يبدو أن طموحات سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز لمستقبل المملكة والمنطقة العربية لا حدود لها، فهو يحلم أن يكون الشرق الأوسط بأكمله، قطعة من أوروبا في التقدم والتطور والنماء، وعندما يعلن سموه عن مشروع "ذا لاين"، فهو يخطو خطوة كبيرة نحو تحقيق هذا الحلم الذي وعد به، وها هو يفي بالوعد وسط ذهول العالم مما تقدم عليه المملكة وقادتها. لست هنا للحديث عن إمكانات المشروع وأهدافه وتطلعاته وإحصاءاته، وإن كانت تستحق أن نركز الضوء عليها كثيراً، ولكن قبل هذا لابد من التركيز على حجم طموحات وتطلعات ولي العهد، الذي يستنير في تحركاته وبرامجه بتعليمات خادم الحرمين الشريفين، بأن تكون المملكة ضمن الدول المتقدمة، بسواعد أبنائها، وبخبراتهم المتراكمة في جميع المجالات. مشروع "ذا لاين" يترجم توجهات المملكة وطموحاتها في أن يكون لديها السبق ببناء مدن ذكية نوعية، مُحفزة على الإنتاج، ومشجعة على المعيشة فيها، هذه المدن ستعالج الكثير من الإشكاليات التي لطالما عانى منها كوكب الأرض والبشرية، هذه الإشكاليات ليس أولها انتشار التلوث، وفساد الطبيعة، وليس آخرها التباعد بين أماكن إقامة الإنسان ومعيشته ومقر عمله، وأماكن الترفيه وأماكن العلاج والعبادة. ما لفت نظري، هو الإيمان الراسخ لدى القيادة الرشيدة بأن المملكة تستطيع أن تحقق كل ما تحلم به، وتصبو إليه من أسهل الطرق، بما تملكه من إمكانات لا حصر لها، فقبل الإمكانات المادية والفنية والتقنية، لديها إمكانات العزيمة والإرادة في ترجمة الأحلام، وتحويلها من خانة المستحيل الصعب تحقيقه، إلى خانة الواقع المُعاش، فسمو ولي العهد، ومنذ وقت مبكر، يراهن على سواعد الشباب السعودي، ويؤمن بأن المواطن يستطيع أن يحقق أكثر مما يحلم به، إن وجد الفرصة المواتية، أو من يرشده إلى الطريق الصحيح، ويمهد له المناخ الملائم. وما يبعث على الطمأنينة في المشاريع التي يعلن عنها سمو ولي العهد، أنها تحوي توجهاً اقتصادياً، يحقق الأهداف العامة لرؤية 2030، فالمشروع يسهم في التنويع الاقتصادي، من خلال توفير 380 ألف فرصة عمل، ليس هذا فحسب، وإنما يضيف نحو 48 مليار دولار إلى الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2030، ومثل هذا التوجه يساعد على نجاح المشاريع واستمرارها، كما أنه يحقق أهدافها وفق المخطط الزمني المرسوم لها. لا يمكن الفصل بين مشروع "نيوم" الذي أعلن عنه ولي العهد في عام 2017 وبين مشروع "ذا لاين"، فالأخير جزء لا يتجزأ من نيوم، بل أراه من أهم أجزاء المشروع، التي تؤسس لتوجهات جديدة، تخدم الجانب الاجتماعي والاقتصادي، لذا يمكن وصفه بأنه مشروع استراتيجي، يساعد المملكة في بناء مستقبلها كيفما تشاء، والعبور للعالم الأول بتقدمه وتطوره وتطلعاته، فالمملكة ليست أقل من دول هذا العالم، وغداً سنجني ثمار هذا المشروع.