تداعب صورة ملامحه مخيلتك كلما اعتصر صدرك برمق الصعاب، فتتطاير احاسيسك و تبحث عن كلماته في ذاكرتك علها تحمل لك الحل العجاب في طياتها، تختزل كلماته سنون ضوئية من وابل النصائح التي تعزم أن الخطى بها ثابتة ، ينزع برنات صوته جبال الغم و يزرع أملا في شتاء الخذلان. ينشرح صدره لانشراحك تتأجج عواطفه لفرحك، تصطف كلماته لتبقى رنانة في طبلة أذنك تسترجعها كلما تثاقل الهم في الصدر. تستصعب أمرا فتهب يده لحمله و تيسيره عنك. تكاد لا تنطق شفاتة حتى ترى عينيه تتفحص وجهك لتختصر ما يجوب في مخيلتك. تلك أوصاف ليست من ضرب التأليف بل تختصر لتصف من وصفته انامل الواصفين بالصديق الصدوق الصادق. هو بأوصافه تلك ليس شخصا من دفاتر الاحلام و الروايات و الأفلام بل أنه ذلك المكنون الذي لا نراه إلا إن أضأنا فانوس التقبل و نسفنا منطق الكمالية، فكامل الاوصاف مكملا ليس من جنس البشر. ليس من المستعصي إدراك أن شخص بالوصف المنثور أعلاه موجود في حياتك و قد يكون صوب محياك جل الوقت ، لكن بالتركيز على ما تكره من الصفات فيه و جعلها منطق الحكم و سيد الموقف جعل التزييف يلبس ثوب الحقيقة ، فأنت إن دققت و جحظت عيناك على ما ملك هو من أخلاق و فضائل فيها من النبل كل الحقيقة، ستفتح مجالات الصداقة بينكما و يكون ذلك اللذي ظننت وجوده ضرب من الجنون و قطعة من السراب. فالانسان مزيج بين سلبي و ايجابي يختلطان فيكونان مستغفر و دائم الخطأ و التوبة و تلك طبيعتنا و ما منها مهرب. قد يكون ذلك الصديق لا يحتمي في جنبات مقر عملك أو اسوار ديوانية تحتمي بها هربا من ضجر الحياة، بل قد يكون زوجتك التي لاطالما ظننت أنها لا تفقه أكثر من عبق طبخة يتنسم به مطبخك او ابن راشد فقه من الحياة ما فقه ليصبح عونا تشد به ظهرك، او أخا باعدت بينكم المسافات حين مضى كل منكم في جنبات الحياة، أو جارا كنت ترى وقوفه محدقا حين عودتك من العمل اشباع فضول و ما ادراك ان كان شوقا و بهجة بمحياك، قد يكون صاحب البقالة الذي ظننت أنه لا يفقه غير رص السلع و البضائع و الاستنفاع ببيعها قد يكون زميلا ظننت به سوءا حين حدثك عن امر يختلج صدره استخدم هاء الضمير الغائب خشية من حكم تصدره عليه. بإيجاز الاصدقاء الذين تظن انهم لم يعد لهم وجود متناثرون و بكثرة ، سبب الجهل بها الحكم و بناء تصانيف نصف فيها بنو البشر على ما اكتسبناه من نشاتنا و خبرتنا و نظرتنا نحن فقط لا غير. و ما احوجنا للتأمل في سطور قرآننا الكريم و ما اصدق قوله تعالى: و إن الحكم إلا لله. قاعدة نحن لو عملنا بها ندرك من حولنا من محبين ، هم عونا لنا نستند عليه تخفيفا لمصاعب حياتية كنا سببا في وجودها لولا رجعنا لفطرتنا و تفكرنا في نواميس كونية وجدت لتجعل حياتنا جنة.