أشرت في مقال سابق إلى الدراسة الاستشرافية التي أعدها مركز "cebr" البريطاني للاقتصاد وأبحاث الأعمال، والتي توقعت أن يصبح الاقتصاد الصيني بحلول العام 2028 أكبر اقتصاد في العالم -مزيحاً بذلك الولاياتالمتحدة عن العرش الذي تربعت عليه منذ الحرب العالمية الثانية وحتى الآن-. ولكن هذه الدراسة لم تقتصر تنبؤاتها على الصينوالولاياتالمتحدة وحدهما، وإنما شملت اقتصاد 193 بلداً، ومن ضمنهم اقتصاد المملكة. ولذلك، سوف أخصص هذه السطور لبعض ما جاء في هذه الدراسة عن بلدنا، فهي تتوقع تحسن ترتيب اقتصاد المملكة ضمن مجموعة العشرين، التي بحلول عام 2033 سوف يتراجع ترتيب اقتصاد الكثير من أعضائها. فترتيب اقتصاد المملكة وستة دول أخرى هي: الصين والهند وإندونيسيا والبرازيل وروسيا وجنوب أفريقيا، سوف يتقدم عما هو عليه الآن. في حين ستحافظ كل من فرنسا والمكسيك وتركيا على مواقعها. أما المملكة، فإن ترتيبها سوف يتقدم من 19 -الموقع الذي شغلته العام الماضي 2020- إلى 17 بحلول عام 2033، وذلك على عكس النصف الباقي من مجموعة العشرين التي سوف تتراجع تراتيب اقتصاداتها إلى الوراء. ومن دون شك، فإن الفضل في هذا التقدم يعود إلى رؤية 2030، التي سوف تعيد هيكلة اقتصادنا وتقلل اعتماده على النفط في المستقبل، فمن دون ذلك، فإن موقعنا الاقتصادي كان سيتضرر بدلاً من أن يتحسن عام 2033، وسبق وأن أشرت في إحدى مقالاتي، أن أسعار النفط سوف تنخفض على المدى المتوسط والبعيد، وهذا معناه أن العائدات التي سوف نحصل عليها من بيع نفطنا سوف تقل حينها وسوف ستتراجع إيرادات الميزانية، وهذا بدوره سوف يؤدي إلى تقلص الإنفاق الاستهلاكي والاستثماري الحكومي، وتراجع نشاط قطاع الأعمال بشكل كبير، وبالتالي تراجع معدلات النمو الاقتصادي والناتج المحلي الإجمالي. ولكن إعادة هيكلة الاقتصاد، مثلما نرى، سوف تجنبنا هذا السيناريو. واعتقد أن صندوق الاستثمارات العامة الذي اعتمد الأسبوع الماضي استراتيجية للأعوام الخمسة المقبلة، سيكون له دور كبير في التقدم الذي سوف يحققه اقتصادنا في المستقبل. فمثلما أشار ولي العهد، فإن الصندوق سيضخ خلال الأعوام المقبلة 150 مليار ريال سنوياً على الأقل في الاقتصاد المحلي على نحو متزايد حتى عام 2025، والمساهمة من خلال شركاته التابعة له في الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي بقيمة 1.2 تريليون ريال سعودي بشكل تراكمي، فهذا الدور الذي سيلعبه صندوق الاستثمارات العامة سوف يكون مرتكزاً رئيساً لتحقيق النمو الاقتصادي، وتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، وبالتالي تقدم ترتيب اقتصادنا عالمياً.