"إن هدفنا العام هو اغتنام فرص القرن الحادي والعشرين للجميع. وعلى الرغم من أن جائحة كورونا قد دفعتنا إلى إعادة توجيه تركيزنا بشكل سريع للتصدي لآثارها، إلا أن المحاور الرئيسة التي وضعناها تحت هذا الهدف العام - وهي تمكين الإنسان، والحفاظ على كوكب الأرض، وتشكيل آفاقٍ جديدة - لا تزال أساسية لتجاوز هذا التحدي العالمي وتشكيل مستقبلٍ أفضل لشعوبنا.. وعلينا في المستقبل القريب أن نعالج مواطن الضعف التي ظهرت في هذه الأزمة، مع العمل على حماية الأرواح وسبل العيش". تلك مقتطفات من الكلمة التاريخية لخادم الحرمين الشريفين في افتتاح قمة العشرين، وهي القمة العالمية الاستثنائية التي تُعدّ من أهم القمم في تاريخ مجموعة العشرين منذ إنشائها العام 1999 بسبب جائحة كورونا التي عصفت بالاقتصاد العالمي وراح ضحيتها حتى الآن أكثر من مليون إنسان في أزمة غير مسبوقة في تاريخ البشرية، بل وفاقت تبعاتها وأضرارها الحرب العالمية الثانية "1939 - 1945". أعود للسؤال أعلاه: لماذا قمة العشرين في الرياض؟. ولعلّ الإجابة الواضحة والدقيقة عليه وبشكل مباشر ومختصر: لأن الرياض ليست أهم عاصمة عربية وإسلامية وحسب لما تملكه من ثقل ديني وسياسي وتاريخي واقتصادي، ولكنها أثبتت خلال كل تلك العقود بأنها واحدة من أهم عواصم صنع القرار العالمي. فمنذ توحيد المملكة على يد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن - طيب الله ثراء -، وهي تتميز بقيادات ملهمة وإنجازات عظيمة أهلتها لأن تكون في صدارة المشهد العالمي. لقد تركزت أنظار العالم، كل العالم خلال الأيام القليلة الماضية باتجاه الرياض، وكانت فرصة رائعة لأن يتعرف العالم على هذا الوطن المبهر الذي يزخر بالثروات والكنوز، البشرية والمادية، وأن تكون "التجربة السعودية" حاضرة وبقوة في المشهد العالمي. لقد شكّلت قمة العشرين فرصة كبيرة لمواجهة كل التحديات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية التي عصفت بكوكب الأرض، وذلك للخروج برؤى وخطط موحدة ومشتركة لأهم تكتل اقتصادي وسياسي في العالم، من أجل رسم "خارطة طريق" لإعادة الحياة لمسارها الطبيعي الذي فُقد خلال هذا العام الكثير. وكما بدأ هذا المقال بمقتطفات من الكلمة الافتتاحية لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، سينتهي بمقتطفات من كلمة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في ختام قمة العشرين: "إن هذه الأزمات تذكرنا بإنسانيتنا وتستنهض فينا المبادرة والعطاء، وعلى الرغم من الشدائد المفاجئة التي صاحبت هذه الجائحة عالمياً، لم نتوقف عن العمل على محاور جدول أعمال رئاسة المملكة، للتغلب على هذه الأزمة العالمية، وبناء تعافٍ شامل ومستدام، وتشكيل عالم أفضل للجميع". لقد كانت قمة الرياض لدول العشرين فرصة رائعة لنُلهم العالم، بل ولنُثبت للعالم أن هذا الوطن العظيم يخطو بثقة للمشاركة الفاعلة في قيادة العالم.