمة على الحدود والتي أدت إلى احتجاز أطفال المهاجرين لأوقات طويلة في ظروف غير إنسانية على الحدود ما يؤدي إلى تفشي وباء كورونا بشكل أكبر. وتتضمن أجندة جو بايدن للهجرة، منح 11 مليون مهاجر غير شرعي الجنسية الأميركية، إلا أن بايدن حثّ المهاجرين الأسبوع الماضي على تأجيل خططهم للمجيء إلى الولاياتالمتحدة في الوقت الحالي. وبينما تعمل وزارة الداخلية الأميركية بنصف قدراتها بسبب انتشار وباء كورونا، تواجه الولاياتالمتحدة نقصاً شديداً في مراكز إيواء اللاجئين وتدرس إمكانية استخدام أبنية "ناسا" و"القواعد العسكرية" لإيواء القادمين الجدد. وأصدر الرئيس السابق دونالد ترمب بياناً الأحد، ألقى باللوم على جو بايدن في تحويل "انتصار وطني إلى كارثة وطنية" من خلال تعامله مع أزمة الهجرة. وجاء في البيان: "لقد سلمنا بكل فخر إدارة بايدن الحدود الأكثر أمانًا في التاريخ، وكل ما كان عليهم فعله هو إبقاء هذا النظام يعمل بسلاسة، ولكن وبدلاً من ذلك وفي غضون أسابيع قليلة حدثت الكارثة". وقال بيان ترمب: "أداء وزير الأمن الداخلي المعيّن من قبل دونالد ترمب مثير للشفقة والجهل" وأضاف: "أليخاندرو مايوركاس شخص يتمتع بقدرات محدودة ولا يفهم أنه يقدّم خدمة لأعدائنا حين يفرج عن المهاجرين غير الشرعيين ويطلقهم داخل الأراضي الأميركية". وكان جو بايدن قد عيّن مايوركاس في منصب وزير الأمن الداخلي ليكون بذلك أول أميركي لاتيني ومهاجر يشغل هذا المنصب.