تشارك أرامكو السعودية برعاية بلاتينية في أعمال القمة العالمية للذكاء الاصطناعي التي تُعقد تحت رعاية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع - حفظه الله - في الفترة من 21 إلى 22 أكتوبر الجاري تحت شعار "الذكاء الاصطناعي لخير البشرية جمعاء". وقال النائب الأعلى للرئيس للخدمات الفنية في أرامكو السعودية أحمد بن عبدالرحمن السعدي، الذي يشارك في أعمال القمة عبر حلقة نقاش بعنوان (بناء منظومة للطاقة يحركها الذكاء الاصطناعي) إن "أرامكو السعودية تواصل تقدمها في مجال التحوّل الرقمي، الذي تشكّل البيانات والبنية التحتية الرقمية حجر الزاوية فيه، لذلك وضعت ثلاث ركائز أساس تستند عليها منظومة الذكاء الاصطناعي، وهي: البيانات والبنية التحتية والتقنية وبناء القدرات". وأكد السعدي أن أرامكو السعودية تسعى إلى مضاعفة سعة تخزين البيانات لديها أربع مرات بحلول عام 2025م لتصل إلى 400 بيتابايت، وذلك نتيجة لنشر أكثر من 100 ألف من الأجهزة الذكية وأجهزة إنترنت الأشياء، وحلول الواقع الافتراضي، وعمليات الأمن السيبراني، وتحليل البيانات، مشيرًا إلى أن الشركة استثمرت في إنشاء مركز بيانات عالمي المستوى قابل للتطوير، وتخطط في الوقت نفسه لمضاعفة طاقته الاستيعابية من 9 ميجاوات إلى 17 ميجاوات بحلول عام 2030م، كما ستزيد البنية التحتية للحوسبة لدى الشركة بمقدار أربعة أضعاف. وفي هذا الصدد لا يُعد قطاع النفط الخام والغاز بمعزلٍ عن التقدّم التقني السريع، والواقع أنه كان منذ زمن طويل أحد أكثر القطاعات تطورًا فيما يتعلق بإحداث نقلة نوعية في مكان العمل. وبدءًا من أجهزة الحفر التي يتم تشغيلها آليًا عن بُعد ومرورًا بالطائرات المسيّرة التي ترصد التسرب والروبوتات التي تعمل تحت الماء ووصولًا إلى تقنية النمذجة الرباعية الأبعاد للطبقات الجوفية فإن تبنّي تقنيات الثورة الصناعية الرابعة أطلق العنان للموارد والكفاءات الجديدة في مختلف مراحل سلسلة القيمة. وفي مجال تعزيز برامج ومبادرات هذه الثورة الرقمية استثمرت أرامكو السعودية في أكثر من 15 شركة ناشئة تركز على الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي، محليًا ودوليًا. كما يتم التركيز على بناء القدرات وتطوير المواهب للاستفادة الكاملة من الرقمنة. وقد بدأت الشركة بالفعل العديد من البرامج بما في ذلك درجات الماجستير التي تستضيفها جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، ومعهد جورجيا التقني بالولايات المتحدةالأمريكية، وجامعة (آي إي) بأسبانيا. وللتوسع في مشاريع الثورة الرقمية أنشأت أرامكو السعودية مركز الثورة الصناعية الرابعة الذي يمتد على مساحة تزيد على 2500 متر مربع مخصصة لمستقبل الطاقة. والمركز مُعد للاستكشاف وإعداد النماذج الأولية وإجراء التجارب قبل مرحلة الإطلاق الشامل، ويضم شاشات فيديو جدارية بواقع 270 مترًا تشتمل على نقاط ضوئية تزيد على 109 ملايين نقطة ضوئية، مقسمة إلى مجموعات ومناطق متعددة بما في ذلك شاشة فيديو منحنية ضخمة لجناح الذكاء الاصطناعي، يُعرض عليها ما يزيد على 20 حلًا تشغيليًا. واهتمت أرامكو بتطبيقات الذكاء الاصطناعي حيث يُسهم الذكاء الاصطناعي في خلق قيمة اقتصادية مهمة في أعمال النفط الخام والغاز، وعلى سبيل المثال، تمكنت الشركة في حقل خريص من تقليل إجمالي استهلاك الطاقة بنسبة 18% وتقليل تكاليف الصيانة بنسبة 30% وتقليل أوقات الفحص بحوالي 40%. وقد طورت أرامكو السعودية أيضًا نهجًا مبتكرًا لدمج الحلول الرقمية المختلفة، بما في ذلك ما يُعرف بالتوأمة الرقمية "نسخة رقمية افتراضية من الأصول المادية أو المنتجات" إضافة إلى كثافة الطاقة بوصفها من بين الحلول الأخرى القائمة على الذكاء الاصطناعي. وفيما يتعلق بإدارة سلسلة الإمداد، فقد طورت الشركة منصة للسوق الإلكترونية، والتي تستخدم تقنيات التعلم الآلي المتقدمة لتقديم بيانات سريعة ودقيقة للموردين والسلع، وتوفير تحليل مفصل للإنفاق. وبموازاة ذلك، يجري العمل على تطوير منظومة حاسوبية "خوارزمية" لمراقبة المواد أثناء النقل والمساعدة في تحسين تسليمها في الوقت المحدد. وتوفر تقنيات الذكاء الاصطناعي مجالًا كبيرًا لتعزيز السلامة في أعمال قطاع النفط الخام والغاز، وفيما يتعلق بسلامة المشاريع، فقد عملت شركة أرامكو السعودية لمشاريع الطاقة مع شركة فوغهورن، إحدى الشركات الريادية التي تستثمر في أنظمة الذكاء الاصطناعي، لتطوير حل جديد لمراقبة واكتشاف وتقديم تنبؤات بشأن مخالفات السلامة التي يرتكبها العاملون، وذلك باستخدام تقنية متطورة لمعالجة الصور رقميًا، الأمر الذي يقدم حلولًا افتراضية واستباقية وفي الوقت الفعلي للامتثال للسلامة. كما أن لدى أرامكو السعودية إيماناً راسخاً بالدور الرئيس للذكاء الاصطناعي لتحقيق الاستدامة. ولذلك، طوّرت منظومة حاسوبية تتنبأ بالحاجة لحرق الغاز في الشعلات والحد منه. وبتطبيق هذه الأداة، تظل كثافة الحرق في الشركة أقل من 1% من إنتاجها من الغاز، وهو ما أشاد به المنتدى الاقتصادي العالمي، حيث طوّرت الشركة أيضًا حلًا لخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري من خلال مراقبة تلك الانبعاثات من أكثر من 2000 مصدر في كافة مرافق الشركة التشغيلية، وتقيس هذه الأدوات أداء كل منشأة في جميع أنحاء الشركة لتحديد فرص تقليل حرق الغاز في الشعلات، وكذلك الانبعاثات. وتتطلع أرامكو السعودية حاليًا لاستخدام بيانات من أقمار صناعية في المدار الأرضي المنخفض، إلى جانب أدوات متقدمة لتحليل البيانات لمراقبة الانبعاثات وتقليصها بشكل أكبر، كما تتعكف الشركة على استكشاف تقنيات يمكن أن تستخلص الكربون وتفصله من الجو أو تحوّل ثاني أكسيد الكربون إلى منتجات قيمة أو تدفع عجلة ابتكار حلول تُحدث نقلة نوعية يمكنها تخفيض الانبعاثات من وسائل النقل أو تحول النفط الخام مباشرة إلى كيميائيات أو هيدروجين باعتباره مصدر الطاقة المفضل الممكن في المستقبل. وبما أن أرامكو السعودية شركة الطاقة المتكاملة الأكبر في العالم فإن الاستدامة جزء من رؤيتها بعيدة المدى، وفيما يستمر الطلب على الطاقة بالنمو فإن الشركة تستمر في المحافظة على ما تتمتع به من كفاءة وتنافسية بما يكفل توفير الطاقة المستقبلية مع الحد في الوقت نفسه من أثر أعمالها على البيئة. ولذلك تفخر الشركة بأن الكثافة الكربونية لإنتاجها من النفط الخام يجعلها من بين الأقل مقارنة مع شركات النفط العالمية الكبرى، بل وتسعى إلى أن تتجاوز ذلك إلى هدف أبعد. وفي مجال أنظمة المدينة الذكية المتكاملة تعكف أرامكو السعودية على الاستفادة من تقنية إنترنت الأشياء والتحليلات المتقدمة لإنشاء "مدن ذكية" في أحياء الشركة السكنية، والأمر لم يعد مجرد نظرة مستقبلية وإنما يتحول على نحو متسارع إلى واقع ملموس، فمشروعها الذي يُدعى "أنظمة المدينة الذكية المتكاملة" على سبيل المثال، سيغطي الأحياء السكنية التابعة للشركة في الظهران، ورأس تنورة، والعضيلية، وبقيق. وسيشتمل المشروع، بالاعتماد على المجسات الذكية وتقنية الذكاء الاصطناعي، على إنارة "ذكية" للشوارع ومواقف ذكية وعدادات مياه وكهرباء "ذكية" ووسائط نقل مدمجة، ويتمثّل هدف الشركة في المحافظة على المياه، وتوفير الطاقة، وتحسين جودة الحياة في الأحياء السكنية التابعة لأرامكو السعودية. و في التحليل الجيولوجي يستخدم علماء الجيولوجيا في قطاع التنقيب والإنتاج في أرامكو السعودية تقنية الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات السيزمية، وتحديد المواقع المثالية التي يمكن أن تحد من مخاطر الحفر. وتستخدم الخوارزميات الجينية في المساعدة على فهم وتصنيف خصائص الصخور بما يقلل من الشكوك ويتيح التحديد الفعّال والدقيق لخصائص المكامن. وفي هذا المجال أحدثت "سبايس راك" وهي عبارة عن غواصة ذاتية التوجيه تعمل تحت الماء، نقلة نوعية في قطاع جمع البيانات السيزمية خاصة في المواقع التي تنطوي على صعوبات تحت سطح المياه. ويُعد معمل أرامكو السعودية للغاز في العثمانية مرفق تصنيع رائد في مجال تقنيات الثورة الصناعية الرابعة، فهو أول معمل في قطاع النفط الخام والغاز يحظى بالإشادة من المنتدى الاقتصادي العالمي نظير قدرته على توفير طرق عمل تتميّز بمستويات أعلى من الكفاءة والأمان والمحافظة على البيئة، وتشتمل بعض التقنيات على الروبوتات والطائرات المسيّرة والروبوتات التي تعمل تحت سطح المياه والروبوتات الأرضية في الاستجابة للحالات الطارئة والفحص، والحصول على البيانات المباشرة، وتحسين أعمال التشخيص، وتعزيز السلامة، والحد من تكاليف الصيانة. التقنيات القابلة للارتداء، فيما تزود الخوذة الرقمية الفنيين في الميدان بالمعلومات، وتمكّنهم من التواصل والتعاون مباشرة، ويستطيع الفنيون أيضًا بث ما يرونه مباشرة للمهندسين الذي يتمكنون من توجيه الفنيين بأمان من خلال تقنية الواقع المعزز. أما إدارة أداء الموجودات وهي تقنية تُعنى بموجودات المعامل المادية مثل السلامة، والصحة، والموثوقية، والأمان، والإستراتيجية للنهوض بموثوقية وسلامة الموجودات العاملة. وفي جانب التحليلات المتقدمة تستخدم أرامكو هذه التقنية التحليلات التوقعية لتطبيق الخوارزميات على بيانات الموجودات التي تكتشف أوجه الخلل بفاعلية، وتتمكّن من رصد تراجع الأداء وإخطار المستخدمين بالمشاكل المحتملة. وضمن نجاحات تطبيق التقنية الاصطناعية في أرامكو السعودية، أُعلن في 41 سبتمبر الماضي عن تسجيل منشأة خريص ضمن قائمة "المنارات الصناعية" العالمية في تطبيق تقنيات الثورة الصناعية الرابعة، لتكون بذلك المنشأة الثانية التابعة للشركة بعد معمل الغاز في العثمانية الذي تم إدراجه في يناير 2019م، والتي تنضم إلى هذه القائمة المعترف بها من قبل المنتدى الاقتصادي العالمي، وتضم مرافق التصنيع الرائدة على مستوى العالم، مما يعني أن أرامكو السعودية هي واحدة من تسع شركات فقط ممثّلة في القائمة بأكثر من منشأة واحدة – وهي أيضًا شركة الطاقة الكبرى الوحيدة في القائمة. وفي خريص، أحد أكبر حقول النفط الخام لأرامكو السعودية، استخدمت أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي من خلال نشر 40 ألف جهاز استشعار، تغطي أكثر من 500 بئر نفطي تقع ضمن مساحة سطحية ضخمة. وتعمل هذه الأجهزة على التنبؤ بسلوك الآبار مما يسمح باتخاذ إجراءات في الوقت الملائم للتحكم في الإنتاج وتحسينه. وتواصل الشركة مسيرتها في التحوّل الرقمي، حيث تستثمر أيضًا في ترقية قدرات الأمن السيبراني لديها، وقد قامت بتطوير منصة التعلم الآلي الداخلية الخاصة بها لتوسيع إطار الحوكمة، وتحديد المخاطر بسرعة، ورفع مستوى الحماية، وتسريع قدرات الفحص والكشف. ومع تطبيق آلية العمل عن بُعد بسبب جائحة فيروس كورونا المستجد، على سبيل المثال، طوّرت الشركة نموذجًا من شأنه أن يتنبّأ بما إذا كانت محاولة الدخول إلى الشبكة تتم بواسطة مستخدم موثوق أو مشبوه حيث يتم تنبيه مركز عمليات الأمن لدى الشركة، وهذا يساعد على تعديل السياسة الداخلية للشركة وبرامج إدارة السلوك لتثقيف قاعدة المستخدمين لديها بالممارسات الآمنة للعمل عن بُعد .