لا تزال الفضيحة التي تورطت فيها القوات الجوية اللتي طالما حظيت بهالة التفوق في الجو وفي ردهات الكونغرس وشركة البوينغ العملاقة في صناعة الأسلحة مستعرة على اوجها. وتشمل هذه الفضيحة المتصاعدة مليارات الدولارات في انظمة اسلحة حاول مسؤولون فيما مضى نفيها ووصفها بأنها من افعال موظف لا يرجى خيراً منه. وأساءت تلك الفضيحة الى سمعة القوات الجوية وتسببت في اجراء تغييرات طالت اعلى الرتب فقد أجبرت الضغوط وزير القوات الجوية جيمس روشي الذي كان في يوم النجم الصاعد في وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاغون» على الاستقالة من منصبه مما حدا برئيس لجنة الخدمات العسكرية في مجلس الشيوخ والعضو الجمهوري من ولاية فيرجينيا جون وورنر للقول ضمن تداعيات تلك الفضيحة بأن استقالة روشي واكبر مساعديه جاءت في صالح القوات الجوية. وكتب السناتور وورنر رسالة انتقاد شديدة الى وزير الدفاع الأمريكي دونالد رامسفيلد في اواخر الشهر الماضي وبعد وقت قليل من الإعلان عن تلك الفضيحة يصف فيها قيادة القوات الجوية بعدم الملائمة ويتكهن فيها بحدوث آثار شنيعة اذا لم يتم تصحيح الافتقار للمراقبة والاشراف في منح انظمة اسلحة بمليارات الدولارات. وكانت العلاقة بين القوات الجوية وشركة بوينغ التي تعتبر المورد الرئيسي للقوات الجوية في قلب تلك الفضيحة فقد تميزت تلك العلاقة بدفء كبير واتضحت حميمية تلك العلاقة بجلاء عندما اعترفت مسؤولة المشتريات في البنتاغون دارلين درين امام محكمة اتحادية مؤخرا بأنها عملت على تحويل مليارات الدولارات بطريقة غير عادلة الى شركة بوينغ حيث كانت تسعى للحصول على وظائف في الشركة لنفسها ولصهرها. وتواجه دارلين الآن والتي كانت تشرف فيما مضى على ميزانية الثلاثين مليار دولار لمشتريات القوات الجوية السجن لمدة تسعة أشهر بعد عزلها من وظيفة يبلغ اجرها مائتين وخمسين الف دولار سنوياً كانت قد حصلت عليها في شركة بوينغ بعد تركها للقوات الجوية. وأقر رئيس الادارة المالية السابق في شركة بوينغ مايكل سيرس ايضاً امام المحكمة في تلك القضية بالذنب ويواجه الآن حكما قاسيا. وتهدد الفضيحة شركة البوينغ والتي تعتمد في نصف عائداتها ذات الخمسين مليار دولار سنويا على العقود العسكرية بفقد مليارات الدولارات في الوقت الذي يطالب فيه أعضاء في مجلس الشيوخ بإنزال عقوبات مالية عليها وبوقف اتصالات القوات الجوية معها. وفي الوقت الذي تستمر فيه التحقيقات بشأن هذه الفضيحة فإن المزيد من مديري الشركة يرد ذكرهم في وثائق المحكمة وتتعرض الشركة الى المزيد من الضغوط من سياسيين ومنافسين لها فضلاً عن أن المصير المهني لعشرات المسؤولين الكبار في القوات الجوية وفي البنتاغون اضحى يكتنفه الخطر وفي كف عفريت.