وسط تصاعد عمليات الاغتيال والهجمات العنيفة في أفغانستان، تلمح إدارة جو بادين إلى نيتها إبقاء القوات الأميركية في أفغانستان بعد الموعد النهائي الذي ينتهي في مايو - يناير المقبل وفقاً للاتفاق الذي حدده اتفاق الدوحة بين أميركا وطالبان. وبينما خفّض الرئيس ترمب أعداد القوات الأميركية في أفغانستان إلى أقل مستوى منذ 20 عاماً من الحرب الأميركية في أفغانستان، صرّحت إدارة جو بايدن بأن أعمال العنف المتصاعدة من قبل طالبان تشكّل كسراً لروح الاتفاق بين الطرفين. وكان الاتفاق الذي وقعته إدارة ترمب قبل عام تقريباً، قد دعا طالبان وجماعات مقربة منها إلى الالتزام بوقف إطلاق النار مع الحكومة الأفغانية، والدخول في محادثات هادفة حول المستقبل السياسي لأفغانستان، والتزام طالبان بوعودها بقطع العلاقة مع تنظيم القاعدة الذي استخدم الأراضي الأفغانية كنقطة انطلاق ساعدت التنظيم المتطرف على شن هجمات الحادي عشر من سبتمبر. وقال جون كيربي -المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية البنتاغون- الأسبوع الماضي "طالبان لم تفِ بالتزاماتها بينما نقترب من الموعد النهائي للانسحاب الكلي في أوائل مايو المقبل" مضيفاً "من دون التزام طالبان بتعهداتها بنبذ الإرهاب ووقف الهجمات العنيفة على قوات الأمن الوطنية الأفغانية سيكون من الصعب جداً تطبيق التسوية والمضي قدماً فيها". وكان تقرير المفتش الأميركي الخاص لشؤون أفغانستان قد كشف عن تصاعد كبير للخسائر في أفغانستان بشكل استثنائي في أشهر الشتاء، حيث لا تلتزم طالبان باتفاقية وقف إطلاق النار مع الحكومة ما أدى إلى تصاعد حدة العنف والهجمات التي يشنّها متطرفون في أفغانستان. كما أشار تقرير "سوبكو" إلى أن طالبان لم تقطع علاقتها بإرهابيي القاعدة الذين دبّروا هجمات الحادي عشر من سبتمبر. وبينما تحاول إدارة جو بايدن أن تبقي قواتها في أفغانستان كورقة للاستمرار بتطبيق الضغوطات على طالبان للالتزام بتعهّداتها، هدد نائب مفاوض طالبان بأن المسلّحين سيقومون باستئناف الهجمات على أفراد الخدمة الأميركية إذا لم تنسحب الولاياتالمتحدة نهائياً في الموعد المحدد. مضيفاً "في كل تاريخ أفغانستان لم نمنح ممرًا آمنًا لخروج القوات الأجنبية الغازية لذا فهذه فرصة جيدة للأميركيين حيث نمنحهم اليوم فرصة أخيرة للخروج بأمان وفقاً للاتفاقية الأخيرة". كما أشار شير محمد عباس ستانيكزاي، نائب المفاوض الأفغاني الى أن حديث جو بايدن عن إبقاء بعض القوات الأميركية في أفغانستان سيكون انتهاكاً صريحاً للاتفاق. وقالت لاورا مايلير -المحللة في شؤون شرق آسيا- لجريدة "الرياض": "إن هذه الأصوات المتصاعدة من حلف الناتو وإدارة جو بايدن حول نية الولاياتالمتحدة البقاء في أفغانستان حتى بعد الموعد المحدد للانسحاب في مايو، ستكون قنبلة موقوتة ومشكلة كبيرة في مواجهة الولاياتالمتحدة". مضيفة "عدم التفاوض مع طالبان وإقناعها بالمفاوضات السلمية بنية الولاياتالمتحدة البقاء وشرح أسبابها سيكون باباً لاشعال حقبة جديدة من التصعيد العسكري في أفغانستان". وترى مايلير أن إدارة ترمب وضعت الولاياتالمتحدة في مأزق حين منحت طالبان وعداً بالخروج النهائي من أفغانستان في مايو المقبل، الأمر الذي سيعقّد على إدارة جو بايدن المفاوضات مع طالبان والموقف في الداخل الأميركي، حيث يرغب الشعب الأميركي فعلاً بالانسحاب من أفغانستان إلا أن الطبقة السياسية والعسكرية في واشنطن تدرك أن التهديد للولايات المتحدة وأمن حلفائها سيستمر إذا ما أقدمت أميركا وحلفاؤها على الانسحاب الكلي تاركة وراءها ملء الفراغ في أفغانستان لروسيا وإيران. وكان ملف "أفغانستان" مصدراً لخلاف كبير بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب ومسؤولي البنتاغون حيث اعترض وزير الدفاع حينها، مارك أسبر على عملية الانسحاب وحثّ إدارة ترمب على التشدد في مسألة البقاء في أفغانستان حتى تنفّذ طالبان كل شروطها. وكانت معارضة مارك أسبر العلنية لمواقف ترمب في أفغانستان قد أفضت إلى إقالة أسبر من منصبه مع عدد من قادة البنتاغون من قبل إدارة الرئيس السابق ترمب.