حالة الغبطة، ومشاعر البهجة التي تنتابك، وأنت تشاهد أرتالاً من الناس، تتدافع بحُب وطواعيّة، وفي اتّساق وانتظام، لتلقّي لقاح كورونا. حالة مُبهجة تثير الكثير من الشجون، وبواعث التأمّل. فهي؛ إن دلّت على شيء، فإنّما تدلّ على أنّك في وطن عظيم، يُعلي من قيمة الإنسان، ويولي صحّته، وأمنه، ورفاهه، وتنميته كل الاهتمام. فالدول المتقدّمة والمتحضّرة التي أخذت نصيباً كبيراً من التنمية والتحديث والعصرنة، تضع صحة الإنسان وأمنه واستقراره وتنميته في قلب استراتيجياتها وخططها الآنية والمستقبلية. وهكذا هي بلادنا، في ظل قيادة رشيدة، آلت على نفسها الاستمرار في النهوض بوطنها، وإنسانها، باعتباره الرأسمال البشري الأرفع قيمة، والأهم في عجلة التنمية، والتطوير، واستحقاقات المستقبل بكلّ تحدّياته؛ في زمن تتسابق فيه الدول والمجتمعات على أن تكون في صدارة السلّم الحضاري والقِيَمي. وحين أكد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - في بداية ظهور جائحة كورونا على قيمة المواطن واستمرار جهود الدولة في مواجهة الجائحة، فقد كان يؤكد رسوخ هذه القيمة التي تستشعرها الدولة والقيادة بشكل دائم؛ فقد قال - أيده الله -: "إن بلادكم المملكة العربية السعودية مستمرة في اتخاذ كل الإجراءات الاحترازية لمواجهة هذه الجائحة، والحد من آثارها، مستعينة بالله تعالى، ثم بما لديها من إمكانات، في طليعتها عزيمتكم القوية في مواجهة الشدائد بثبات المؤمنين العاملين بالأسباب". من هنا فإن الإشارة لمنظر المواطنين وهم يتدافعون إلى مقارّ التطعيم في مناطق المملكة، وسط تجهيزات مذهلة لا تراها إلا في المملكة؛ إشارة مهمة إذ إنها أكدت من جهة حُدب القيادة وحنكتها وحصافة التعاطي مع الجائحة واتخاذ التدابير اللازمة لصون الصحة العامة لكل مواطن ومقيم ومخالف لنظام الإقامة أيضاً؛ ومن جهة أخرى فإن مظهر التطعيم وكثافة الحضور والوعي الذي صاحب هذه التظاهرة الجميلة فإنما هي ملمح وعي جميل، يكشف سعة أفق المواطن بجميع فئاته على أن العلم صاحب الكلمة الطولى في هكذا تحديات وجوائح؛ وأن لا مكان للخرافة أو الانسياق وراء الإشاعات أو الترويج لأوهام ومخاوف لا مكان لها في زمن العلم الكاشف والمعامل والمختبرات الطبية التي أثبتت أهمية التسلح بالوعي والمعرفة وقبلها الثقة بالله وتسخيره للأسباب والاستفادة من ثمرات العلم والمعرفة الطبية، والتي كانت قيادتنا الأكثر حصافة واستثماراً لكل ما من شأنه الحفاظ على المقدرات الوطنية وفي مقدمتها الإنسان. إنّه لشعور بالغ الكثافة فرحاً، وزهواً، وإيماناً بقيمة وعظمة وطنك، قيادة وإنساناً، أن أخذت من أسباب الحضارة والتطور والعصرنة ما يجعل الجميع فخوراً بالانتماء إليه.