في لغتنا العربية صيغ وتراكيب لغوية أوجزت اللفظ وأشبعت المعنى وجرت مجرى الأمثال.. نرددها في أحاديثنا أو كتاباتنا وبعضنا لا يعرف منشأها أو استعمالها.. هنا سنذكر بعضاً منها وهو الدارج على الألسنة.. * حياك الله وبياك: من عبارات التحية والسلام عند العرب في الجاهلية والإسلام، يقول ابن الأنباري: إن لكلمة حياك معانيَ عدة منها حياك من التحية وهي السلام أي سلم الله عليك، ومنها أبقاك.. وأما بياك فقيل إنها تعني: بواك الله منزلاً مرتفعاً؛ وقد ترك العرب الهمزة وبدلوا الواو ياء لتكون بياك على وزن حياك. * بيضة الديك: تعبير يضرب به المثل في الشيء يكون مرة واحدة لا ثانية لها، فيقال هذا بيضة ديك، أي لم يحدث إلا مرة واحدة، حيث يقال إن الديك يبيض في عمره مرة واحدة. * ليت شعري: عبارة عربية قديمة استعملها العرب منذ العصر الجاهلي عندما تتمنى العلم بشيء وتود أن تعرفه، وليت شعري معناه ليتني شعرت أو ليت علمي حاضر أو محيط. * مواعيد عرقوب: يضرب هذا التعبير في الكذب وخلف المواعيد، وعرقوب رجل من خيبر جاءه يوماً أخ له يسأله المساعدة؛ فقال له عرقوب: إذا أطلعت النخلة فلك طلعها، فلما أطلعت أتاه للوفاء بالوعد فقال له: دعها حتى تبلح، فلما أبلحت أتاه فقال له: دعها حتى تزهي (يصبح لون البلح أحمر أو أصفر)، فلما زهت أتاه فقال له: دعها حتى ترطب (يصبح البلح رطباً)، فلما أرطبت أتاه فقال له: دعها حتى تثمر، فلما أثمرت سرى إليها عرقوب ليلاً فجنى ثمارها ولم يعط أخاه شيئاً.. فسارت مواعيد الكاذبة مثلاً سائراً في عدم الوفاء. * حنانيك: تعبير لغوي يقال للاستعطاف الرقيق، عرفه العرب قديماً واستعملوه في شعرهم ونثرهم، قال طرفة بن العبد يستعطف أحدهم: أبا منذر أفنيت فاستبقِ بعضنا حنانيك بعضُ الشر أهون من بعض أي تحنن علينا واعطف حناناً بعد حنان ومرة تلو الأخرى. وذكر علماء اللغة أن «حنانيك» مصدر سماعي جاء بصيغة المثنى لفظًا لا معنى، أريد به التكثير؛ مثل لبيك وسعديك ودواليك. * خبط عشواء: يقال ذلك لمن يصيب مرة ويخطئ أخرى، والعشواء هي الناقة التي بعينيها سوء، فهي تعشو؛ أي لا تبصر ليلاً وتطأ كل شيء على غير بصيرة.. قال زهير بن أبي سلمى: رأيت المنايا خبط عشواء من تصب تمته ومن تخطئ يعمّر فيهرم * بقضّهم وقضيضهم: يدل هذا التركيب اللغوي على حدوث الفعل بشكل جماعي وشامل، وفي الحديث الشريف: «يؤتى بالدنيا بقضها وقضيضها»؛ أي بكل ما فيها، والقض هو الحجارة الصغيرة، والقضيض الحجارة الكبيرة، أي أنهم جاؤوا بالصغير والكبير معاً.