وفقاً لدراسة قامت بها مجموعة من العلماء السوفييت سابقاً شملت حياة البدو الرّحل السياسية والاجتماعية والاقتصادية في آسيا وأجزاء من أوروبا وآسيا الوسطى ضمها كتاب البدو الرحل عبر التاريخ وفي عرض ما اشتملت عليه من دراسة لدخل شيوخ ووجهاء القبائل الرحل في شمال الجزيرة العربية فقد كان البدو وفق الدراسة يغزون بعضهم البعض وينهبون القبائل غير البدوية ولكن إذا كان النهب المتبادل بين البدو لم يخلق نظاماً معيناً من العلاقات الاجتماعية فإن الأمر يختلف تماماً بالنسبة إلى غارات البدو على جيرانهم من القبائل شبه الرحل وسكان الواحات الصغيرة ولما كان وجهاء البدو يشنون الغارات بانتظام على هذه القبائل والواحات فقد أرغموها في نهاية المطاف على أن تفتدي نفسها من هذه الغارات بدفع الإتاوة وقد وُجدت هذه الممارسة في الواحات الواقعة في أطراف شمال شبه جزيرة العرب كلها تقريباً في المناطق المجاورة لها. ووصفها كل الرحالة والباحثين الأوروبيين تقريباً في القرن التاسع عشر ومستهل القرن العشرين ولم يكن من النادر أن توضع علامة على بوابة البلدة أو أسوارها كإشارة إلى حتمية دفع الإتاوة وكتحذير للنهابين الآخرين ولم يكن يقل انتشاراً عن ذلك إرغام أشباه الرحل على دفع الإتاوة، وكان هذا حسب قول اوبنهايم يتعلق حتى نهاية الحرب العالمية الأولى على أغلبية قبائل تخوم البادية أقصى شمال الجزيرة العربية وبادية ما بين النهرين. كانت علاقات الإتاوة شأن الإتاوة نفسها تسمى (خوة) وأخذ الإتاوة ودفعها يسميان (اخوين) وكان يمكن لأي بدوي شكلياً أن يصبح الأخ الحامي للقرية المتحضرة أو القبيلة شبه المتحضرة ولكن هذا الشخص كان يتمثل على الدوام تقريباً في أحد الشيوخ أو العقداء وهو إما يستأثر بإخوة الحماية وإما توزع على وجهاء القبيلة كلها ونوه الباحث بوركهارت بأن الإتاوة تدفع عادة إلى الشيخ أو أحد افراد القبيلة الموقرين والذي يغدو أخاً لسكان القرية. وفي رأي والين فإن الخوة كانت تذهب إلى الشيخ الأكبر والأشخاص المتنفذين الآخرين في مختلف البطون فالخوة التي كان يقودها أفراد إحدى قبائل الجزيرة من تبوك كانت توزع على الشيوخ والعقداء وقادة القبيلة الآخرين والخوة التي كانت تتلقاها قبيلة أخرى في شمال الجزيرة ترد بالتناوب إلى الأسر الرئيسة في القبيلة وأما الإتاوة التي كان يدفعها أنصاف الرحل من أعالي ما بين النهرين كانت توزع على أفراد أسرة أحد الشيوخ الكبار وكان لكل قبيلة عادة بضعة دافعين للإتاوة وهؤلاء لا يدفعون بدورهم الخوة إلى قبيلة واحدة بل إلى عدة قبائل وكانت النتيجة أنه حتى ولو بدت الخوة معتدلة في كل حالة فإنها كانت تشكل بمجموعها عبئاً على كاهل دافعها وتعطي دخلاً كبيراً لزعماء القبائل البدوية وهكذا فإن شيوخ قبيلتين هناك كانوا ينالون سنوياً في مستهل هذا القرن ما بين المجيدين والأربعة عن كل خيمة من قبيلة أخرى و120 زوجاً من جزمات السفر و120 فنجان قهوة من سكان بعض مدن شمال جزيرة العرب بالإضافة إلى ست أردية وعباءتين ومكيالي تمر عن كل مزرعة ومكيالي قمح ومكيالي شعير ومثل ذلك تين مجفف وثلاثة مكاييل زيت زيتون عن كل مزرعة وعلاوة على ذلك كانوا يأخذون خوة من قرى تبدأ من تيماء إلى تخوم الأغوار وأكدت الدراسة بأن مجموع دخل الخوة التي يتلقاها وجهاء القبائل الرحل كانت تربوا حسب بعض المعطيات على الضرائب التي كانت تدفع إلى الحكومة العثمانية. الواحات يدفعون الخوة سعود المطيري