عندما يهم أحدنا في وقتنا الحاضر بالسفر إلى خارج حدود الوطن فإنه ملزم بحمل جواز سفر يمكنه من ذلك، إذ لا يمكنه من دخول أية دولة أخرى إلاّ بوجود هذا الجواز معه، فجواز السفر وثيقة رسمية للسفر، تقر من خلال الدولة التي يتبعها مواطن ما، والتي تعرّف حاملها من حيث جنسيته وهويته طبقاً للدولة التي ينتمي إليها، وتسمح هذه الوثيقة لحاملها بالدخول والمرور خلال الدول الأخرى، فباتت جوازات السفر مرتبطة بصفة الحماية للشخص الحامل لها من قبل الدولة المنتمي لها ذلك الشخص، فيكون له الحق بدخول أية دولة بصفته وجنسيته عموماً، وحق الحماية لا ينشأ من كون الشخص حامل لذلك الجواز، ولا أيضاً حق دخول دولة معينة، فكلا الحقين يأتيان فقط من قومية الشخص، فجواز السفر يثبت هوية حامله، وبالتالي حق دخولهم وحق حمايتهم، وجواز السفر عادة يحتوي على صورة شخصية لحامله، وتاريخ الميلاد، وجنسيته، وبعض التفاصيل الأخرى الخاصة بالتعريفات الشخصية. وقديماً قبل توحيد المملكة كان يُمنح الشخص تذكرة هوية للمسافرين بمسمى مملكة الحجاز ونجد وملحقاتها للمسافرين للغوص أو صيد الأسماك والمحار، وبعد توحيد المملكة في العام 1351ه تحت مسمى المملكة العربية السعودية تم إصدار جواز السفر تحت مسمى "جواز سفر سعودي" وكان ذا حجم كبير، وبعد سلسلة من التحديثات أصبح جواز السفر بالحجم الذي عليه اليوم، وأصبح بشكله الحالي باللون الأخضر الممهور بالسيفين والنخلة، والحجم الصغير الذي يتفق مع مواصفات منظمة الطيران المدني الدولية، وبات يطبع إلكترونياً بعد أن كان يكتب بخط اليد، واحتل الجواز السعودي في العام 2020م وبحسب مؤشر هينلي لجوازات السفر المركز 67 على مستوى العالم. إجازة مرور وعند البحث عن بدايات إصدار الجواز في العالم تستوقفنا لفظة باسبورت - passport - التي لم تأت من sea ports أو موانئ البحر، ولكن من وثيقة بالعصور الوسطى طلبت للعبور خلال بوابة porte أسوار إحدى المدن، في عصور أوروبا الوسطى، وتعني هذه اللفظة باللغة الانجليزية إجازة مرور، أو تَذْكِرَةُ مُرُور، أوتَصْرِيح بِالسَّفَر، وكذلك تصريح مرور، وكانت مثل هذه الوثائق يمكن إصدارها لأي مسافر بواسطة السلطات المحلية، وعادةً ما كانت تحتوي على أسماء مدن وبلاد حيثما يستطيع حامل الوثيقة الذهاب إليها، هذا النظام استمر في فرنسا، على سبيل المثال حتى سنة 1860م، وأثناء هذا الوقت لم تكن جوازات السفر تطلب غالباً للسفر إلى الموانئ التي كانت تعتبر مناطق تجارة حرة، ولكنها كانت تطلب للعبور إلى الأراضي الخارجة عن حدود الميناء. بشكل موسع وتحمل الجوازات الحديثة عادةً صفات حاملها الجسدية بالإضافة إلى صورة خاصة في العقود الأخيرة من القرن العشرين، حيث أن التصوير بات سهلاً وأرخص ثمناً، وخلال الحرب العالمية الأولى كانت جوازات السفر تستخدم بشكل موسع للسفر الدولي، وفي أغلب المناطق عدد قليل من الناس كانوا يمتلكونه، طبقاً لموقع جواز سفر كندا، كما أن ارتفاع شعبية السفر بالسكة الحديد في أواسط القرن التاسع عشر أدى إلى تفجر السياحة بأوروبا وسبب تعطل كامل لجواز السفر الأوروبي، بالإضافة إلى نظام التأشيرات، ورداً على هذه الأزمة، قامت فرنسا بإلغاء جوازات السفر والتأشيرات عام 1861م، وبعض الدول الأوروبية تبعت هذه الخطوة، وبحلول عام 1914م كانت جوازات السفر قد أهملت عملياً في كافة أنحاء أوروبا، وعبور الحدود كان غاية في السهولة، ولم يكن هناك طلب لوثيقة مدعمة أو أية مرسوم، ولكن مع ذلك كانت الجوازات الداخلية تطلب بشكل عام للسفر لعدد من الدول. خطوط إرشادية وخلال الحرب العالمية الأولى كان لدى الحكومات الأوروبية رغبة في منع الأشخاص ذوي المواهب المفيدة أو الطاقات الكامنة من السفر، ومنع أعمال التجسس أو أية تهديدات أمنية أخرى، لذلك طلبت جوازات السفر بشدة عند عبور الحدود بعد انتهاء الحرب، وبقيت الإجراءات الجديدة كما هي ولم تزل، مما أدى إلى انزعاج السياح البريطانيين في العام 1920م بسبب الإجراءات الجديدة وما تسببه لهم من ضيق، وبعد انتهاء الحروب العالمية، قامت الأممالمتحدة والإيكاو - المنظمة الدولية للطيران المدني - بإصدار خطوط إرشادية معيارية لتصميم وسمات جواز السفر، وتلك الخطوط الإرشادية هي التي حاكت الجواز الجديد بشكل كبير. صفات جينية وفي الأعوام الأخيرة يوجد تحركات لإنتاج جواز السفر الإلكتروني يشمل صفات جينية لتحصين أمن الهوية، وهي في الحاضر مثيرة للتساؤل ما إذا كانت هذه الوسيلة كافية وفعالة لهذه المهمة، إلاّ أن الولاياتالمتحدةالأمريكية مثلاً أجّلت إصدار مثل هذه التقنية مرتين كونها غير جديرة بأن يعال عليها، وبعض الدول على مشارف إعداد جواز سفر إلكتروني يحمل بصمة الأصبع وبصمة قرنية العين الخاصة بحاملها، لمزيد من التأكيد على هوية المستخدمين وعدم التزوير أو التلاعب بالجنسيات، فجوازات السفر مطلوبة عادة للسفر الدولي، ولكن ليس في كل الأحوال، حيث أنها تخدم فقط لكونها وسائل معروفة دولياً لتأكيد هوية المسافر، لذلك هذه الوسيلة من الممكن الاستغناء عنها، فعلى سبيل المثال المواطنين المنتمين لدول الاتحاد الأوروبي لا يحتاجون جوازات السفر للذهاب إلى أية دولة تشمله لقوانين هذا الاتحاد، كذلك مؤخراً يستطيع المواطن الأمريكي الذهاب إلى المكسيكوكندا أو حتى الكاريبي فقط باستخدام رخصة القيادة كهوية، وإثبات ميلاد لحاملها، وأيضاً لا يحتاج مواطني دول الخليج لجواز السفر للتنقل بين دولهم بل تكفي البطاقة الشخصية، ومن هم دون سن 18 عاماً فهم بحاجة لتصريح بالسفر من ولي أمر الشخص. تذكرة هوية وفي بدايات توحيد المملكة على يد المؤسس الراحل الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - لم يكن السفر إلى خارج البلاد أمراً مألوفاً، إلاّ في أضيق الحدود وأسباب محدودة كالسفر للتجارة الى الدول المجاورة كبلاد الشام ومصر وبعض دول الخليج، أو في طلب الرزق كالعمل في مهنة الغوص في الكويت أو البحرين التي تزخر بمصائد اللؤلؤ، وكانت بداية إصدار الجوازات للمسافرين في وقت سابق للتأسيس، حيث كانت تمنح الجوازات عندما كان يطلق على البلاد مسمى السلطة النجدية وتوابعها قبل توحيدها، ثم تذكرة هوية للمسافرين بمسمى مملكة الحجاز ونجد وملحقاتها والتي كانت تمنح للمسافرين للغوص أو صيد الأسماك والمحار، وقد ذكر مؤلف كتاب (النجديون وعلاقتهم بالبحر) لمؤلفه عبدالله بن عبدالعزيز الضويحي أنه قد حصل على تذكرة هوية للمسافرين للغوص من عبدالله بن حمد الدعيج الخاصة بعمه الغواص عبدالعزيز بن ابراهيم الدعيج –رحمه الله– المولود في مرات عام 1325ه والتي تخوله هذه الهوية للتوجه الى الغوص في البحرين والتي منحت من قبل حكومة مملكة الحجاز ونجد وملحقاتها، في ذلك الوقت قبل توحيد المملكة العربية السعودية وتحمل رقم2987 وتاريخها في الثالث من محرم 1350ه ومدتها عام واحد ومكان إصدارها الأحساء، كتب عليها جميع أوصاف حاملها، ومن ضمن التعليمات المدونة خلفها أنها لا تصرف هذه التذكرة إلاّ للرعايا النجديين فقط، وهذه الوثيقة لا تحمل صورة لحاملها بل الأوصاف فقط، وبعد توحيد المملكة في عام 1351ه تحت مسمى المملكة العربية السعودية تم إصدار جواز السفر تحت مسمى "جواز سفر سعودي" وكان ذو حجم كبير، ثم تحول مع الإصدارات الحديثة حتى أصبح بشكله الحالي ذي اللون الأخضر الممهور بالسيفين والنخلة، والحجم الصغير الذي يتفق مع مواصفات منظمة الطيران المدني الدولية. وثيقة رسمية وبعد توحيد المملكة تم إصدار جواز السفر السعودي والذي يعمل به إلى الآن وهو وثيقة رسمية تصدر لمواطني السعودية لغرض السفر الدولي، ويحتوي على 48 صفحة تضم صورة لحامل الجواز ونوع الوثيقة، ورمز الدولة، ورقم الجواز والاسم باللغة الإنجليزية وتاريخ الميلاد والجنس وتاريخ الإصدار ومكانه وتاريخ الانتهاء، ولون غلافه الخارجي أخضر، ويوجد رسالة في آخر صفحة من جواز السفر باللغتين العربية والإنجليزية كتب فيها: "باسم ملك المملكة العربية السعودية أطلب من موظفي المملكة المدنيين والعسكريين وممثليها في الخارج ومن كل سلطة أخرى تعمل باسمها ومن السلطات المختصة في الدول الصديقة أن يسمحوا لحامل هذا الجواز بحرية المرور وأن يقدموا له المساعدة والرعاية"، وقد كانت مدة صلاحية الجواز خمس سنوات من تاريخ إصداره أو أن تستعمل جميع صفحاته أيهما أسبق، ومن ثم عدلت إلى عشر سنوات في الوقت الحاضر لمن يريد، ويأتي تصنيف الجواز السعودي عالمياً في عام 2020 م وبحسب مؤشر هينلي لجوازات السفر في المركز ال67 على مستوى العالم، حيث يعد عدد الدول التي يمكن لحامل جواز السفر دخولها مؤشراً على قوته. السفر للغوص في الماضي يتطلب تذكرة هوية جواز السفر السعودي الحالي جواز سفر قديم الختم على جواز السفر إعداد: حمود الضويحي