ترتبط دول مجلس التعاون الخليجي فيما بينها بعلاقات ضاربة في جذور التاريخ، تعززها روابط الدم ومعاني الأخوة والمصير المشترك، وتعد مثالًا على تطابق وجهات النظر تجاه مجمل القضايا، والوعي المشترك بطبيعة المتغيرات الإقليمية والدولية، وأهمية التعامل معها بسياسات ومواقف حكيمة. والمملكة العربية السعودية بمكانتها الإقليمية والدولية وبحكمة قيادتها وبثقلها العربي والإسلامي تمثل العمق الاستراتيجي وصمام الأمان لدول الخليج العربي، وكانت وما زالت حاملة راية الدفاع عنها وصمام أمانها وداعماً رئيساً لقضاياها ومصالحها، ومواجهة التحديات التي تواجهها. وضوح الرؤية ما يميز سياسة المملكة تجاه أشقائها الخليجيين، رغم حدوث بعض الخلافات العابرة، وضوح الرؤية واتزان الموقف، ويتضح ذلك من خلال مواقفها الثابتة في الدفاع عن أشقائها الخليجيين، واستشعار مسؤوليتها في الوقوف والتكامل معهم، سواء ضمن مجلس التعاون الخليجي أو حتى قبل إنشائه، انطلاقاً من رابطة الدم واللحمة والتاريخ والجوار. لذلك تشهد العلاقات بين المملكة وأشقائها الخليجيين في مختلف المجالات انسجاماً فريداً للتعاون المشترك بين قادته الذين نجحوا في تأسيس تحالف قوي ووثيق يمكنه مواجهة التحديات والتغيرات الإقليمية، والحفاظ على وحدة صفه أمام ما يحاك ضده من المؤامرات والأجندات التي تفرضها المصالح الإقليمية والدولية. المملكة حصن الخليج كان للمملكة الدور الأكبر في دعم منظومة مجلس التعاون الخليجي ومسيرة العمل المشترك، وتجلى ذلك في العديد من الإسهامات والمشروعات الاستراتيجية، ومن ضمنها رؤية الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - في عام 2015م الرامية لتحقيق التكامل المنشود أمنياً وسياسياً وعسكرياً واقتصادياً. ولعبت المملكة على مدار تاريخها دوراً قيادياً في تحصين مجلس التعاون ضد أي اختراقات، والترفع عن أي مهاترات، وتجنيبه أعتى الأزمات التي تربصت بأمنه واستقراره، وهددت دوله وتماسك وحدته. وتؤمن القيادة السعودية دائماً أن المملكة عمود الخيمة الخليجية، وأن أمنها واستقرارها من أمنه واستقراره، وحافظت بالشواهد التاريخية على أمن كل دوله، ودافعت عن قضاياها، واصطفت خلف مواقفها في المحافل الإقليمية والدولية، إيماناً منها بأن الأمن الخليجي كلٌّ لا يتجزأ. كما أن المملكة تدرك طبيعة المرحلة الحرجة التي تعيشها المنطقة والعالم وأهمية تنسيق المواقف الخليجية في التعامل مع متغيراتها ومستجداتها، وإحساس المملكة بالمسؤولية التاريخية الملقاة على عاتقها وباقي دول الخليج دفعها لحماية الأمن الخليجي والتصدي للتهديدات التي يتعرض لها في لحظة فارقة تمر بها المنطقة، وقد لعبت المملكة تحت قيادة الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين - حفظهما الله - أدواراً كبيرة في توحيد الصف الخليجي، وعلاج أزماته، وتنسيق الأدوار بين دوله للقضاء على أسباب الخلاف. ولم تأتِ مواقف القيادة السعودية على مرّ تاريخها تجاه لم الشمل الخليجي محض مصادفة أو مجرد بروتوكولات، وإنما جاءت وفق رؤية مستقبلية لمواجهة الأخطار التي تهدد مستقبل هذا الكيان الشامخ، وسعت وخططت بحكمة لتقوية الصف الخليجي، وترسيخ ثوابته، وتدعيم مبادئه، وحل الخلافات بما يضمن له مواجهة التحديات التي قد تعطل مسيرته. ويتذكر الإخوة الخليجيون على الدوام المواقف التاريخية للملك سلمان بن عبدالعزيز وقراراته الحاسمة والحازمة في مواجهة محاولات التدخل في الشؤون الخليجية من قبل أطراف خارجية لها أطماعها المعروفة، ودوره في خلق جبهة خليجية - عربية موحدة في التصدي لهذه التدخلات، وهو ما يتجسد بوضوح في إجهاض مخططات التوسع والهيمنة الإقليمية، ومواجهة المد الإرهابي الصفوي في شؤون دول الخليج، والتصدي للتطرف، ونشر الصورة السمحة للإسلام. أمن الخليج تبذل المملكة جهوداً كبيرة في سبيل تعزيز المصالح الخليجية المشتركة، والتصدي للمخططات التخريبية التي تستهدف أمنها واستقرارها، وتدافع عن قضاياها ومواقفها في المحافل الإقليمية والدولية. ولا يختلف اثنان على أهمية الدور السعودي في الحفاظ على أمن دول الخليج واستقرارها، وقدرته على مواجهة المستجدات المختلفة السياسية والاقتصادية والأمنية، فالأخطار باتت تحيط بدوله، وإن بدت واضحة للبعض، تتوارى عن بعضها الآخر خلف استراتيجيات مختلفة تنتظر ساعتها المواتية. وتدرك المملكة أن دول الخليج تنعم باستقرار اقتصادي وأمني واجتماعي وهو أمر قد لا يدوم إذا لم تهتم بتحصين نفسها من الأخطار المتوقع حدوثها مستقبلاً، ومن المخططات التوسعية التي قد تُؤدِّي إلى تقويض أمنها واستقرارها. لذلك ترى المملكة أن الاتحاد الخليجي لم يعد سياسياً وأمنياً واقتصادياً واجتماعياً خيارًا ضمن الخيارات المتاحة، بل ضرورة تفرضها الحاجة الملحة. والجميع يعلم أن الدول الخليجية والمنطقة العربية بشكل عام تتعرض لتهديدات مختلفة، وتؤكد المملكة دائماً وبأوضح المفردات أنها لن تألو جهداً في تعزيز التضامن الخليجي وحل الخلافات وتأكيد حقيقة أن أمن واستقرار دول الخليج جزء لا يتجزأ من أمن واستقرار المملكة. رأب الصدع ترى المملكة أن التحديات التي تواجه دول الخليج تتطلب التكامل والتعاون فيما بينها بما يخدم قضاياها، لمواجهة التحديات والمخاطر، لأن هناك العديد من الملفات والقضايا الساخنة التي يصعب بل يستحيل مجابهتها بشكل فردي، وإنما تتطلب العمل معاً لحلحلتها وتسويتها. لذلك الدور القيادي الذي تلعبه المملكة في الخليج العربي خصوصاً، والعالم العربي والإسلامي عموماً، سواء من خلال دورها التاريخي أو من خلال رمزيتها الإسلامية، يفرض عليها التحرك، عند وقوع تهديدات، لتقريب وجهات النظر، والتوصل إلى حلول، والخروج بقرارات بناءة تعزز من اللحمة الخليجية، وتعمق الترابط والتعاون والتكامل بينها. علاقات متجذرة لا شك أن حلّ الخلافات الخليجية - الخليجية يصب في صالح الدول العربية بشكل عام، وإن علاقة مجلس التعاون بمصر متجذرة، وظلت على مدار العقود الماضية حجر الزاوية في أمن واستقرار المنطقة، وهو ما يجعل من تعزيز هذه العلاقة أمراً بالغ الأهمية لحماية الأمن القومي العربي، وتحقيق المصالح العليا المشتركة، كما أن مجلس التعاون شأنه شأن أي منظمة متعددة الأطراف، والتباين في وجهات النظر ونشوء بعض الخلافات بين الحين والآخر هو أمر طبيعي لا يقلل من شأن ما يمثله المجلس من وحدة متفردة قد لا يكون لها مثيل عبر التاريخ. محاربة الإرهاب تقوم المملكة العربية السعودية دون هوادة بمحاربة تحالف الشر ما بين الإرهاب والطائفية الذي تقوده قوى إقليمية معادية ترتجي من خلال تدخلاتها السافرة في دول الخليج العربية إلى زعزعة أمنها واستقرارها، وتحظى المملكة على ذلك بتقدير المجتمع الدولي أجمع. وظل الموقف السعودي حازماً وثابتاً من الإرهاب والتطرف والكراهية، ليجنب دول الخليج الشقيقة أخطاراً عدة، وليضيق الخناق على مصدريه. لذلك تعد المملكة بفضل من الله الحضن الدافئ والموطن الكبير والداعم الأكبر لأشقائها، وصمام أمان لحفظ الاستقرار والسلام، وتعمل على التعاطي بشكل موحد مع القضايا والمستجدات من خلال مبدأ التكاتف في مواجهة التحديات التي تواجه الأشقاء، مما شكل سداً منيعاً أمام المخططات الإرهابية.