أسبوع أبوظبي للاستدامة: منصة عالمية لبناء مستقبل أكثر استدامة    إستراتيجي مصري ل«عكاظ»: اقتحامات «بن غفير» للأقصى رسالة رفض لجهود السلام    خادم الحرمين يتلقى رسالة خطية من الرئيس الروسي    «الإحصاء»: إيرادات «غير الربحي» بلغت 54.4 مليار ريال ل 2023    مدرب قطر يُبرر الاعتماد على الشباب    مجلس التعاون الخليجي يدعو لاحترام سيادة سوريا واستقرار لبنان    المملكة رئيساً للمنظمة العربية للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة «الأرابوساي»    وفد عراقي في دمشق.. وعملية عسكرية في طرطوس لملاحقة فلول الأسد    الجمعية العمومية لاتحاد كأس الخليج العربي تعتمد استضافة السعودية لخليجي27    وزير الشؤون الإسلامية يلتقي كبار ضيوف برنامج خادم الحرمين الشريفين للعمرة والزيارة    تدخل جراحي عاجل ينقذ مريضاً من شلل دائم في عنيزة    وزير الخارجية يصل الكويت للمشاركة في الاجتماع الاستثنائي ال (46) للمجلس الوزاري لمجلس التعاون    استخدام الجوال يتصدّر مسببات الحوادث المرورية بمنطقة تبوك    الذهب يرتفع بفضل ضعف الدولار والاضطرابات الجيوسياسية    استمرار هطول أمطار رعدية على عدد من مناطق المملكة    الفكر الإبداعي يقود الذكاء الاصطناعي    الزبيدي يسجل هدفاً تاريخياً    المملكة ترحب بالعالم    حملة «إغاثة غزة» تتجاوز 703 ملايين ريال    حلاوةُ ولاةِ الأمر    "الثقافة" تطلق أربع خدمات جديدة في منصة الابتعاث الثقافي    "الثقافة" و"الأوقاف" توقعان مذكرة تفاهم في المجالات ذات الاهتمام المشترك    أهازيج أهالي العلا تعلن مربعانية الشتاء    بلادنا تودع ابنها البار الشيخ عبدالله العلي النعيم    وطن الأفراح    شرائح المستقبل واستعادة القدرات المفقودة    الأبعاد التاريخية والثقافية للإبل في معرض «الإبل جواهر حية»    أمير نجران يواسي أسرة ابن نمشان    63% من المعتمرين يفضلون التسوق بالمدينة المنورة    منع تسويق 1.9 طن مواد غذائية فاسدة في جدة    نجران: «الإسعاف الجوي» ينقل مصاباً بحادث انقلاب في «سلطانة»    العناكب وسرطان البحر.. تعالج سرطان الجلد    الزهراني وبن غله يحتفلان بزواج وليد    الدرعان يُتوَّج بجائزة العمل التطوعي    أسرتا ناجي والعمري تحتفلان بزفاف المهندس محمود    فرضية الطائرة وجاهزية المطار !    ما هكذا تورد الإبل يا سعد    واتساب تطلق ميزة مسح المستندات لهواتف آيفون    «كانسيلو وكيسيه» ينافسان على أفضل هدف في النخبة الآسيوية    في المرحلة ال 18 من الدوري الإنجليزي «بوكسينغ داي».. ليفربول للابتعاد بالصدارة.. وسيتي ويونايتد لتخطي الأزمة    تدشين "دجِيرَة البركة" للكاتب حلواني    مسابقة المهارات    إطلاق النسخة الثانية من برنامج «جيل الأدب»    نقوش ميدان عام تؤصل لقرية أثرية بالأحساء    لمن لا يحب كرة القدم" كأس العالم 2034″    المأمول من بعثاتنا الدبلوماسية    أفراحنا إلى أين؟    آل الشيخ يلتقي ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة والزيارة    %91 غير مصابين بالقلق    اطلاع قطاع الأعمال على الفرص المتاحة بمنطقة المدينة    الصادرات غير النفطية للمملكة ترتفع بنسبة 12.7 % في أكتوبر    اكتشاف سناجب «آكلة للحوم»    دور العلوم والتكنولوجيا في الحد من الضرر    خادم الحرمين وولي العهد يعزّيان رئيس أذربيجان في ضحايا حادث تحطم الطائرة    منتجع شرعان.. أيقونة سياحية في قلب العلا تحت إشراف ولي العهد    مفوض الإفتاء بجازان: "التعليم مسؤولية توجيه الأفكار نحو العقيدة الصحيحة وحماية المجتمع من الفكر الدخيل"    نائب أمير منطقة مكة يطلع على الأعمال والمشاريع التطويرية    إطلاق 66 كائناً مهدداً بالانقراض في محمية الملك خالد الملكية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السفارات الإيرانية.. ملاذ استخباراتي وتخطيط إرهابي
نشر في الرياض يوم 28 - 02 - 2021

منذ أن استولى النظام الإيراني على السلطة العام 1979م، وبسبب افتقاره إلى القدرة التاريخية والسياسية والاجتماعية على تلبية احتياجات المجتمع الإيراني، بنى أسس حكمه على ركيزتين: الأولى، القمع الداخلي، والثانية، تصدير التطرف والإرهاب خارج إيران.
وباستخدام هاتين الركيزتين، استخدم النظام في كثير من الحالات تصدير الإرهاب والأزمة خارج إيران لإعمال المزيد من القمع والعنف الداخلي.
وكانت السمة الحاسمة لمثل هذه السياسة، والتي كانت وقود حياة النظام، هي الحد الأقصى من الجرائم، بالإضافة إلى الحد الأقصى من إنفاق ثروات الشعب الإيراني.
لذلك، كان واضحًا جدًا أنه في حال توقف نظام الملالي عن تصدير هذه الأزمة خارج إيران، فإن الدمامل والبثور المتورمة والملتهبة في داخله وتناقضاته العميقة مع المجتمع الإيراني ستنفقئ وتخرج إلى العلن.
كما أن للنظام الإيراني تاريخاً طويلاً في عمليات القتل والاغتيالات والقمع بحق الشعب الإيراني وشعوب المنطقة على مدى ال 41 عامًا الماضية، حيث سنلقي نظرة في هذه الدراسة على عمليات إجرامية ارتكبها هذا النظام داخلياً وخارجياً.
أولاً: الاغتيالات الداخلية
قبل وصوله إلى السلطة، وعندما كان في باريس، قدم الخميني وعوداً كثيرة للشعب الإيراني حول الحريات السياسية، لكن بعد وصوله إلى السلطة، بدأ في قمع الحريات، وتشكيل عصابات الهراوات، ومن ثم قوات الحشد والباسيج، ومن خلال وزارة المخابرات وقوات الحرس، قام بقمع واضطهاد الشعب الإيراني رسمياً.
وأطلق النظام الإيراني النار على المتظاهرين السلميين في 20 يونيو 1981م، وكشف عن وجهه الحقيقي من خلال تكثيف عمليات القمع، ومن ثم منع جميع الأحزاب والجماعات، وأصدر أوامر باعتقالهم وقتلهم.
وأدت عمليات القتل المتسلسلة إلى مصرع الكثير من الشخصيات السياسية والاجتماعية المنتقدة لنظام الملالي، لا سيما في التسعينات الميلادية، والتي تمت بأوامر مباشرة من مرشد النظام علي خامنئي والرئيس هاشمي رفسنجاني، ونفذها عناصر وزارة المخابرات بإشراف مباشر من علي فلاحيان (وزير المخابرات في عهد هاشمي رفسنجاني)، وقربان علي دري نجف آبادي (أول وزير للمخابرات في حكومة محمد خاتمي).
وكان ضحايا هذه الاغتيالات مئات الكتّاب والمترجمين والشعراء والناشطين السياسيين والمواطنين العاديين الذين قتلوا بطرق مختلفة، كحوادث السيارات، وعمليات الطعن، وإطلاق النار في عمليات السطو المسلح، وحقن البوتاسيوم لإظهار موتهم بأزمة قلبية.
ومن بين عمليات القتل هذه داخل إيران، في خريف وشتاء العام 1998م، عندما اغتيل داريوش فروهر، وبروانه اسكندري وثلاثة كتّاب معارضين للنظام، حيث تحوّلت إلى أزمة خطيرة له في غضون شهرين.
وعندما انكشف تورط قيادات النظام في هذه الاغتيالات من قبل قوى المعارضة والشعب لاحقاً، وأضحى أزمة خطيرة للنظام، عدّت وزارة المخابرات الإيرانية في بيان لها لتبرئة قادة النظام، أن الجناة كانوا عدداً من عناصر وزارة المخابرات والمارقين، وقام الرئيس آنذاك محمد خاتمي، بتعيين فريق للتعامل مع القضية.
وبعد شهر من التحقيق، أعلن الفريق تورط بعض عناصر وزارة المخابرات في عمليات القتل، وجرى اعتقال عدد من العملاء من أجل حل هذه الفضيحة، وتم بذلك تبرئة القائدين الرئيسين، وهما خامنئي ورفسنجاني من هذه الجرائم.
وسجنت محكمة جرائم القتل المتسلسلة صحفيين عقب القضية في ربيع العام 2000 م، وصادرت بعض وسائل الإعلام، ولم تسمح لأهالي الضحايا حضور إجراءات المحاكمة، وتم اغتيال سعيد إمامي، الذي أُعلن أنه المتهم الرئيس في هذه القضية، بطريقة مريبة على أنه انتحر، بينما عرف الجميع أنه قُتل حتى لا تكشف الحقائق.
ثم أصبح تورط وزارة المخابرات وعملاء النظام في عمليات القتل علنياً، وعزا علي خامنئي عمليات الاغتيال إلى الأعداء الأجانب، لكن مع مرور الوقت اعترف مسؤولو النظام بأن عمليات الاغتيال لم تكن عمليات تعسفية، بل يقودها مسؤولون رفيعو المستوى.
لذلك كانت عمليات القتل والاغتيال المتسلسلة مجرد أمثلة قليلة على أفعال النظام الإيراني بحق معارضيه خلال أربعة عقود في السلطة، وكانت ملامحها الأساسية التستر والكذب وإخفاء الحقيقة.
ثانياً: الاغتيالات الخارجية
منذ استيلاء نظام الملالي على السلطة، اتهمت المعارضة الإيرانية والعديد من الدول والمنظمات والمحاكم، النظام الإيراني بالتورط في أنشطة إرهابية، أو دعم الجماعات والعصابات الإرهابية.
وتشمل هذه الدول المملكة العربية السعودية والبحرين والإمارات والأردن والولايات المتحدة وألمانيا والأرجنتين والمملكة المتحدة.
واتهمت هذه الدول النظام الإيراني بدعم العديد من الجماعات الإرهابية حول العالم، مثل الحوثيين في اليمن، وحزب الله في لبنان، وحماس في فلسطين، والحشد الشعبي في العراق، والفاطميين والزينبيين في سورية، والعديد من الجماعات الإرهابية الأخرى.
وقامت الحكومة الأميركية بإدراج قوات الحرس، ووزارة الدفاع الإيرانية كمجموعة إرهابية، وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية في تقريرها السنوي حول الإرهاب العالمي في 02 يونيو 2016م، أن الحكومة الإيرانية ما تزال الراعي الأول للإرهاب في العالم، رغم التوصل إلى اتفاق شامل مع القوى العالمية بشأن برنامجها النووي آنذاك، ثم حاكمت الحكومة الألمانية العديد من المسؤولين الحكوميين الإيرانيين الذين أدينوا في محكمة ميكونوس بالتورط في عملية إرهابية.
ويذكر التقرير الأميركي حول الإرهاب في العام 2016م، الذي نشرته وزارة الخارجية في 19 يوليو 2017م في سبعة فصول، أن إيران لا تزال على رأس رعاة الإرهاب، وأن تهديدات إيران ضد مصالح الولايات المتحدة وحلفائها باقية.
وواصل فيلق القدس التابع لقوات الحرس، إلى جانب شركائه وحلفائه وعملائه الإيرانيين، لعب دور مزعزع للاستقرار في الصراعات في العراق وسورية واليمن ولبنان، كما واصل الملالي عمليات تزويد الأسلحة والموارد الاقتصادية للميليشيات الشيعية في البحرين، حيث وصفت كيلي كرافت سفيرة الولايات المتحدة آنذاك لدى الأمم المتحدة إيران بأنها «الراعي الأول للإرهاب في العالم».
وفي مايو 2020م، وبحسب تقرير صادر عن وزارة الخارجية الأميركية كشف عن تورط نظام الملالي في اغتيالات ومؤامرات اغتيال وهجمات إرهابية في أكثر من 40 دولة، كما ذكرت أن الأعمال الإرهابية الإيرانية في العالم خلال ال 41 عاماً الماضية تضمنت 360 عملية اغتيال، إضافة إلى هجمات واسعة النطاق أسفرت عن قتل وجرح مئات الأشخاص.
وأضاف التقرير أن هذه الاغتيالات والهجمات نفذت بشكل رئيس ليس فقط من قبل فيلق القدس التابع لقوات الحرس ووزارة المخابرات، ولكن أيضاً من قبل أطراف ثالثة وعملاء وجماعات تعمل بالوكالة مثل حزب الله.
وعلى الرغم من أن الإرهاب كان على جدول الأعمال لهذا النظام منذ السنوات الأولى لحكمهم، إلا أنه كان من الواضح بعد هزيمة وانكسار المشروعات التوسعية لنظام الملالي في العام 1988م ووقف الحرب مع العراق قد احتل مكانة أعلى في نظام حكم الملالي.
وبناءً على معلومات محددة ونتائج العديد من المحاكم والتحقيقات القضائية في الدول الأوروبية، يجري اتخاذ القرارات بشأن الأعمال الإرهابية من قبل أعلى مستويات النظام، وتحديداً مجلس الأمن الأعلى برئاسة الرئيس الإيراني وموافقة مرشد النظام، ولعبت سفارات النظام دوراً خاصاً في تنفيذ هذه العمليات، حيث إنها توفر أفضل التغطيات الرسمية والتسهيلات الآمنة لأجهزة مخابرات النظام والإرهابيين التابعين له، حيث أنشأت وزارة المخابرات التابعة للنظام بشكل منهجي مراكز استخبارات في السفارات لاستخدام الحصانة الدبلوماسية وتقديم جوازات السفر الدبلوماسية لإرهابييها، وكذلك الحقائب الدبلوماسية لنقل الأسلحة والمعدات وإرسال الأموال النقدية.
وعمد عملاء وزارة المخابرات، لا سيما عملاء فيلق القدس التابع لقوات الحرس، إلى استخدام الغطاء والحصانة الدبلوماسية في تقديم الخدمات اللوجستية للعمليات الإرهابية، وبعد تنفيذ عشرات العمليات الإرهابية في الدول الأوروبية واغتيال عدد من الشخصيات المعارضة، شكل حكم محكمة ميكونوس في أبريل 1997م نقطة تحول في إرهاب النظام الإيراني في أوروبا، حيث جرى اغتيال أربعة من قادة الجماعات الكردية المعارضة في مطعم ميكونوس في برلين بألمانيا العام 1992م، وبعد تحقيق مطول، حكمت محكمة برلين إدانة النظام بالكامل في هذا الاغتيال.
وبعد ذلك، وبسبب الضغط الدولي والأوروبي الكبير اضطر النظام إلى إجراء تغييرات في أساليب وتكتيكات الاستخبارات والإرهاب في أوروبا، حيث أنشأ خلايا نائمة، وأبقى مراكز استخباراتية في السفارات تواصل أعمالها التجسسية ضد المعارضة والدول الغربية، مما جعل جهاز الإرهاب جاهزاً ومستعداً لليوم اللازم.
وأشارت التقارير الواردة من أجهزة المخابرات في الدول الأوروبية، بما في ذلك التقارير السنوية لألمانيا وهولندا بعد العام 1997م، بوضوح إلى استمرار هذه الأنشطة، وبالتزامن مع هذا التغيير، استمرت الأنشطة والعمليات الإرهابية في دول المنطقة، وتحديداً في العراق، وتوسعت بشكل خطير.
ومنذ العام 2008م، صعّد النظام من أنشطته الإرهابية في الدول الآسيوية والإفريقية، كجورجيا والهند وماليزيا وتايلاند ونيجيريا وكينيا وتركيا، كما استؤنفت العمليات الإرهابية للنظام في الولايات المتحدة وأوروبا في العام 2011م ودخلت بوضوح مرحلة جديدة في أوروبا في العام 2015م، وعلى وجه الخصوص في العامين الماضيين، زادت هذه العمليات، لا سيما جرى تنفيذ أكثر من عشرة أعمال إرهابية في دول أوروبية وآسيوية، وكان آخر وأهم مخطط إرهابي للنظام في أوروبا هو محاولة تفجير التجمع السنوي الكبير للمقاومة الإيرانية في باريس في 30 يونيو 2018م، والذي أحبطته أجهزة المخابرات الأوروبية.
نظام الملالي.. القمع داخلياً وتصدير التطرّف خارجياً
ثالثاً: أوكار إرهابية
ليس من قبيل التهويل القول إن السفارات الإيرانية تلعب دوراً مهماً في نشر الإرهاب حول العالم، بل منذ وصول الخميني إلى السلطة العام 1979م، أضحت أوكاراً للإرهاب، بصرف النظر عن أي اعتبارات لمعايير الدول وعلاقاتها.
:ومن أهم الأوكار الإرهابية
السفارة في النمسا
تعدّ سفارة النظام الإيراني في فيينا بالنمسا من أهم المراكز الإرهابية في أوروبا، باعتبارها مركزاً لوزارة المخابرات في أوروبا لعدة سنوات.
وألقت الشرطة الفيدرالية البلجيكية في 30 يونيو 2018م، القبض على زوجين بلجيكيين من أصل إيراني في ضواحي بروكسل يحملون قنبلة تزن 500 غرام، ووضعت هذه العبوة الناسفة في كيس تزيين وتجميل نسائي، حيث كان الهدف تفجير التجمع الكبير للإيرانيين في باريس الذي حضره عشرات الآلاف من الأشخاص ومئات الشخصيات الأميركية والأوروبية والشرق أوسطية في نفس اليوم، ثم ألقت السلطات الألمانية في 01 يوليو 2018م، القبض على الدبلوماسي الإيراني أسد الله أسدي المسؤول عن العملية، والذي تمركز في السفارة منذ يونيو 2014م كرئيس جهاز استخبارات السفارة تحت غطاء مستشار ثالث، ووفقًا لمكتب المدعي الفيدرالي الألماني، قام أسدي شخصيًا بتسليم القنبلة شديدة الانفجار إلى العميلين الاثنين في لوكسمبورغ، والذي حكمت عليه محكمة بلجيكية مؤخراً بعشرين عاماً.
لذلك الوجود الواسع النطاق لعملاء مخابرات نظام الملالي في النمسا قضية غير خافية أوروبياً، حيث ذكرت صحيفة (دي بيرس) النمساوية في 08 يناير 2013م، أن فيينا مليئة بالجواسيس الإيرانيين، وبعض هؤلاء الجواسيس إيرانيون وبعضهم مواطنون من دول أخرى.
وكانت مكتبة أبحاث الكونغرس قد أفادت سابقاً أن عدد الجواسيس لنظام طهران في النمسا يبلغ نحو 100 شخصاً، وللسفارة الإيرانية في فيينا تاريخ طويل من التورط في الإرهاب الحكومي.
وفي 13 يوليو 1989م، اغتيل عبدالرحمن قاسملو، الأمين العام للحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني، مع كرديين اثنين آخرين على طاولة مفاوضات مع مبعوثين من قبل نظام الملالي في فيينا، ونفذت عملية الاغتيال المخابرات العسكرية لقوات الحرس وقاعدة رمضان الإرهابية بقيادة العميد الحرسي محمد جعفري صحرا رودي، والذي كان أحد قادة مخابرات قوات الحرس للعمليات الخارجية، والتي سميت بقاعدة رمضان (أصبح هذا الجزء من قوات الحرس فيما بعد فيلق القدس). وهو، الذي جاء إلى فيينا تحت اسم مستعار رحيمي شاهرودي، للتفاوض على ما يبدو مع مسؤولي الحزب الديموقراطي، وكان في الواقع قائد فريق الاغتيال، حيث تم إحضار المهاجمين إلى مكان الاجتماع (مكان الاغتيال) بواسطة السيارة الرسمية للسفارة، وكانت السفارة الإيرانية في فيينا مسؤولة عن توفير الدعم اللوجستي للعملية.
وأصيب جعفري صحرا رودي برصاص الشرطة خلال عملية الاغتيال، وتم اعتقاله ونقله إلى المستشفى، وبعد ذلك، وبسبب الرشى الكبيرة لنظام الملالي، نُقل صحرا رودي إلى المطار في 22 يوليو 1989م برفقة الشرطة، وعاد مباشرة إلى طهران على متن طائرة برحلة رقم IR722، واللافت أن خمسة أعضاء من السفارة الإيرانية رافقوه إلى مصعد الطائرة، وتمت ترقيته إلى منصب سكرتير المجلس الأعلى للأمن القومي خلال رئاسة محمود أحمدي نجاد.
كما اعتقلت الشرطة النمساوية الإرهابي أمير منصور بزرغيان، بعد هجوم إرهابي، وأفرج عنه في الساعة الواحدة من فجر 15 يوليو وتوجه مباشرة إلى سفارة النظام في النمسا، واختبأ في سفارة النظام في النمسا لعدة أشهر وفر في النهاية إلى إيران.
وبعد بضعة أشهر، أصدر القضاء النمساوي مذكرة توقيف دولية بحق صحرا رودي وبزرغيان. في السنوات التالية، تمت ترقية جعفري صحرا رودي إلى منصب سكرتير المجلس الأعلى للأمن القومي خلال رئاسة محمود أحمدي نجاد، ثم ترأس البروتوكول عند تنصيب روحاني للدورة الثانية لرئاسة مجلس شورى الملالي في 05 أغسطس 2017م، وكان مرشداً لضيوف هذا الحفل، ومنهم بعض رؤساء الدول.
السفارة في ألبانيا
بعد أن بدأت الحكومة الألبانية قبول أعضاء من المعارضة الإيرانية في مايو 2013م، أرسلت وزارة الاستخبارات الإيرانية عملاء استخبارات إلى سفارة النظام في ألبانيا، والتي لم يكن لديها أكثر من اثنين أو ثلاثة كوادر، لكن بعد تمركز المعارضة الإيرانية فيها، أصبحت سفارة الملالي في ألبانيا واحدة من أهم سفارات النظام في أوروبا.
أولاً، أنشأ النظام الإيراني محطة استخباراتية في سفارته في ألبانيا من خلال إرسالها ضابطا في وزارة المخابرات يُدعى فريدون زندي علي آبادي، والذي كان رئيساً للمحطة من أوائل 2014م إلى 2017م، وخلال تلك المدة جمع معلومات عن المعارضة الإيرانية وحدد أماكن استقرارهم في ألبانيا.
وبعد ذلك، وفي العام 2016م، تم تعيين غلام حسين محمد نيا، نائب وزارة الاستخبارات للشؤون الدولية، وعضو وفد النظام للمحادثات النووية مع مجموعة 5 + 1، كسفير للنظام في ألبانيا، وأصبحت السفارة تحت سيطرة متزايدة من عملاء استخبارات النظام الإيراني. وجرى تعيين مصطفى رودكي، الرئيس السابق لمحطة وزارة المخابرات في النمسا، رئيساً لمحطة المخابرات في ألبانيا في العام 2017م، مما قد زاد من أنشطة التجسس والإرهاب ضد منظمة مجاهدي خلق الموجودين في البلاد، ثم أحبطت الأجهزة الأمنية الألبانية مؤامرة إرهابية خططت لها وزارة المخابرات ومحطاتها في سفارة النظام الإيراني ضد احتفالات النوروز للمعارضة الإيرانية في مارس 2018م في ألبانيا.
وفي مقابلة مع Vision Plus TV في 19 أبريل 2018م، أشار رئيس وزراء ألبانيا، إيدي راما، إلى التهديد الذي يشكله النظام الإيراني للدولة الألبانية، وقال إن الحكومة الألبانية تتخذ إجراءات ضد الخطط الإرهابية إلى جانب دول أوروبية أخرى، وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية في 05 يوليو 2018م أن السلطات الألبانية اعتقلت عنصرين إيرانيين في 22 مارس 2018م بتهمة الإرهاب، كما استشهدت مصادر في الشرطة البلجيكية بتعاون الأجهزة الأمنية الألبانية كإحدى الدول المشاركة في العملية المشتركة في إحباط العملية الإرهابية ضد التجمع الكبير للإيرانيين في باريس واعتقال أسد الله أسدي، وفي مقابلة مع قناة فوكس نيوز في 09 أغسطس 2018م، صرح باندولي مايكو، رئيس الوزراء السابق ووزير الخارجية الحالي لألبانيا، بأن المسؤولين الأميركيين أخبروه أنه بسبب معلومات حول مستوى التهديدات الموجهة ضده، فيجب عليه زيادة مستوى حمايته.. وقال إن «استراتيجية إيران في المنطقة غير مسبوقة».
السفارة في ألمانيا
قبل إعلان نتائج محكمة ميكونوس في أبريل 1997م، كانت سفارة النظام الإيراني في ألمانيا، والتي كانت في بون، مقراً لوزارة الاستخبارات في أوروبا، حيث تم من خلالها تنسيق ومتابعة العمليات الإرهابية والتجسسية لنظام الملالي.
وفقًا للتقارير السنوية لمؤسسة حماية الدستور الألمانية، كانت المهمة الرئيسة لهذه السفارة هي التجسس على قوى المعارضة، ولا سيما المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، ومنها ما جاء في تقرير العام 1999م لهذه المؤسسة: «ولا تزال منظمة مجاهدي خلق والمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية أهداف المؤامرات الاستخباراتية الإيرانية»، وفيما يلي بعض الأعمال الإرهابية التي تمت عن طريق هذه السفارة والقنصليات التابعة لها: في 18 سبتمبر 1992م اغتيل صادق شرفكندي، الأمين العام للحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني، مع ثلاثة آخرين في مطعم ميكونوس اليوناني في برلين، وذكر تقرير للاستخبارات الداخلية الألمانية أن اغتيالات ميكونوس تم الإعداد لها وتنفيذها بقيادة البعثات الدبلوماسية الإيرانية، حتى كلمة السر للعملية، التي نفذت من خلال السفارة الإيرانية في بون، وردت في التقرير.
وبدأت المحاكمة في 28 أكتوبر 1993م، واستمرت ثلاث سنوات ونصف السنة، وفي 10 أبريل 1997م، قضت محكمة برلين الفيدرالية بأن أمر الاغتيال صدر من كبار المسؤولين الحكوميين في طهران، وأن كاظم دارابي، العقل المدبر لعملية الاغتيال قد اعتقل وحكم عليه بالسجن المؤبد، وكان على اتصال مباشر بالسفارة الإيرانية في بون.
وبعد إعلان نتائج محكمة ميكونوس، استدعت جميع الدول الأوروبية سفراءها من إيران لعدة أسابيع، وأثناء المحاكمة، في مارس 1996م، أصدر برونو جاست، المدعي العام الألماني المسؤول في قضية هجوم ميكونوس الإرهابي، مذكرة توقيف بحق علي فلاحيان، وزير الاستخبارات في نظام الملالي آنذاك.
ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن مسؤولين أمنيين أميركيين في 25 يونيو 1995م، قولهم إن الدبلوماسيين الإيرانيين العاملين في السفارة الإيرانية في بون يخططون لاغتيال السيدة مريم رجوي في تجمع كبير للمواطنين الإيرانيين في دورتموند بألمانيا، ثم طردت ألمانيا اثنين من عملاء الاستخبارات الإيرانية، هما علي أصولي وجلال عباسي، بعد حصولها على أدلة على أنهما كانا يخططان لعملية إرهابية.
وفي 28 أكتوبر 2015م أعلن مكتب المدعي العام الفيدرالي الألماني أنه في 23 أكتوبر 2015، تم إلقاء القبض على رجل يبلغ من العمر 31 عامًا يُدعى ميثم ب، بتهمة العمالة لصالح وزارة استخبارات النظام الإيراني والتجسس على المعارضة الإيرانية، ثم أعلن مكتب المدعي العام الفيدرالي الألماني في 7 يوليو 2016م أن باكستانياً يبلغ من العمر 31 عاماً يُدعى سيد مصطفى حيدر، كان يتجسس لصالح إيران، قد تم اعتقاله في بيرمان بألمانيا، وقال الرجل إنه «كان على اتصال بوكالة استخبارات إيرانية».
السفارة في فرنسا
تعدّ سفارة النظام الإيراني في فرنسا إحدى السفارات النشطة في تنفيذ العمليات الإرهابية في جميع أنحاء أوروبا، وكان الهدف الأول لها في الثمانينات هو معقل المقاومة الإيرانية، حيث كان يديرها ضباط استخبارات للنظام ومنهم غلام حسين مصباح، وحميد رضا أبو طالبي، حيث اغتيل شابور بختيار، رئيس الوزراء في عهد الشاه ومساعده على يد ثلاثة مهاجمين في باريس في 06 أغسطس 1991م، وكان أحد المهاجمين عميلاً لوزارة الاستخبارات، وقد تسلل بصفته مساعداً لبختيار.
وبعد عملية الاغتيال هرب أحد الإرهابيين، وهو وكيلي راد إلى سويسرا، وجرى اعتقال زين العابدين سرحدي، الذي كان يعمل بقسم الجوازات في سفارة النظام في سويسرا، كأحد منفذي عملية الاغتيال، وسلمت سويسرا الاثنين لفرنسا حيث خضعا للمحاكمة هناك، وتمت إعادتهما إلى إيران في 2010م وسط تساؤلات كثيرة طرحها الإعلام ولم تجد الإجابة حول الصفقة مع نظام طهران، ومن المتهمين الآخرين في قضية مقتل بختيار شخص يدعى مسعود هندي، أحد أقارب الخميني الذي كان يعمل تحت غطاء رئيس مكتب الإذاعة والتلفزيون التابع للنظام الإيراني في السفارة في باريس، وحكم عليه بالسجن عشر سنوات.
وأرسلت وزارة الاستخبارات وسفارة النظام في باريس عنصرين هما قربان علي حسين نجاد ومصطفى محمدي في أغسطس 2015م، إلى مكتب المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية في أورسورافاز (شمال باريس) لإحداث هجوم إرهابي، وجرى القبض عليهما من قبل قوات الأمن واستجوابهما وطردهما، وتبيّن أن حميد عبادي أحد الأسماء المستعارة لأحمد ظريف رئيس محطة الوزارة سيئة السمعة في سفارة النظام في باريس، هو منسق أنشطة العملاء ضد المعارضة واللاجئين الإيرانيين في فرنسا.
السفارة في سويسرا
استُخدمت سفارة النظام الإيراني في بورن، ومقر تمثيل النظام في الأمم المتحدة في جنيف، على نطاق واسع من قبل الدبلوماسيين الإرهابيين لنظام الملالي، وبعد أشهر من التخطيط والتحضير المكثف، تعرض د. كاظم رجوي، ممثل المقاومة الإيرانية في سويسرا، لإطلاق نار أثناء عودته إلى منزله في ضواحي جنيف في 24 أبريل 1990م، أدى إلى مصرعه، وكان سيروس ناصري، سفير النظام لدى الأمم المتحدة، هدد كاظم رجوي علانية في فبراير 1990م بأنه سيقتله، وأعلن قاضي التحقيق المكلف بالقضية أن «التحقيق خلص إلى أن ثلاثة عشر شخصاً، جميعهم يحملون جوازات سفر إيرانية قد شاركوا عن كثب في العملية».
ووجدت تحقيقات الشرطة أن الدبلوماسيين، الذين تم التعريف عنهما في الصحافة باسم صمدي ورضواني، كانا في الواقع في جنيف وقت ارتكاب الجريمة وغادرا سويسرا متجهان إلى إيران يوم الاغتيال على متن رحلة طيران إيرانية، ومنسق هذه العملية الإرهابية محمد مهدي أخوند زاده بسطي من مواليد 1955م، كان دبلوماسياً في وزارة الخارجية، ثم مديراً عاماً للعلاقات السياسية والدولية بوزارة الخارجية، حيث سافر إلى سويسرا عدة مرات لتنفيذ هذه العملية الإرهابية، وفي 20 مارس 2006م، أصدر قاضي مقاطعة كانتون، جاك أنتينا، مذكرة توقيف دولية بحق علي فلاحيان وزير الاستخبارات في حكومة رفسنجاني لدوره في عملية اغتيال رجوي.
السفارة في إيطاليا
استُخدمت سفارة النظام في إيطاليا في عمليات إرهابية عديدة، ففي 16 مارس 1993م اغتيل محمد حسين نقدي، ممثل المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية في إيطاليا، برصاص إرهابيين تابعين لنظام الملالي، وكان نقدي في السابق القائم بأعمال السفارة الإيرانية في إيطاليا التي انشق عنها العام 1982م احتجاجًا على جرائم الملالي، وانضم إلى المقاومة الإيرانية، ولعب حميد أبو طالبي، سفير النظام في إيطاليا منذ العام 1987م إلى 1991م، دوراً رئيساً في التخطيط لهذه العمليات الإرهابية، والذي جرى تعيينه لاحقاً نائباً سياسياً لمكتب رئيس الجمهورية روحاني، وبناءً على ملخص التحقيق الذي أجرته الشرطة في 16 ديسمبر 2008م، فإن «عملية الاغتيال دبرها مسؤولون سياسيون ومذهبيون كبار في طهران»، وكان تنفيذ العملية من مهمة فريق تم إرساله إلى إيطاليا خصيصاً لهذا الغرض وقام بالتنسيق لذلك منصور بزرجيان، رجل الاستخبارات الإيراني الأول في إيطاليا، والناطق باسم السفير أبو طالبي.
وبحسب حكم محكمة الاستئناف الجنائية في روما في قضية اغتيال محمد حسين نقدي، «ينبغي اعتبار اغتيال نقدي جريمة اغتيال سياسية تم إصدار الأوامر بتنفيذها على مستوى الدوائر الحكومية الإيرانية كجزء من مشروع أكبر يهدف إلى تدمير معاقل المعارضة في الخارج».
السفارة في السويد
لقد تورطت سفارة النظام الإيراني في السويد في مؤامرات إرهابية مختلفة ضد المعارضة الإيرانية، حيث خطط نظام الملالي في أواخر العام 1993م، لاغتيال العديد من مسؤولي المعارضة الإيرانية في ستوكهولم، وقد عملت وزارة الاستخبارات لتنفيذ هذه الخطة من قبل جمشيد عابدي وسيمين قرباني، ولم تكتمل الجريمة، واعتقل الجاسوسان وطرد ثلاثة دبلوماسيين إرهابيين من سفارة النظام في السويد في 15 نوفمبر 1993م، وفي يناير 2008م طردت الحكومة السويدية حسن صالح مجد، دبلوماسي نظام الملالي، كعنصر غير مرغوب فيه في السويد.
سياسة الاسترضاء والتنازلات الغربية للملالي عواقبها وخيمة على العالم
السفارة في تركيا
تعدّ سفارة النظام الإيراني في تركيا مسرحاً في تنفيذ عشرات العمليات الإرهابية، كما لعبت دوراً في دعم أنشطة وزارة الاستخبارات الإيرانية في دول البلقان، وخصوصاً في ألبانيا، حيث اختطفت وزارة الاستخبارات في 11 أكتوبر 1988م، عن طريق دبلوماسيها الإرهابي في تركيا، عضو منظمة مجاهدي خلق أبو الحسن مجتهد زاده في إسطنبول، وشارك في الخطة 10 إرهابيين من وزارة الاستخبارات، أربعة منهم يحملون جوازات سفر دبلوماسية، ومنهم الإرهابي مجتهد زاده الذي وضعته السفارة في صندوق سيارة تابعة للسفارة لنقله إلى إيران، لكن على بعد كيلومترات قليلة عن الحدود الإيرانية، أوقفت الشرطة التركية سيارة السفارة، وعُثر على مجتهد زاده في صندوقها، وتم اعتقاله.
وكان منوشهر متكي، سفير النظام في تركيا آنذاك، والذي أصبح فيما بعد وزيراً لخارجية النظام، شارك في العملية الإرهابية، واعترف عليه مجتهد زاده، وبعد بضعة أشهر طلبت الحكومة التركية من متكي مغادرة البلاد.
كما كان لمنوشهر متكي، العضو السابق في استخبارات قوات الحرس دور في عدة عمليات اغتيال على الأراضي التركية خلال فترة عمله كسفير هناك.
وفي 14 مارس 1990م، حاولت طهران اغتيال محمد محدّثين، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية في إسطنبول، لكن خطة النظام فشلت، كما كان حسين مير عابديني، عضو لجنة الشؤون الخارجية في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، هدفاً لسلسلة من الهجمات الإرهابية، وقد أصيب بجروح خطيرة، ثم في 04 يونيو 1992م، اختُطف علي أكبر قرباني، عضو منظمة مجاهدي خلق الإيرانية، منتصف النهار في إسطنبول، وفي 05 يونيو 1992م، جرى زرع قنبلة في سيارة أحد أعضاء المعارضة الإيرانية، حيث قام فريق من الشرطة التركية بتفجير القنبلة، ولقوتها حطمت نوافذ المباني على بعد 200 متر، وجرى اكتشاف جثة علي أكبر قرباني المشوهة في 29 يناير 1993م في قبر قليل العمق في إحدى ضواحي إسطنبول، حيث أعلن وزير الدولة التركي في مؤتمر صحفي في 04 فبراير 1993م أن إرهابيين مرتبطين بطهران مسؤولون عن اغتيال علي أكبر قرباني، وقد أمر علي أكبر رفسنجاني شخصيا باغتيال قرباني، وأن الإرهابيين قد تم تدريبهم في ثكنة الصادق في مدينة قم، وفي 20 فبراير 1996م، اغتيلت زهراء رجبي عضو المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية وعلي مرادي في إسطنبول، والتي ذهبت إلى تركيا لمساعدة اللاجئين الإيرانيين، بإطلاق خمس رصاصات من مسافة قريبة، ثم اغتالوا مرادي، وجرت إدارة العملية من قبل سفارة النظام في تركيا، وكان أحد المهاجمين محسن كارجر آزاد سكرتير القنصلية الإيرانية في إسطنبول، ثم قُتل في 29 أبريل 2017م في مدينة إسطنبول، سعيد كريميان، مدير شبكة GEM TV الناطقة بالفارسية، ب 27 رصاصة، وقادت العملية الأجهزة الأمنية التابعة للنظام الإيراني.
وهناك العشرات من الاغتيالات التي ارتكبها نظام الملالي في تركيا لا يسع المكان لذكرها.
السفارة في واشنطن
كشف مسؤولون أميركيون في العام 2011م، عن مؤامرة من قبل النظام الإيراني لاغتيال السفير السعودي السابق عادل الجبير في واشنطن. وأشار وقتها مكتب التحقيقات الفدرالي إلى ذلك: «عمل إرهابي كبير في الولايات المتحدة»، وقال المدعي العام للرئيس الأسبق باراك أوباما، إريك هولدر، إن التحقيق وجد «أن هذه المؤامرة تم التخطيط لها ورعايتها وتوجيهها من قبل إيران، إنه يشكل انتهاكاً صارخاً لقانون الولايات المتحدة والقانون الدولي»، وأن الولايات المتحدة «ملتزمة بمحاسبة إيران» وأن المتآمرين كانوا يحاولون قتل الجبير بتوجيهات من فيلق القدس التابع لقوات الحرس، كما قالت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون: «هذا في الواقع، بالنسبة للعديد من الدبلوماسيين والمسؤولين الحكوميين، يتخطى الحد الذي يجب أن تحاسب إيران عليه»، وقال السناتور الديموقراطي السابق كارل ليفين، الذي شغل منصب رئيس لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ، إن «المؤامرة قد تكون عملاً حربياً ضد الولايات المتحدة»، ووصف نائب الرئيس حينها جو بايدن ذلك بأنه «إهانة تنتهك إحدى المقدمات الأساسية التي تتعامل الدول على أساسها مع بعضها البعض وهي قدسية وأمن دبلوماسييها»، وانتقد السناتور السابق جون ماكين الرئيس أوباما لفشله في تبني احتجاجات 2009م علناً، وأضاف أنه إذا امتلك النظام أسلحة نووية، «إن هذا النوع من السلوك المتهور الذي أظهروه هنا يمكن أن يترجم إلى مشكلة حقيقية خطيرة».
واتهمت وزارة العدل الأميركية في نيويورك في 11 أكتوبر 2011م، منصور أرباب سيار (56 عاماً)، مواطن إيراني أميركي مزدوج الجنسية، وغلام شكوري، قيادي في فيلق القدس، لدورهما في المؤامرة. ووجهت إليهم تهمة التآمر لقتل مسؤول أجنبي والتآمر لاستخدام سلاح دمار شامل.
وبعد ذلك بعام، أقر أرباب سيار بأنه مذنب بالمشاركة في مؤامرة اغتيال السفير السعودي لدى النيابة العامة الأميركية، وقال إنه حاول تجنيد عصابة مخدرات مكسيكية لتفجير مطعم في واشنطن حيث تناول الجبير العشاء، لكن المخطط فشل عندما تبين أن الجهة التي يتواصل معها أرباب سيار كانت عميلة سرية، ووفقاً لوزارة العدل، اعترف أرباب سيار بأنه «تم تجنيده وتمويله وتوجيهه من قبل كبار المسؤولين في فيلق القدس الإيراني»، وحكم على أرباب سيار بالسجن 25 عاماً في مايو 2013، بتهمة التآمر لقتل السفير السعودي.
واعتقل مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) في العام 2018، اثنين من المواطنين الإيرانيين، أحمد رضا محمدي دوستدار، 38 عامًا، وهو مواطن أميركي - إيراني، ومجيد قرباني، 59 عاماً، وهو مواطن إيراني ومقيم في كاليفورنيا، بتهمة مراقبة سرية وجمع معلومات تعريفية عن مواطنين أميركيين منهم من ينتمي إلى المعارضة الإيرانية.
وتم الإعلان عن الاتهامات من قبل مساعد المدعي العام للأمن القومي جون ديمرز: «يُتهم دوست دار وقرباني بالتصرف نيابة عن إيران، بما في ذلك من خلال مراقبة المعارضين السياسيين والمشاركة في أنشطة أخرى يمكن أن تعرض الأميركيين للخطر».
وقال مكتب التحقيقات الفدرالي إن قرباني ورد اسمه كأحد المقيمين في واشنطن والذي كان يراقب، علي رضا جعفر زاده، نائب مدير مكتب المجلس الوطني للمقاومة في واشنطن، وعلي صفوي، رئيس شركة استشارات أبحاث سياسات الشرق الأدنى في واشنطن، وعضو لجنة الشؤون الخارجية في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية».
وأعلنت وزارة العدل في يناير 2020م، أن المتآمرين، دوستدار وقرباني، «حُكم عليهما بالسجن 38 شهراً و30 شهراً على التوالي، لإدانتهما جنائياً». وقال مساعد المدعي العام للأمن القومي جون سي ديمرز: «توضح هذه الحالة استهداف إيران للأميركيين في الولايات المتحدة من أجل إسكات أولئك الذين يعارضون النظام الإيراني أو لتعزيز أهدافها».
وقال جاي تاب، مساعد المدير التنفيذي لفرع الأمن القومي في مكتب التحقيقات الفيدرالي، «لن يتسامح مكتب التحقيقات الفيدرالي بإجراء عمليات مراقبة هنا في الولايات المتحدة بأمر من دول أجنبية مثل إيران».
ختاماً.. لطالما كان الإرهاب أداة في يد نظام الملالي، وفي محاولة منه للبقاء والحفاظ على توازنه، قام بتنشيط العمليات الإرهابية بشكل كبير في جدول أعماله مع الدول الأخرى، وفي مجالات مختلفة.. حيث غيرت وزارة استخبارات الملالي في العام 2017م خطة عملها بما يتوافق مع تنفيذ هذه الاغتيالات، وخصصت من الناحية الهيكلية مزيداً من التركيز والإمكانات للإرهاب الخارجي، وتحديداً في أوروبا والولايات المتحدة.
لذلك نجد أن السفارات الإيرانية في الواقع ملاذات آمنة لجمع المعلومات الاستخباراتية، والخدمات اللوجستية، والعمليات الإرهابية، التي تقوّض أمن الدول، وتضع شخصيات ومواطني تلك الدول في خطر، كما أن سياسة الاسترضاء والتنازلات لنظام الملالي خصوصاً في مجال الإرهاب ستكون لها عواقب وخيمة على العالم أجمع.
الضحايا
داريوش فروهر وبروانة إسكندري
د. كاظم رجوي
محمد جعفر بوينده ومحمد مختاري
فائزة رجبي
أبو الحسن مجتهد زاده
عبدالرحمن قاسملو
علي أكبر قرباني
شابور بختيار
صادق شرافكندي
محمد حسين نقدي
المجرمون
غلام حسين محمدنيا
منوتشهر متكي وظريف
أرباب سيار
حميد أبو طالبي
دوستدار
علي فلاحيان
قربان علي دري نجف أبادي
قرباني
کاظم دارابي
محمد جعفري صحرا رودي
مسعود هندي
مصطفي رودکي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.