المتابع يلاحظ أن بعضاً من تلك البرامج الإعلامية المرئية لا تتواكب اطروحاتها وموضوعاتها وغاياتها مع طموحات رؤية المملكة 2030، ولا تتناسب مع المستويات المتميزة والمتقدمة جداً التي حققتها المملكة وأبناؤها المُبدعون في جميع المجالات الصحية والتعليمية والفكرية والثقافية والادبية والصناعية والأمنية والعسكرية. "هدفي الأول أن تكون بلادنا نموذجاً ناجحاً ورائداً في العالم على كافة الأصعدة، وسأعمل معكم على تحقيق ذلك"؛ تصدرت هذه العبارة بكلماتها الحكيمة والكريمة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز –أيده الله– الصفحة الرئيسية للموقع الرسمي لرؤية المملكة 2030. هذه العبارة الحكيمة معدودة ومختصرة الكلمات تضمنت في معانيها ومقاصدها وغاياتها رؤية المملكة وتطلعات وطموحات وأحلام قادتها الكِرام ورغبات شعبها الأوفياء. ومن هذه المنطلقات والتوجهات العظيمة التي تضمنتها العبارة الحكيمة والكريمة، انطلقت مسيرة التنمية الشاملة لتتحقق الإنجازات المتتالية والنجاحات المتعاقبة تحت اشراف ومتابعة وتوجيه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز -وفقه الله- الذي سخّر وقته وجهده وفكره، ووظَّف قدرات وإمكانات وموارد الدولة ليرتقي بمكانتها بين الأمم الصناعية والمتقدمة، وليحقق أحلام وتطلعات ورغبات جميع أبناء المملكة. نعم، لقد انطلقت مسيرة التنمية الشاملة لتحمل في مراكبها الجارية بفخر كل ناجح وطموح ومتطلع للمستقبل، وتتجاوز بطموحاتها المثبطين والمُترددين والكسالى وأصحاب الأيديولوجيات المنحرفة يمينية كانت أم يسارية. وفي ظل هذه المسيرة المُباركة للتنمية الشاملة التي تشهدها وتعيشها المملكة في جميع المجالات، يبرز التساؤل التالي: هل تواكب البرامج الإعلامية طموحات رؤية المملكة 2030؟ قد يبدو للبعض أن الإجابة على هذا التساؤل سهلة ويسيره ومباشرة لأنه تساؤل يتعلق فقط بالبرامج التي تبثها وسائل الاعلام المرئية في الداخل أو المقيمة في الخارج، وبالتالي قد يذهبون للإجابة على هذا التساؤل إما بالإيجاب أو بالسلب؛ ولكن الحقيقة تقول بأن الإجابة على هذا التساؤل مُعقدة ومُركبة، كما هو التساؤل معقد ومُركب. إننا عندما نتحدث عن البرامج الإعلامية التي تبثها وسائل الاعلام المرئية في الداخل والمقيمة في الخارج، فإننا نتحدث عن آلية عمل معقدة ومركبة يعرفها العاملون بالبرامج الإعلامية المرئية والمُطلعون عليها من المهتمين بالعمل الإعلامي المرئي؛ ولكن هذا التحديد لن يجعل الإجابة على ذلك التساؤل محصورةً فقط على العاملين والمهتمين بالعمل الإعلامي المرئي لأن هناك من أبناء المجتمع من يملك العلم والتخصص والفكر والخبرة والقدرة والإدراك والتصور الذي يُمكنه من الإجابة الدقيقة والمباشرة على هذا التساؤل المعقد والمركب. وبالإضافة لذلك هناك الرأي العام بشموليته، واهتماماته الواسعة، وتعدد وجهات النظر فيه، وتأثره المباشر بما يعرض عليه، يعطيه الحق الكامل في الإجابة على هذا التساؤل لأنه المتلقي الأول والمتأثر الرئيس بما تبثه البرامج الإعلامية مما يجعل لرأيه وتوجهه مكانة ومنزلة مهمة يجب النظر لها ودراستها واخذها بعين الاعتبار. وبعيداً عن الإجابة المُباشرة على التساؤل المطروح، هناك معايير عامة يمكن الاسترشاد بها لمعرفة إن كانت البرامج الإعلامية المرئية تتواكب مع طموحات رؤية المملكة 2030، ومن هذه المعايير العامة: أن تكون هذه البرامج الإعلامية ملمة الماماً كاملاً ودقيقاً برؤية ورسالة ومرتكزات وأهداف رؤية المملكة 2030؛ أن تتواكب تلك البرامج مع الإنجازات والمنجزات الوطنية التي تحققت في جميع المجالات داخلياً وخارجياً؛ أن يظهر لدى القائمين على هذه البرامج المعرفة الدقيقة والشاملة بالرؤية وبما تضمنته من اهداف ومرتكزات وتطلعات مستقبلية؛ أن تكون هذه البرامج ملتزمة التزاماً دقيقاً بما تضمنته لائحة "السياسة الإعلامية في المملكة العربية السعودية" الصادرة بقرار مجلس الوزراء رقم 169 بتاريخ 20 شوال 1402ه؛ أن تعكس هذه البرامج صراحة وضمنياً مكانة المملكة الإقليمية والدولية، وتأثيرها المباشر في الاقتصاديات العالمية؛ أن تعكس هذه البرامج صراحة المستوى المتميز والمتقدم دولياً الذي وصل له أبناء المملكة في المجالات الصحية والتعليمية والفكرية والثقافية والأدبية؛ أن تعكس هذه البرامج صراحة المستوى المتميز الذي وصلت لها المملكة عالمياً في المجالات الأمنية بجميع مستوياتها وفروعها مما جعل المملكة –بفضل الله– بلداً آمناً مطمئناً للمواطن والمقيم والزائر والعابر؛ أن تعكس هذه البرامج الاعمال الجليلة والعظيمة والجبَّارة التي تقوم بها المملكة وقادتها الكرام في سبيل عمارة الحرمين الشريفين وخدمة ضيوف الرحمن على مدار العام؛ أن تعكس هذه البرامج صراحة وضمنياً الاحترام الكامل لقيم وعادات وتقاليد وثقافة أبناء المملكة ووحدة صفهم وقوة تلاحمهم ونبذهم للعنصرية والتعصب؛ أن لا يُمرر عبر هذه البرامج أية رسائل تتعارض مع المصلحة العليا للوطن وتسيء للمواطن بأي شكلٍ من الأشكال. وبعيداً عن تطبيق هذه المعايير العامة على البرامج الإعلامية المرئية، إلا أن المتابع يلاحظ أن بعضاً من تلك البرامج الإعلامية المرئية لا تتواكب اطروحاتها وموضوعاتها وغاياتها مع طموحات رؤية المملكة 2030، ولا تتناسب مع المستويات المتميزة والمتقدمة جداً التي حققتها المملكة وأبناؤها المُبدعون في جميع المجالات الصحية والتعليمية والفكرية والثقافية والادبية والصناعية والأمنية والعسكرية، وفي غيرها من مجالات جعلت المملكة دولة رئيسية في مجموعة العشرين لأكبر اقتصاديات العالم. لقد أثبتت بعض البرامج الإعلامية أنها بعيدة تماماً عن الأهداف والغايات التي تتطلع الرؤية الطموحة لتحقيقها وذلك من خلال اطروحاتها السطحية التي تجاوزها الوقت والزمان والمكان، ومن خلال موضوعاتها المنفصلة عن الواقع المُعاصر المليء بالإنجازات العظيمة، ومن خلال لُغتها المتخلفة عن تقدم المجتمع علمياً وفكرياً وثقافياً وأدبياً، ومن خلال تركيزها على الاخبار الهامشية والسلبيات البسيطة والاخطاء البشرية التي تقع في كل المجتمعات، ومن خلال اثارتها للرأي العام لكسب أكبر عدد من المشاهدين حتى لو كان على حساب مصلحة المجتمع. وفي الختام من الأهمية القول بأنه يجب على معظم البرامج الإعلامية المرئية في الداخل والخارج أن تعمل ليل نهار لترتقي، ولو قليلاً، للمستوى المتميز والمتقدم جداً الذي وصل له المواطن علمياً وفكرياً وثقافياً وأدبياً، وللمكانة المتقدمة جداً التي وصلت لها المملكة سياسياً واقتصادياً وأمنياً وعسكرياً، ولسعيها الدؤوب لأن تكون في مقدمة دول العالم الصناعي والتكنولوجي، ولتطلعات وطموحات قادة المملكة الحُكماء الذين يعملون ليل نهار لرؤية دولتهم عظيمة وشعبهم المخلص مرفه وآمن ومطمئن. إنها خارطة طريق عامة يمكن تحقيق أهدافها إذا وضعت الآلية الصحيحة وطبقت المعايير السليمة خاصة أن إمكانات وقدرات أبناء المملكة في المجالات الإعلامية متوفرة وقادرة على تحقيق هذه الأهداف والغايات السامية.