مدينة الأمير عبدالله بن جلوي الرياضية تستضيف ختام منافسات الدرفت    البريد السعودي يصدر طابعاً بريدياً بمناسبة اليوم العالمي للطفل    أمير الشرقية يفتتح أعمال مؤتمر الفن الإسلامي بنسخته الثانية في مركز "إثراء"    الدفاع المدني يحذر من الاقتراب من تجمعات السيول وعبور الأودية    تهديدات قانونية تلاحق نتنياهو.. ومحاكمة في قضية الرشوة    لبنان: اشتداد قصف الجنوب.. وتسارع العملية البرية في الخيام    مذكرة تفاهم بين إمارة القصيم ومحمية تركي بن عبدالله    الاتحاد يخطف صدارة «روشن»    دربي حائل يسرق الأضواء.. والفيصلي يقابل الصفا    انتفاضة جديدة في النصر    ارتفاع الصادرات السعودية غير البترولية 22.8 %    برعاية ولي العهد.. المملكة تستضيف مؤتمر الاستثمار العالمي    بركان دوكونو في إندونيسيا يقذف عمود رماد يصل إلى 3000 متر    «التراث» تفتتح الأسبوع السعودي الدولي للحِرف اليدوية بالرياض    المنتدى السعودي للإعلام يفتح باب التسجيل في جائزته السنوية    جامعة الملك عبدالعزيز تحقق المركز ال32 عالميًا    لندن تتصدر حوادث سرقات الهواتف المحمولة عالمياً    16.8 % ارتفاع صادرات السعودية غير النفطية في الربع الثالث    «العقاري»: إيداع 1.19 مليار ريال لمستفيدي «سكني» في نوفمبر    «التعليم»: السماح بنقل معلمي العقود المكانية داخل نطاق الإدارات    «الأرصاد» ل«عكاظ»: أمطار غزيرة إلى متوسطة على مناطق عدة    صفعة لتاريخ عمرو دياب.. معجب في مواجهة الهضبة «من يكسب» ؟    «الإحصاء» قرعت جرس الإنذار: 40 % ارتفاع معدلات السمنة.. و«طبيب أسرة» يحذر    5 فوائد رائعة لشاي الماتشا    في الجولة الخامسة من دوري أبطال آسيا للنخبة.. الأهلي ضيفًا على العين.. والنصر على الغرافة    في الجولة 11 من دوري يلو.. ديربي ساخن في حائل.. والنجمة يواجه الحزم    السجل العقاري: بدء تسجيل 227,778 قطعة في الشرقية    السودان.. في زمن النسيان    لبنان.. بين فيليب حبيب وهوكشتاين !    مصر: انهيار صخري ينهي حياة 5 بمحافظة الوادي الجديد    «واتساب» يغير طريقة إظهار شريط التفاعلات    اقتراحات لمرور جدة حول حالات الازدحام الخانقة    أمير نجران: القيادة حريصة على الاهتمام بقطاع التعليم    أمر ملكي بتعيين 125 عضواً بمرتبة مُلازم بالنيابة العامة    ترحيب عربي بقرار المحكمة الجنائية الصادر باعتقال نتنياهو    تحت رعاية سمو ولي العهد .. المملكة تستضيف مؤتمر الاستثمار العالمي.. تسخير التحول الرقمي والنمو المستدام بتوسيع فرص الاستثمار    محافظ جدة يطلع على خطط خدمة الاستثمار التعديني    الإنجاز الأهم وزهو التكريم    نهاية الطفرة الصينية !    أسبوع الحرف اليدوية    مايك تايسون، وشجاعة السعي وراء ما تؤمن بأنه صحيح    ال«ثريد» من جديد    الأهل والأقارب أولاً    اطلعوا على مراحل طباعة المصحف الشريف.. ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة يزورون المواقع التاريخية    أمير المنطقة الشرقية يرعى ملتقى "الممارسات الوقفية 2024"    «كل البيعة خربانة»    مشاكل اللاعب السعودي!!    انطلق بلا قيود    تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين ونيابة عنه.. أمير الرياض يفتتح فعاليات المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة    مسؤولة سويدية تخاف من الموز    السلفية والسلفية المعاصرة    دمتم مترابطين مثل الجسد الواحد    شفاعة ⁧‫أمير الحدود الشمالية‬⁩ تُثمر عن عتق رقبة مواطن من القصاص    أمير الرياض يكلف الغملاس محافظا للمزاحمية    اكثر من مائة رياضيا يتنافسون في بطولة بادل بجازان    محمية الأمير محمد بن سلمان تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش    "الحياة الفطرية" تطلق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    قرار التعليم رسم البسمة على محيا المعلمين والمعلمات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أكسفورد للطاقة: 0.7 مليار دولار خسائر الخفض الطوعي للإنتاج

حتى محللي وخبراء واستشاريي الطاقة في العالم وبالأخص الاختصاصيون بشؤون البترول وأوضاعه في حاضره ومستقبله من مختلف المناحي من طرق الاستكشاف والإنتاج والنقل والعرض والطلب والمخزون العالمي والاحتياطات والسياسات البترولية الدولية الناجحة التي تبادر بها المملكة العربية السعودية منها البيئية المعززة لجهودها للمحافظة على كوكب الأرض من ملوثات كافة أنواع الصناعة وتشريع القوانين والنظم التي تحكم تحولات الطاقة، فضلاً عن قيادتها الراشدة والقوية لسوق الطاقة العالمي وتولي حل مختلف قضاياه بما يخدم الاقتصاد العالمي وبما يخدم المنتجين والمستهلكين والتجار والمستثمرين، إلى نجاحها الباهر في أبريل الماضي حينما ناشدها العالم لإعادة اتخاذ دورها القيادي والريادي للسوق البترولية العالمية المنهارة بانهيار التحالف.
وعلى الفور استجابت المملكة وأعادت إحياء تحالف دول أوبك وشركائها في اتفاقية خفض الإنتاج العالمي المشترك ضمن سياق صفقة أوبك+ بهدف إعادة توازن السوق المضطرب الذي تلقى عديد الصدمات المدوية من الجائحة وتطوراتها من إغلاق كامل اقتصادات العالم التي ألقت بظلالها على الطاقة وبالأخص على صناعة النفط والغاز والتكرير والكيميائيات والتي شهدت جميعها أكبر الخسائر وتدهور قيم أصولها إلى إشهار بعضها حالات إفلاس ودمج لتقليل العمليات التي ليس لها مشترٍ والبيع بالسالب للنفط الصخري الأميركي.
إلى أن تدخلت المملكة لتنتشل النفط من الهاوية وتعيد له هيبته بعد أن خرجت بالاجتماع الاستثنائي لأوبك+ الذي دعت إليه وقادته إلى أكبر خفض تاريخي في عمر صناعة النفط في العالم بدأتها بكبح إنتاج نحو 10 % من الإنتاج العالمي لثلاثة أشهر، بدءاً من مايو الماضي، ثم خفض نحو 8 % إلى نهاية 2020، ثم أخيراً تخفيض الخفض إلى نحو 6 % من يناير 2021 إلى أبريل 2022، والتي وفور الاتفاق عليها وإعلانها بدأ النفط يعاود تدريجياً استقراره ومعاودة الموازنة في المعروض وتصريف المخزونات المفرطة وبالتالي عاد الاستقرار للنفط والاطمئنان لبلايين سكان العالم بموثوقية قيادة المملكة ورفدها العالم بوقود الحضارة والتنمية والطاقة الخضراء التي بدأ العالم يشار للمملكة بالبنان في تحولات الطاقة النظيفة.
تلك الرواية ملخص تطرحه "الرياض" تزامناً مع إصدار معهد أكسفورد لدراسات الطاقة تقرير النفط الشهري لفبراير الذي تطرق لموقف المملكة فيما يتعلق بأسواق البترول العالمية ولاسيما خفض الإنتاج السعودي المفاجئ حيث يرى المحللان بسام فتوح، وأندرياس إيكونومو "أن قرار المملكة العربية السعودية خفض الإنتاج لم يكن سياسياً، كما ادعى البعض، وإنما كان على أساس قراءتها لتطورات السوق". والواقع أن هذه الخطوة تعطي المملكة مرونة أكبر فيما يتعلق بخياراتها المستقبلية، وُيظهر استعدادها للعمل بشكل مستقل عندما تتطلب ظروف السوق ذلك. ويمكن لهذا الخفض الذي قامت به المملكة أن يعزز تماسك اتفاق أوبك+ بدلاً من إضعافه.
وأضاف تقرير معهد أكسفورد لدراسات الطاقة الذي تعمقت "الرياض" في تفاصيله، بأن "المملكة فاجأت أسواق البترول، ففي حين أن جميع التوقعات كانت تشير إلى قيام دول اتفاق أوبك+ بإعادة ال1.5 مليون برميل يومياً، المتبقية من تخفيضاتها الحادة، إلى الأسواق بحلول شهر إبريل 2021م، أعلنت المملكة، بدلاً من ذلك، عن خفض إنتاجها بمقدار مليون برميل يومياً لشهري فبراير ومارس. ومنذ ذلك الإعلان، اتجهت أسعار البترول إلى الارتفاع، بالرغم من عودة إجراءات الإغلاق في أماكن عدة في العالم، وكان خام برنت، عند كتابة التقرير، يباع بأكثر من 55 دولاراً للبرميل، فيما تميل هيكلة الصفقات أكثر فأكثر نحو توقع ارتفاع الأسعار.
وقد عد بعض المراقبين قرار المملكة الأخير قراراً سياسياً، بدلاً من اعتباره قراراً "فنيًا". وذهب بعض المعلقين إلى أن المملكة العربية السعودية طبقت الخفض لتعزيز "مكانتها" بوصفها قائداً مسؤولاً للسوق، في مرحلة حاسمة تريد فيها المملكة أن تبني علاقات دبلوماسية فاعلة مع حكومة الرئيس بايدن، الجديدة، في الولايات المتحدة. وأخيُراً رأى بعضهم أن القرار السعودي الأخير سيؤدي إلى خسارة في الإيرادات، على الرغم من أن بالإمكان النظر إليه على أنه دفعة للتأمين ضد هبوط محتمل في أسعار البترول.
في وقت يتساءل المحللون: "ترى، هل هناك تفسيرات وتوضيحات أخرى بديلة، أوضح، وإن كانت أقل إثارة؟" وورد التقرير بعض الملاحظات. أولاً: في بيئة غامضة، يعاد فيها فرض القيود في أنحاء كثيرة في العالم، يكون الحذر والمرونة مهمين جداً. فإذا انخفض الطلب نتيجة للقيود التي تجدد فرضها، فإن هذا الخفض سيساعد على المحافظة على توازن الأسواق والسيطرة على مستوى المخزونات. أما إذا أصبح الطلب أفضل من التوقعات، فإن هذا القرار سيؤدي إلى خفض مستوى المخزونات، الذي ما يزال مرتفعاً مقارنة بمعدل السنوات الخمس (من 2015 إلى 2019م).
وبمعنى آخر، قد يعجل هذا الخفض السعودي بإعادة التوازن إلى السوق بضعة أشهر، إذا تبين أن الطلب أقوى مما كان يخشى أن يكون عليه. وهبوط مستوى المخزونات الموجودة يمنح للمملكة مرونة أكبر في الاستجابة لحال الغموض التي تعتري الطلب، وكذلك يساعد على المحافظة على بقاء هيكلة الصفقات في السوق في حال ميل نحو ارتفاع الأسعار، كما سُيثبط محاولات بناء المخزونات، وإجراءات التحوط من قبل منتجي البترول الصخري الأميركي.
ثانياً: إن قرار المملكة خفض الإنتاج يؤكد دور المملكة القيادي واستعدادها للتصرف باستقلالية إذا تطلبت ظروف السوق ذلك. فقد بات من الواضح أن لدى روسيا والمملكة العربية السعودية رؤى مختلفة حول تحركات السوق، فروسيا تفضل العودة إلى مستويات الإنتاج السابقة، وبقاء الأسعار بين 45 و55 دولاراً للبرميل، كما أن رأيها حول الإنتاج الأميركي من البترول الصخري مختلف، بشكل جوهري، عن الرأي السائد في السوق.
وتتوقع روسيا عودة قوية لإنتاج البترول الصخري الأميركي إذا ما ارتفع سعر البرميل إلى ما فوق 50 دولاراً، وسوف يترُقب، بعدم ارتياح، تزايد حصة الولايات المتحدة من صادرات البترول الخام إلى أوروبا، التي هي الوجهة الأولى للبترول الخام الروسي، حيث كانت أوروبا تستوعب 76 % من مجموع صادرات روسيا، بين عامي 2013م و 2016م، ولكن بين عامي 2016م و2020م، انخفضت الصادرات الروسية إلى أوروبا بمعدل 282 ألف برميل يومياً، في حين ارتفعت الصادرات الأميركية إلى أوروبا، خلال نفس الفترة، بمعدل 349 ألف برميل يوميًا، بينما كانت عند 23 ألف برميل يومياً في عام 2016م.
وعلى الرغم من أن حصة روسيا قد ارتفعت بمقدار 65 ألف برميل يومياً، بموجب الاتفاق الأخير، فإن من المتوقع أن تنخفض صادراتها من جبال الأورال في شهر فبراير (وقد يستمر الانخفاض إلى شهر مارس)، الأمر الذي سيتيح للولايات المتحدة أن تتمكن من زيادة حصتها السوقية في أوروبا خلال الأسابيع القادمة، بناء على حجم الطلب. وكذلك يبدو أن روسيا أقل قلقاً إزاء المستويات العالية للمخزونات التجارية.
وفي المقابل، لدى السعودية تصور مختلف تجاه تحركات السوق، فهي تعتقد أن من شأن زيادة الإنتاج في هذه الفترة، كما هي رغبة روسيا، أن يقوض بعض أهدافها الرامية إلى التصرف باستباقية، وعدم المخاطرة بما تحقق حيال إعادة التوازن ومحاولة تخفيض مستوى المخزونات. وبتخفيض المملكة إنتاجها، وإبقاء روسيا وكازاخستان زيادة إنتاجهما عند حد 75 ألف برميل يومياً، وقيام باقي دول اتفاق أوبك+ بعدم زيادة الإنتاج، وبالتالي حجب مليون برميل يومياً، مع الاستمرار في استهداف التعويض بخفض 1.5 مليون برميل يومياً تقريباً، في شهري فبراير ومارس، فإنه يمكن النظر إلى القرار الأخير لاتفاق أوبك+ على أنه "حل وسط" نوعاً ما. والواقع، أنه نظراً لطبيعة التنوع بين دول الاتفاق، فإن قرارات أوبك خاضعة ل"التحسين المقيد" حيث يقوم تجانس دول اتفاق أوبك+ مقام القيد الملزم.
وأضاف تقرير معهد أكسفورد لدراسات الطاقة في النقطة الثالثة "أن إحدى النقاط المهمة، التي لم تذكرها التعليقات، هي أن القرار الأخير يزيد من مرونة المملكة ويوسع خياراتها تجاه السياسات التي يمكن أن تتبناها. فإذا ارتفع الطلب ارتفاعاً حاداً، في ظل التوّسع في توفير اللقاحات، فإن المملكة تستطيع، حينئذ، الاستحواذ على جزء كبير من تلبية الطلب المرتفع هذا، عن طريق زيادة إنتاجها انطلاقًا من المستوى المنخفض نسبيًا الذي بات عنده. وإذا تبين، على عكس هذا، أن الطلب كان أضعف (سيناريو التعافي المتأخر)، فإن المملكة تستطيع، تدريجياً، إعادة تلك الكمية المخفضة إلى السوق، مشترطة، على سبيل المثال، أن يبقي أعضاء اتفاق أوبك+ الآخرون على مستويات إنتاجهم كما هي.
وفي سيناريو تمديد اتفاق أوبك+ هذا ستكون السعودية قادرة على المحافظة على التقدم في إعادة التوازن للأسواق وإنعاش الأسعار، حيث تستطيع الإبقاء على المعدل السنوي لسعر خام برنت فوق 50 دولاراً للبرميل، وتقليص الأثر السلبي البالغ 3.1 دولارات في سعر البرميل، الناجم عن ضعف الطلب إلى حدود 0.1 دولار للبرميل فقط على مستوى العقود السنوية.. لذلك، فقد اتسعت مجموعة الخيارات المتاحة أمام أوبك+ نتيجة للقرار الأخير، وهذا سيجعل توقع التحرك القادم لدول الاتفاق أمراً صعباً، وربما يثني بعض المتاجرين بالعقود قصيرة الأجل عن دخول السوق. والخلاصة، هي أن السعودية نجحت، في الأشهر القليلة الماضية، في مفاجأة الأسواق، وأبدت ميلاً لاتخاذ قرارات كبيرة (مثل خفض الإنتاج بمقدار مليون برميل يومياً) لإحداث أقصى أثر ممكن في السوق وفي التوقعات.
وأخيراً، بالنسبة للإيرادات، كان هناك جدل حول الخسائر المحتملة في الإيرادات التي قد تتحملها المملكة نتيجة لخفض الإنتاج، ولكن الخسائر ليست هي الحصيلة الوحيدة المحتملة لحساب المكاسب أو الخسائر في الإيرادات، يجب على المرء أن يقارن الأسعار التي كان من الممكن أن يباع بها البترول بدون الخفض السعودي، مقابل إضافة دول اتفاق أوبك+ 500 ألف برميل يومياً إلى إمدادات شهري فبراير ومارس. فلو اختارت دول اتفاق أوبك+ الاختيار الثاني لتعرضت الأسعار إلى هزة وهبطت إلى ما دون 50 دولاراً للبرميل، نظراً إلى مستوى الغموض العالي المتعلق بالطلب.
وفي نفس الوقت، فإن المملكة، بإعلانها الخفض في يناير، على أن يدخل حيز النفاذ فعلياً في شهري فبراير ومارس، قد حققت سعراً أعلى لمبيعاتها في شهر يناير، بل إن نموذجنا للأسعار اليومية، المبني على مؤشر تحليل آراء السوق، يشير إلى إن كان للإعلان السعودي، في 5 يناير 2021م، الفضل الكامل، تقريباً، في ارتفاع الأسعار بمقدار 4.9 دولارات للبرميل في الأسبوع المنتهي في 8 يناير (بمقدار 4.73 دولارات للبرميل)، ما دفع الأسعار إلى ما معدله تقريبا 55 دولاراً للبرميل، لبقية الشهر، وحافظ عليها عند هذا المستوى. لذلك فإن فترة حساب التغّير في الإيرادات ينبغي ألا تكون في شهري فبراير ومارس فقط، بل يجب أن تشمل شهر يناير أيضاً. وبالإضافة إلى هذا، فإن نتائج الخفض قد لا تقتصر على شهر مارس فقط، فبناء على مقدار هبوط المخزونات، وعلى الخطوة القادمة لدول اتفاق أوبك+، ربما تتعدى تلك النتائج شهر مارس لتستمر إلى نهاية العام.
لتقييم النقاط أعلاه عمليًا، قدرنا الإيرادات البترولية الإجمالية للمملكة بناء على سيناريوهين اثنين: الأول؛ قائم على السياسة الحالية للمملكة واتفاق أوبك+، على افتراض أن المملكة سُتعيد، في شهر إبريل، إنتاج المليون برميل يومياً التي خفضتها، وأن دول اتفاق أوبك+ ستعيد ال1.5 مليون برميل يومياً المتبقية، بحلول شهر يونيو 2021م، (سيناريو الخفض السعودي). والثاني؛ قائم على أن تعيد المملكة وأوبك+ ال1.5 مليون برميل يومياً المتبقية إلى السوق خلال الفترة من فبراير إلى إبريل 2021م، مشيرين إلى نيتهم فعل ذلك في شهر يناير 2021م (سيناريو التناقص).
وُتظهر النتائج أنه في حين أن الوضع الحالي قد يتسبب في خسائر للمملكة بقيمة 0.7 مليار دولار في الربع الأول من عام 2021م، مقارنة بسيناريو التناقص، الخسائر في الإيرادات المحصورة في شهري فبراير ومارس، إلا أن ارتفاع الأسعار سيعوض هذه الخسائر وأكثر في الربع الثاني (أكثر من 1.48 مليار دولار)، والربع الثالث (أكثر من 0.54 مليار دولار)، لينتهي العام بمقدار أعلى من سيناريو التناقص ب 0.68 مليار دولار.
وباختصار، فإن الخسارة في الإيرادات ليس أمراً مفروغاً منه، بل يمكن أن يتبين، بسهولة، أنه، في إطار افتراضات معينة، قد تكون الإيرادات بالفعل أعلى من السيناريو البديل، الذي تزيد فيه أوبك+ الإنتاج بمقدار 500 ألف برميل يومياً.
ومن بعض المخاطر المحتملة، وعلى الرغم مما ذكرناه، هناك مخاطر متعلقة بهذا الخفض الأخير. فكما أشار كثير من المراقبين، قد يؤدي الخفض من جانب واحد إلى التأثير في الحوافز التي تدفع المنتجين الآخرين في اتفاق أوبك+ للالتزام بحصصهم. كما أن معاملة روسيا معاملة خاصة، نوعاً ما، قد تفسد التماسك بين دول اتفاق أوبك+. وكذلك قد يؤدي الارتفاع الذي شهدته الأسعار مؤخراً إلى تعزيز حركة منصات الحفر، وإنعاش إنتاج البترول الصخري الأميركي بسرعة.
وفي هذه الحال، يمكن تعويض الخفض، بصورة كاملة أو جزئية، من قبل المنتجين الآخرين، فتتقلص بذلك، مع مرور الوقت، أي مكاسب تم تحقيقها. وكذلك، رأى البعض أن المملكة تخلت عن مبدأ رئيس هو عدم التصرف بشكل منفرد، وأن أي خفض للإنتاج يجب أن يطبق بشكل جماعي مع المنتجين الآخرين. وهناك نقطة أخرى، ذات صلة، كثيراً ما تثار، وهي أن المملكة أكدت، مجددًا، دورها كمنتج مرّجح، وهو دور توقفت عن القيام به منذ عام 1986م.
وقال التقرير: "وهناك نقاط عدة يجدر بنا إبرازها هنا، منها أن الخفض محدود المدة، ومن المهم الإشارة إلى أن السعودية (إلى جانب الكويت والإمارات) عرضت خفضاً طوعياً مشابهاً، في شهر يونيو من عام 2020م، دون أن يكون لذلك أثر كبير في التزام دول اتفاق أوبك+". وأضاف التقرير "فبين شهري مارس وديسمبر 2020م كان الالتزام عالياً بصورة استثنائية (قريباً من 100 % لدول أوبك+). وكذلك فإن هذا الخفض يأتي في سياق محدد، يرتفع فيه مستوى الغموض بشكل كبير، بسبب انتشار الفيروس". وعلل التقرير "ولذلك فإن الاستناد إلى فكرة الخفض الطوعي المحدود لوصف المملكة بأنها منتج مرّجح هو أمر مبالغ فيه، لاسيما أن السعودية تصر على أنها لن تلعب هذا الدور مرة أخرى. وليكون دور المنتج المُرجح فاعًلا، فإن عليه أن يكون مرجحاً طيلة الوقت، استجابة لظروف السوق المتغيرة، وأن يكون مرجحًا في كل الاتجاهات، "وأن تصُدر عنه رسائل يوثق بها إلى السوق مفادها أنه مستعد للعب هذا الدور مهما كانت ظروف السوق. وجميع هذه الشروط غير متحققة في الحال التي أمامنا". ومن مصلحة باقي الدول في اتفاق أوبك+ ضمان المحافظة على الالتزام الدقيق، لاسيما في شهري فبراير ومارس.
فقد أظهرت المملكة، على مدى السنوات الماضية، استعدادها لتغيير سياستها، والإنتاج بأقصى طاقتها، إذا انخفض مستوى الالتزام، أو كانت تبعات التعاون المتوقعة أكبر من المكاسب المتوقعة. وهكذا، فإن المملكة تستطيع، بسهولة، أن تنتقل إلى الاتجاه المعاكس، ردا على انخفاض مستوى الالتزام، وبالنظر إلى مستوى الإنتاج السعودي المنخفض نسبياً، فإن ارتفاع الإنتاج، الذي قد ينجم عن هذا الانتقال، قد يكون كبيراً جداً، كما حدث في إبريل 2020م. وإن من شأن احتمال تغيير المملكة سياستها، أن يساعد في مواءمة مصالح دول اتفاق أوبك+، وأن يحفز على الالتزام. وذلك، لأن المكاسب المتوقعة من التمسك بالاتفاقية، وجني الفوائد الإضافية الناجمة عن الخفض السعودي، تفوق الخسائر الناتجة عن انهيار الاتفاقية وما يتبع ذلك من انهيار أسعار البترول والتغيّير في معنويات السوق.
ولا يزال الأثر الكامل لقرار السعودية الأخير غير محدد بعد، إذ إنه سيتشكل نتيجة لعوامل كثيرة جداً، منها على سبيل المثال فقط، سرعة تعافي الطلب، وتماسك دول اتفاق أوبك+، والخطوة القادمة لدول اتفاق أوبك+، واستجابة البترول الصخري الأميركي. لكن التحليل، أعلاه، يظهر أنه ينبغي أن يتم تحليل القرار السعودي الأخير بناء على العوامل السوقية من دون اللجوء إلى التفسيرات السياسية، كما يظهر أن قرارات أوبك+ هي نتيجة لتحسين "مقيد". وإحدى أهم مزايا القرار الأخير هي توسيع مجموعة خيارات السياسات التي يمكن انتهاجها أمام دول اتفاق أوبك+، ومن شأن هذا أن يعزز من تماسك اتفاق أوبك+ في هذه الأوقات العصيبة، لا أن يضعفه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.