شكّل انتخاب الدول الأعضاء في منظمة الأممالمتحدة للتربية والتعليم والثقافة "اليونسكو" المملكة لعضوية لجنة التراث الثقافي غير المادي، نجاحاً جديداً يضاف لقائمة الإنجازات التي حصدتها بلادنا. وبهذا الإنجاز نال الوطن أسبقية عالمية.. وكان الفنان محمد الحواس قد بيّن في حديث له أن الهوية المكتوبة لشعار رئاسة المملكة لمجموعة العشرين «فرصتنا لنلهم العالم برؤيتنا»، عبر تمثيل بصري مستلهم من خيوط السدو الملونة، مستوعباً ألوان كل الدول المشاركة في قمة مجموعة العشرين، ومن خلال رسم أقرب ما يكون لحلقة دائرية تعكس أن البداية من المملكة، والوصول في النهاية إلى المملكة بعد الطواف حول العالم. ولم تنفصم الثقافة والتراث في بلادنا عن الدور الثقافي الذي يتماهى داخل النسيج الحياتي؛ فالثقافة باتت ضرورة وجودية وإنسانية ولم تعد مجرد ترف؛ كما أن تعريفها لا يقتصر على المعنى المدرسي الذي تكرّس للأسف بدون وعي لدى الكثير، ومن هنا فإننا نلحظ اهتمام القيادة الرشيدة وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز - حفظهما الله - بالثقافة وما ينضوي تحتها من تراث مادي وغير مادي وبمتابعة من سمو وزير الثقافة الأمير بدر بن عبدالله آل فرحان والجهود الحثيثة لأن نقدّم ثقافتنا للعالم بكل واقعية وبما يعكس ثراء تراثنا وتاريخنا. "السدو" أحد عناصر التراث الذي اشتهرت به جزيرتنا العربية وكان له دلالته في انعكاسه على القيم النبيلة من كرم لأبناء المملكة وأصالتهم وطيبتهم وكرم استقبالهم للآخر أياً كانت خلفيته الثقافية وغيرها من فروق. وليس ببعيد أن يكون السدو ضمن التراث الثقافي غير المادي الذي انضم مؤخراً وأدرج على قائمة التراث في اليونسكو. ويعدّ النسيج من الآثار بالغة الدلالة؛ فسُداه المحبّة ولُحمته كرم قيادة وشعب المملكة، ويعكس لنا أصالة وكرم ضيافة العرب ويعد من المهن العريقة ويعتبر فناً عريقاً للمرأة البدوية لما تحتاجه هذه المهنة من صباغة وحياكة في مدة زمنية تتراوح بين الشهر والشهرين فهو أساس التراث الأصيل ورمز من رموز الثقافة العربية. وتُعد حياكة الصوف نسيجاً لبيوت الشَّعر فهو من المهن التراثية الثقافية الخاصة بالنساء حيث تستغرق مهنة السدو الوقت والجهد الكبيرين، وتمنح النساء صورة طيبة عن جهودها في التكييف مع البيئة البدوية، وقد تم استغلال هذه الموارد الطبيعية وتذليلها في صالح الإنسان. ومهنة السدو مهنة توحي بالبساطة، والمهارة الفنية العالية ولها أدوات تستخدم ومتعارف عليها مثل: الصوف، والمطرق، والتغزالة، والمغزل، والمدراء، والمنشزة. ولكي تتم عملية السدو بشكل جمالي ومميز يحضر أربعة مناسب (أوتاد) وثلاث عصي طويلة وتكون منتصبة وحجران كبيران تثبت عليهما العصا المتحركة والأخريان تثبتان بالأوتاد وتلف حولها الخيوط العريضة بعد تثبيتها بواسطة المدراء وشد بعضها ببعض ورصفها بالمنشزة. ولا شك أن هذه المهنة رمزاً من رموز الثقافة والأصالة البدوية العريقة وتراثنا الأصيل الذي كان يرمز لذلك الزمن الجميل.