جزء من الإثارة في قصص النجاح يتعلق بالصعوبات التي يتجاوزها الشخص في طريق تحقيقه لإنجازه والعقبات التي انتصر عليها لذلك لا تجد قصة نجاح تروى إلا وتستهلك هذه النقاط الجزء الأكبر من رواية النجاح. وإذا كنا في سباق الحياة نسعى لأهداف مشتركة من حيث المبدأ تقريباً (تكوين الثروة والحصول على الشهادات العليا والوظائف والمناصب المرموقة) إلا أن نقطة البداية نختلف فيها فابن الأسرة الثرية تتوفر له فرص تعليم أفضل ويجد نفسه محاطاً دون إرادة منه بشخصيات لديها خبرات وشبكة علاقات تمهّد له حياته في صغره ولو قرر الدخول للتجارة في صغره فسيجد أنه يدخلها وباله مطمئن حتى في حال خسارته، فأسرته الثرية تستطيع أن تنتشله من أي وحل ديون يقع فيه في حال خسارته لتجارته مهما تعددت. بينما ابن الطبقة المتوسطة وما دون، فخيارات التعليم لديه وشبكة العلاقات محدودة حتى دخوله للتجارة يكون بحذر، فخيارات التمويل لديه معدودة ومحاولات فشله يجب أن تكون مدروسة لأن وقوعه في فخ الديون بسبب خسارة تجارية ربما يقضي على ما تبقى من خيارات حياته. أتينا لهذه الدنيا وأمور كثيرة لم نخترها، فلم نختر والدينا ولم نختر أسماءنا ولا لوننا ولا البلد الذي نولد ونعيش فيه فضلاً عن مستوى المعيشة التي قضينا طفولتنا وأيام المراهقة فيها والتي لها جزء كبير من تشكيل شخصياتنا وقراراتنا المستقبلية. فنشأتك في بلد مضطرب سياسياً ويعاني من الحروب ليست كنشأتك في بلد مستقر سياسياً واقتصادياً. ولادتك في بلد إفريقي فقير ليست كنشأتك في أحد بلدان الدول الإسكندنافية أو سنغافورة التي تميزت في مجال التعليم على سبيل المثال. في فيلم وثائقي عن السيلكون فالي يستضيف فيه شخصيات مختلفة من هذا الوادي. على أن المقابلة لكل واحد منهم تمت بشكل منفصل عن الآخر إلا أنهم أجمعوا على أن مشاريعهم ما كان لها أن تتميز وتتطور لولا وجودها في السيلكون فالي. مزاحمة أبناء الطبقة الثرية أو أصحاب المناصب المرموقة لغيرهم في أن بداياتهم كانت من الصفر هي مزاحمة غير مفهومة. فليس عيباً إن نشأت في كنف أسرة غنية أو ولدت في دولة متطورة صناعياً وتعليمياً وأتاحت لك التطور العلمي والمهني باستقرار كل هذه العوامل لم تخترها وإنما كانت نصيبك من الدنيا. ولا يقلل من قيمة نجاحك إن استفدت من نشأتك الثرية ومن الضمان المالي الذي تمدك به أسرتك الغنية لأي مشروع تجاري تفشل به. العيب أن تزاحم أبناء الطبقة المتوسطة وما دون في ادعاء بدايتك من هذ المربع الصفري الذي لم تره في حياتك قط. أما بالنسبة لي فالحمد لله عندما رأيت تزاحم الناس على الصفر... قررت أن أبدأ من المربع رقم 1!