أكثر ما نسمعه في الحياة هي النصائح، وطرق العيش المعدة سلفًا، المكتوبة بأفكار وتجارب وخبرات غيرنا.. وهي غالبًا تحدد ما يمكن القيام به أو تجنبه أو تجاهله، للفوز بمعيشة مثالية، خالية من العيوب والأخطاء والتعثر، لم توجد -في حقيقة الأمر- إلا في أذهان الناصحين. المعرفة الحياتية تكتسب بطرق مختلفة، أهمها التجريب، ولكي تتحقق المهمة لا بدَّ من الإقدام والمجازفة، من أجل الحصول على الخبرة الذاتية، لا الفكرة المعلبة المستوردة من الآخرين، بعدما حصلوا عليها من ظروفهم وطرق تجاربهم الخاصة، ما يعني أن نتائجهم قد لا تحاكي احتياجاتك، أو تقيم مدى مناسبتها لك أو عدمها. الأفكار المتشابهة تخلق نسخًا متعددة منا، تنتج شخصيات متطابقة حد التقليد، وتفضي إلى غياب الدهشة الجديدة، فتصبح الأيام والتعاملات والأحاديث مكررة حتى الملل، إن افتراض وجود طرق محددة لكل شيء، تمَّ الاتفاق عليها وإقرارها (في وقت سابق)، كفيل بموت الغد للأبد. لا بدَّ من استيعاب أن تعريف الخطأ والصح أمر نسبي في الأمور غير المشرعة نصًا، وأن معايير الفرد تتباين بحسب محيطه ومعرفته وخبراته، كما أن منطلقات الأشخاص ونواياهم تلعب دورًا كبيرًا في التصنيف، وكذلك النتائج المرجوة في الوقت نفسه. المهم تذكره على الدوام، أن العديد من النجاحات والإنجازات والمنعطفات الفارقة في حياة البشرية؛ جاءت بعد أفكار وأفعال صنفت على أنها أخطاء في بداية تشكلها، لدى كل شخص مهمة أصيلة في حياته، وهي البحث والاكتشاف المستمر، عن نفسه وشغفه وأحلامه ومستقبله، ألا يكف عن الخطأ للوصول للصح، ألا يكون جامدًا في قالب الخوف من الأخطاء. دائمًا.. اصنع تجربتك الخاصة، وتقييماتك الذاتية، وصنف وافرد القوائم بالطريقة التي تناسبك أنت تحديدًا، للفوز بذكرى تشبهك، تكبر معك بالعمر، وتشيخ بصحبتها، لا مجرد أحلام تتحول إلى مستحيل مع التقادم، والسلام..