ورش عمل متخصصة في الحرف والصناعات التقليدية يشهدها متحف قصر العين من تموز (يوليو) الجاري إلى تشرين الأول (أكتوبر) المقبل، بمبادرة من هيئة أبو ظبي للسياحة، بهدف التعريف بالحرف التقليدية في المجتمع الإماراتي وتعزيزاً للموروث الوطني. وتلفت الانتباه ورشة التلي التي تعرّف الى إحدى أعرق صناعات التطريز في الإمارات، والتي كانت تزاولها النساء عادة. والتلي هو شريط مزركش بخيوط قطنية ملوّنة وممزوجة مع أخرى ذهبية أو فضية متداخلة. وتتم صناعتها أو حياكتها بأنماط مختلفة، أبرزها «تلي بوادل» و «تلي بتول» (خيط واحد). وتستخدم فيها أداة تسمّى الكجوجة تتألف من قاعدة معدنية على شكل قمعين منتصفين من الرأس، وفيهما حلقتان على إحدى القواعد لتثبيت وسادة دائرية تُلف عليها الخيوط الذهبية والفضية، للقيام بعملية التطريز. ولا بدّ أن يتوقف زائر المكان عند ورشة «الخوص»، وهي حرفة شعبية واسعة الشهرة في المنطقة، تعتمد على سعف النخيل، وكانت تتشكّل غالبية الأدوات المنزلية في البيت الإماراتي (البسط، السلال والصواني وأواني تقديم الطعام...) من منتجات هذه الحرفة التراثية. وتعكس ورشة صناعة السدو جانباً من التراث والتقاليد الأصيلة التي مارستها المرأة البدوية لتوفير الحاجات الأساسية من الملبس والمسكن. وقد سجّل السدو كتراث عالمي في لائحة «التراث الثقافي غير المادي» لمنظمة «يونيسكو». وتستمد هذه الحرفة موادها الأساسية من البيئة المحلية، كوبر الإبل وصوف الأغنام وشعر الماعز. وكانت النساء قديماً يستعنّ بنباتات صحراوية في تلوين الأصواف، مثل الحنّاء للون البرتقالي والكركم للون الأصفر الغامق. يذكر أن متحف «قصر العين» كان البيت السابق لمؤسس دولة الإمارات الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، ومركزاً للنشاطات السياسية والاجتماعية. شُيّد عام 1937، ورُمّم عام 1998، ثم حوّل إلى متحف عام 2001، مع المحافظة على بعض الغرف العائلية والمرافق الإدارية التي أُثِّثت في شكل يُماثل الوضع الذي كانت عليه. وخلال عملية الترميم أضيفت الخيمة التي كان يستقبل فيها الشيخ زايد ضيوفه خصوصاً في فصل الشتاء، وتحاكي حياة البداوة الأصيلة التي كان يعيشها ويعتز بها، وتؤدي حالياً دوراً تعليمياً وسياحياً للطلبة والزوار، بحيث تمثل الارتباط الدائم مع التراث والكرم العربي العريق. من الناحية الهندسية، يتميز بناء القصر بخصائص معمارية نجدها في المباني التاريخية في الإمارات، ومنها فتحات التهوئة العريضة لتبريد المبنى والغرف الرئيسية طبيعياً خلال فصل الصيف. كما أن غالبية المواد الإنشائية المستخدمة لبناء هذا المعلم التراثي صديقة للبيئة وتتماشى مع مبدأ الاستدامة، إذ استُخدمت الموارد الطبيعية المحلية، كالطين، والجص، والأحجار المتوافرة في المنطقة، كذلك معظم أجزاء شجرة النخيل في تسقيف الغرف، وصنع الأبواب والنوافذ، وأخشاب التيك في المباني التي خضعت للترميم.