أمير القصيم يرعى انطلاقة ملتقى القطاع التعاوني    الطائف تودع الزمزمي أقدم تاجر لأدوات الخياطة    مستقبل السعودية.. جذور متأصلة ورؤية متمكنة    الأمير محمد بن فهد بن عبدالعزيز..سيرة عطرة ومسيرة ملهمة    الأمير سعود بن مشعل يدشن الهوية الجديدة لموسم جدة    هجوم استيطاني غير مسبوق على أغوار فلسطين    «بوريس جونسون»: محمد بن سلمان قائد شجاع    القيادة تهنئ الرئيس النيبالي    فيصل بن نواف يتسلم تقرير أحوال الجوف    محافظ الطائف يطَّلع على برامج يوم التأسيس    هنا في بلادي.. نحتفل بالإنجاز    الذهب يستقر عند مستويات مرتفعة وسط التهديدات الجمركية الأميركية    وزير الخارجية يصل جوهانسبرغ للمشاركة في اجتماعات G20    أستون فيلا يعيد ليفربول لنزيف النقاط ويقدم خدمة لآرسنال    ميزانية الإنفاق ونمو الإيرادات    المحادثات الروسية - الأميركية دور ريادي سعودي في دعم الاستقرار العالمي    نائب أمير الرياض يطلع على جهود الموارد البشرية.. ويرعى حفل زواج «كفيف»    د. عادل عزّت يشكر المعزّين في وفاة والده    المملكة تبحث سبل دعم العمل الإنساني في طاجيكستان    "الداخلية" تنظم ندوة يوم التأسيس    قاعة تركي السديري: إرث إعلامي يحتضن المستقبل في المنتدى السعودي للإعلام    توظيف التقنية للحفاظ على الحرف التراثية    تنفيذ "برنامج خادم الحرمين لتفطير الصائمين" في 61 دولة    علاقة الحلم بالاستدعاء الذهني    أهمية إنهاء القطيعة الأمريكية الروسية !    التمويل السكني للأفراد يتراجع الى 2.5 مليار ريال    توحيد السجل التجاري للمنشآت    منح 30 شركة رخصا لمحاجر مواد البناء    سكري القصيم.. حلاك غطى آسيا    الاتفاق يواجه دهوك العراقي في نصف النهائي لدوري أبطال الخليج للأندية    نادي فنون جازان يحتفي بالمشاركين في معرضي "إرث" و" في حياة الممارسين الصحيين"    قلم أخضر    جمعية«اتزان» تعقد اجتماعاً تحضيرياً لفعاليات يوم التأسيس بجازان    الهيئة العالمية للتبادل المعرفي تكرم رواد التربية والتعليم    ليب 2025 وصناعة المستقبل الصحي !    إطلاق النقل الترددي في المدينة    العالم يضبط إيقاعه على توقيت.. الدرعية    «التخصصي» ينقذ ساقاً من البتر بعد استئصال ورم خبيث    محافظ الطائف يطَّلع على برامج وأنشطة يوم التأسيس بالمدارس    استدامة العطاء بصندوق إحسان    اكتمال وصول المنتخبات المشاركة في كأس الخليج للقدامي    أمير المدينة يلتقي أهالي محافظة وادي الفرع ومديري الإدارات الحكومية    على نفقة الملك.. تفطير أكثر من مليون صائم في 61 دولة    نيابة عن أمير منطقة الرياض.. نائب أمير المنطقة يرعى حفل الزواج الجماعي لجمعية "كفيف"    الأمير عبدالعزيز بن سعود يعقد جلسة مباحثات رسمية مع وزير الداخلية الأردني    بوتين: سأتصل بولي العهد لأشكره شخصيا لدور السعودية في المحادثات    محافظ صامطة يدشن الحملة الوطنية المحدودة للتطعيم ضد شلل الأطفال    مؤتمر بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية في مكة المكرمة    ما أسهل «الوصل».. وما أصعب «الهلال»    هطول أمطار رعدية وجريان السيول على عدة مناطق    بتوجيه من سمو ولي العهد.. استضافة محادثات بين روسيا وأمريكا.. مملكة الأمن والسلام العالمي    نقل تحيات القيادة الرشيدة للمشاركين في المؤتمر العالمي لسلامة الطرق.. وزير الداخلية: السعودية حريصة على تحسين السلامة المرورية بتدابير متقدمة    القمة العربية الطارئة 4 مارس المقبل.. السيسي يبحث خطة إعمار غزة    أمير الرياض يتسلم تقرير جامعة المجمعة.. ويُعزي السليم    سعود بن خالد الفيصل كفاءة القيادة وقامة الاخلاق    طبية الملك سعود تختتم «المؤتمر الدولي السابع للأورام»    محافظ محايل يتفقد مشروع مستشفى الحياة الوطني بالمحافظة    ما أشد أنواع الألم البشري قسوة ؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مناعة أميركا.. تحت الاختبار
نشر في الرياض يوم 29 - 10 - 2020

لم تهدأ المعارك السياسية في واشنطن طيلة أربعة سنوات من حكم الرئيس الأميركي دونالد ترمب، والتي تبدو للمراقب وكأنها عشرة أعوام لكثرة الأحداث التي شهدتها العُهَد الرئاسية الاولى لترمب من عملية عزل للرئيس في مجلس النواب إلى أزمة وباء كورونا وانهيار الاقتصاد الأميركي وأحداث الانقسام العرقي والاحتجاجات وما رافقها من فوضى وعنف.
ولا شكّ أن ترمب كان من أكثر رؤساء أميركا إشكالية من ناحية علاقاته مع مؤسسات الدولة الأميركية الداخلية، فلا يذكر التاريخ الأميركي رئيساً أميركياً سوى ترمب استقال أو طرد من إدارته أكثر من مئتي مسؤول بمن فيهم مسؤولين رفيعي المستوى مثل وزير الدفاع جيم ماتيس ومستشار الأمن القومي هربرت ماكماستر ومستشار الأمن القومي الثاني جون بولتون بالإضافة إلى أسماء كثيرة أخرى شغلت مناصباً في البيت الأبيض وخرجت تتحدث عن مشاهداتها في إدارة ترمب.
أربعة سنوات من الانقسام الشديد طغت على المشهد السياسي وعلى الشارع الأميركي والمواطن العادي، فالمظاهرات المعترضة على العنصرية في أميركا في عهد ترمب كانت أكثر حدة من أي مظاهرات حدثت في السنوات السابقة، حيث تخللتها الكثير من المشاهد المتطرفة من كل الأطراف، فشهدت الولايات الأميركية أحداث شغب وتكسير ونهب وسلب واحتقار للرموز الأميركية وتخريب للمتلكات العامة من قبل المحتجين.
وبينما اتّهم الرئيس مراراً الديموقراطيين بالامتناع عن تأييد تطرّف اليسار، يواجه ترمب أيضاً اتهامات بسبب تردده في إدانة عنف الجماعات البيضاء اليمينية العنصرية والمتطرّفة التي تعتبر أيضاً من أكبر عوامل التهديد للأمن الأميركي الداخلي بحسب تقارير أخيرة لمكتب التحقيقات الفيدرالي "اف - بي- اي.
ولأول مرة في الولايات المتحدة، باتت الانقسامات تطغى على أي شيء آخر يجمع الأميركيين، ففي الكثير من الولايات والمدن ذات التوجّه اليساري والديموقراطي بات من المعيب والمحرج أن تقول أنك تؤيد الرئيس ترمب كي لا توصم بالعنصرية والجنون في مشهد لا يمت للديمقراطية بصلة.
ترمب وجمهوره لم ينفكّوا عن كيل الاتّهامات للحزب الديمقراطي ناعتين الديموقراطيين بالتطرّف ورفض قوانين الدولة ورفض جهاز الشرطة، لا بل ذهب ترمب مؤخراً إلى إعادة نشر تغريدة لجماعة مجهولة عرفت باسم (Qanon) وهي جماعة تنشر نظريّات مؤامرة مبالغ بها ضد الديمقراطيين مثل نظرية عدم قيام إدارة أوباما وبايدن بقتل أسامة بن لادن والتآمر لقتل جنود البحرية الأميركية الذين كانوا مسؤولين عن عملية اغتيال بن لادن، ونظرية أخرى تروّج لها Qanon تدّعي أن الحزب الديمقراطي ما هو إلا نادي يدير عمليات كبرى للتحرش بالأطفال.
بعد أسبوع ستواجه أميركا بديموقراطييها وجمهورييها استحقاق كبير وهو استحقاق قبول الديمقراطية أو رفضها كما هي وكما يختار الشعب الأميركي.
كان قد كثر الحديث في الأشهر الاخيرة عن عزم ترمب رفض نتيجة الانتخابات إذا ما كان الفوز حليف الديمقراطيين، حيث شكّك بعملية الاقتراع عبر البريد وبدا وكأنه يعبئ اليمين المتطرف ويهيئه لرفض أي نتيجة لا تأتي بصالحه.
ولتهدئة الوضع، حاول سياسيو الحزب الجمهوري التأكيد على قبول الحزب بنتيجة الانتخابات أي كانت احتراماً للديموقراطية الأميركية وأعرافها وتاريخها، إلا أن ترمب ليس الوحيد الذي ألمح لرفض نتيجة اختيار الشعب إذا ما لم تأت على مزاجه، فحالة الانقسام العميقة تطرح الكثير من التساؤلات عما سيكون عليه شكل تعامل الديموقراطيين مع ترمب إذا ما اختاره الشعب الأميركي مرة أخرى وفاز بصناديق الاقتراع ديموقرطياً.
أربعة سنوات من محاولات عزل ترمب وفضحه وابعاده واستغلال أخطائه قاومها ترمب وعاد ليرشح نفسه للانتخابات الرئاسية مرة أخرى، واستحقاق كبير ينتظر الديموقراطيين أيضاً للاذعان للواقع ولخيار الشعب إذا ما فاز ترمب.
محاولة عزل ترمب بنظر الجمهوريين كانت مدفوعة برغبة مجلس النواب الديموقراطي الالتفاف على الخيار الديمقراطي للشعب الأميركي والتخلص من ترمب قبل انتخابات العام 2020.
أشهر من الحملات الانتخابية ومحاولات العزل والثقل الكبير الذي وضعه الديموقراطيون في هذه الحملة لهزيمة ترمب كانت كفيلة بإيصال رسالة الديموقراطيين لكل الشعب الأميركي الذي سيعود له القرار في النهاية في يوم الانتخاب في الثالث من نوفمبر حيث سيقول الشعب كلمته ولا بد من أن تصمت بعدها الطبقة السياسية وتقبل بالأمر الواقع.
بعد أربعة سنوات من الانقسام والانحياز الشديد والفوضى والمكايدات تحتاج السياسات الأميركية إلى الهدوء والتوافق ووضع مصالح الشعب الأميركي وسمعة أميركا وتاريخها في المقدمة، ولا يحدث ذلك إلا بتخطّي الخلافات السياسية لإثبات حيوية الديموقراطية الأميركية والتأكيد على أن مدة صلاحيتها لم تنته.
الانقسامات وعدم القدرة على التنسيق السياسي بين الحزبين منعت في الأشهر الأخيرة الحوافز المالية للشعب الأميركي من المرور في الكونغرس بسبب الخلاف السياسي وكذلك هو الحال بالنسبة للكثير من الهموم التي تواجه الأميركيين بدون حلول لها تلوح في الأفق بسبب المكايدات السياسية.
المرشح الديموقراطي جو بايدن زار مؤخراً ولايات معروفة بخطّها الجمهوري تاريخياً ووعد الجمهوريين بأنه سيكون رئيساً لكل الأميركيين وليس فقط من انتخبوه من الديمقراطيين منبئاً بعهد رئاسي جامع ومتخط لجراح أميركا وانقساماتها، ولكن ماذا إن فاز ترمب، هل ستقبل زعيمة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي بالأمر الواقع لأربع سنوات قادمة دون أن تحاول عزله مرة أخرى؟ وهل سيتفق الجمهوريون والديمقراطيون في الكونغرس على تسيير شؤون الأميركيين الملحّة؟
أيام عصيبة تنتظر النظام السياسي الديموقراطي الأميركي والمجتمعات الأميركية فالحديث اليوم ينتشر عن نفا ذخيرة الأسلحة في كل محال بيع الأسلحة في أميركا حيث يخزّن الأميركيون السلاح والذخيرة قبل يوم الانتخابات بسبب الخوف من أي أعمال عنف أو فوضى قد تلي الإعلان عن النتيجة.
الشركات الأميركية الكبرى والحكومات المحلية للمدن وأجهزة إنفاذ القانون الفيدرالي المحلي تستنفر في جميع أنحاء البلاد للتعامل مع أي محاولات لزعزعة الاستقرار الأمني ونشر الاضطرابات المدنية التي قد تحدث بعد يوم الانتخابات.
حادثة قتل جديدة لرجل أسود على يد الشرطة في ولاية بنسلفانيا يوم الاثنين كانت كفيلة بإشعال شوارع فيلادلفيا بالاحتجاجات وأعمال العنف بين الشرطة والمتظاهرين وأعمال حرق لسيارات الشرطة وأعمال نهب.
كل هذا يقابله جماعات متطرفة مدججة بالسلاح تتحضر لما بعد يوم الانتخاب وجماعات تتحين الفرصة للنهب والسلب مستغلة الفوضى المحتملة.
ويقول عمدة سينسيناتي في ولاية اوهايو "التهديد بأعمال عنف وأعمال انتقامية يجعلني لا أنام الليل هذه الأيام حيث أشعر بقلق جدي من أي محاولات لمنع فرز جميع أوراق الاقتراع ما قد يؤدي إلى اندلاع فوضى واضطرابات غير مسبوقة".
لطالما وُصف الدستور الأميركي بأنه أعظم دساتير العالم حيث يضمن لكل مواطن ولكل ولاية وكل مدينة حقّها في التمثيل الديموقراطي والتعبير عن نفسها بدقة فهل تتخطى مناعة الدستور الأميركي الاضطرابات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية المترتبة على أحداث الانقسام العرقي وانتشار وباء كورونا وتبعاته وعهد ترمب ونشهد انتقال سياسي سلس وتقليدي. يوم الانتخابات قريب وسيجيب الحزب الخاسر على كل هذا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.