موافقة مجلس الوزراء على الاستراتيجية الشاملة للقطاع العقاري يعكس اهتمام الدولة وحرصها على تطوير القطاع العقاري ووضع حلول واقعية للمعوقات التي تواجه القطاع العقاري. ولا شك أن هذا القطاع الحيوي قد واجه مؤخراً مجموعة واسعة من التحديات في السنوات الأخيرة. نتج عن هذه التحديات تباطؤ النمو وانكماش الطلب ما أسفر عن إحجام قطاع عريض من المطورين والمستثمرين عن استكشاف مشروعات تطويرية جديدة في هذا القطاع العريض بمكوناته المختلفة من تطوير سكني وتطوير تجاري وآخر إداري ورابع صناعي ولوجستي، وإن كان الأخير أقلهم تأثراً بهذا التباطؤ. فمثلاً في القطاع السكني لا يخفى أن خروج العديد من الأجانب من سوق العمل والذين كانوا يؤججون الطلب بأكثر من 1.7 مليون وحدة سكنية أسفر عن العديد من الوحدات الخالية والتي أثرت سلباً على شهية المستثمرين. ولكن - من منظور آخر - لعل هذا الخروج والذي ينظر إليه البعض على أنه عامل سلبي إلا أنه يحمل في طياته إشارات إيجابية عديدة لشباب الوطن تحفزه لأن ينهض ويحل بكفاءة واقتدار محل من خرجوا من سوق العمل من الأجانب في مختلف القطاعات. وعلى رأس هذه القطاعات يتربع القطاع العقاري كأحد أهم القطاعات المهيئة بقوة وبسرعة لعملية الإحلال والتبديل هذه أي بمعنى سعودة هذا القطاع. من أهم العوامل المحفزة لأبناء وبنات الوطن لخوض غمار هذا القطاع هو التغيرات السريعة في طبيعة ومتطلبات العمل في هذه الصناعة وتحولها إلى صناعة قائمة بشكل كبير على أحدث التطبيقات التكنولوجية وبرامج الحاسوب التي ترفع من كفاءة وإنتاجية القطاع. هذا التحول بالتحديد هو الميزة التنافسية لأبنائنا وبناتنا لما يتمتعون به من كفاءات تكنولوجية عالمية في مسايرة تطوير التطبيقات التكنولوجية العالية. ويشهد بذلك نجاحهم منقطع النظير في تصميم وإدارة وإنجاح المنظومة التكنولوجية المستخدمة لتنظيم وإدارة قمة العشرين المنعقدة مؤخراً في الرياض والتي ضمت كوكبة من قادة العالم شهدوا جميعهم برقي منظومة الأداء التكنولوجي الرفيع لأبنائنا وبناتنا القائمين على تنظيم وإدارة هذا الحدث العالمي بامتياز. فمن حسن الطالع أننا ننعم بجيل نابه من السواعد والعقول الشابة والتي تتميز بالانفتاح على الصناعات التكنولوجية وتطوير التطبيقات اللازمة، والتي تمثل التوجه الجديد عالمياً وهي السمة المستقبلية لصناعة العقار في العالم كله. حيث تتوارى تدريجياً مجهودات الأفراد التقليدية وتحل محلها التطبيقات والنظم التكنولوجية لإدارة منظومة العقار بالكامل من تطوير وتمويل وهندسة وتصميمات وصولاً إلى البيع والتسويق ونقل الملكية والصيانة وإدارة الأملاك والعقارات. ومن الأهمية بما كان أن يشمل هذا التوطين والسعودة نظرة شاملة لكافة مكونات سلسلة الإمداد في صناعة العقار بالكامل من الألف إلى الياء. فمع تنامي الأصوات الداعية والمجهودات الداعمة لسعودة مكاتب العقار. وهي على إيجابيتها وأهميتها فنحن نراها تمثل فقط قمة جبل الجليد في منظومة متكاملة وبالأرقام حيث لا تتجاوز قيمتها نسبة السعي التي لا تتجاوز في أحسن الأحوال 2.50 % من إجمالي الاستثمارات وحجم السوق المقدرة بالمليارات سنوياً. فنحن نتطلع إلى سعودة شاملة لمنظومة العقار المتكاملة والتي تشمل الإجراءات الحكومية والمطورين والمكاتب الهندسية والمكاتب العقارية والتسويق وإدارة العقار وليس الاكتفاء فقط بسعودة قمة جبل الجليد. وآليات تحقيق هذا الهدف يجب أن تتسع لتشمل المشاركة الأهلية والحكومية على حد سواء وكافة الجهات ذات الصلة من تعليمية وتدريبية وأيضاً منظمات رجال الأعمال والغرف التجارية. وهنا أربعة من أبرز المجالات التي تدعم تمكين الشباب في صناعة العقار: 1- الجهات الحكومية والتي تتنوع أدوارها ومساهماتها ما بين وزارات التجارة والصناعة والإسكان والموارد البشرية وتتضافر جميعها في وضع القواعد المنظمة والتي تضمن أكبر تمثيل لأبناء الوطن في هذه الصناعة المهمة مثل نظام نطاقات والحوافز المرتبطة بزيادة نسبة السعودة. 2 - برامج وزارة الإسكان وذلك من خلال طرحها حزمة برامج تنظم صناعة العقار مثل إيجار ووافي وأملاك وكلها برامج تحكم السيطرة والتنظيم وتتيح فرصاً هائلة لأبناء وبنات الوطن للدخول بقوة في هذه الصناعة المتكاملة نظراً لما يتمتعون به من قدرت تكنولوجية هائلة كما أسلفنا. 3- الجامعات يوجد دور رئيس كما توجد فرصة هائلة للجامعات ومعاهد التدريب لتصميم وتنظيم برامج أكاديمية واستحداث شهادات احترافية متخصصة في كافة مجالات صناعة التطوير العقاري وخلق حوافز ومنح دراسية للتسجيل في هذه البرامج. 4- الغرف التجارية نحن ندعو بقوة ونناشد كبار رموز صناعة العقار في ربوع المملكة إلى احتضان وتبني هذه القاعدة العريضة من شبابنا النابه وضمان تنويع مشاركتهم بشكل مؤثر متكافئ وعادل في عضوية اللجان العقارية المختلفة في الغرف التجارية والمنظمات الأهلية الأخرى ذات الصلة بصناعة العقار وتشجيع تنميتهم وتطوير مهاراتهم في سبيل تمكين وإعداد كوادر وأجيال متتالية قادرة على النهوض بأحد أهم روافد وركائز اقتصادنا الوطني.