الرئيس التركي رجب طيب أردوغان فشل في معالجة تدهور الاقتصاد التركي، وسقط سياسياً فلم تسلم من استفزازاته دولة تارة يهدد الأوروبيين وتارة يتحرش في قبرص واليونان وينقب عن الغاز في مياههم الإقليمية، وتدخل في النزاع الليبي وأرسل لها المرتزقة والسلاح وحصل على ودائع المركزي الليبي 8 مليارات دولار مودعة بالكامل في البنك المركزي التركي بدون أيّ فوائد أو تكاليف، وكذلك أستنزف خزينة قطر مقابل كتيبة لحماية حكامها، فتح جبهات للقتال في سورية والعراق وآخر مغامراته الدخول مع أذربيجان في مواجهة مسلحة مع أرمينا، لقد حول حكومته من إدارة دولة إلى إدارة عصابة تسرق وتهدد وتقتل، يحاول استعادة أمجاد الحقبة العثمانية، وإسقاط شخصية السلطان قائد الفتوحات وزعيم الأمة الإسلامية عليه وخصوصاً عند مخاطبته للعرب يظن أن أمجاد العالم العربي صنيعتهم، والحقيقة أن التاريخ لا يذكر لهم إلا سرقة مقدرات الأمة العربية ونشر الجهل بين أبنائها والقتل والتشريد، يحضرني مشهد ينطبق على الرئيس أردوغان وهو يتغنى بأمجاد العثمانيين، وهذا المشهد من المشاهد الخالدة التي جسدها الممثلون الكويتيون حسين عبدالرضا وسعد الفرح في مسرحية على هامان يا فرعون، وهو مشهد قراءة تاريخ عائلة أبو الحصاني من خلال كتاب "عجائب الزمان لابن الزعفراني"، يروي سند وهو يقرأ الكتاب أن لقب أبو الحصاني نسبة إلى قرية الحصينة على ضفاف بحر الروم، ويمضي المشهد ضمن قفشات كوميدية متبادلة بين عبدالحسين وسعد الفرج والتي تصل في النهاية إلى أن الوالي أستدعى أبو الحصاني وكان عيد خلال قراءة التاريخ يفاخر بأمجاد العائلة ولكنه صُدم في نهاية الرواية بأن الوالي بصق في وجه جده أبو الحصاني لأنه أكتشف بأنه سارق الدجاج، هذا المشهد يمثل التاريخ الأسود للعثمانيين أبان حكمهم في الدول العربية ونحمد الله أن الأمة تخلصت منهم وأبدلنا الله بحكام نقلوا أوطاننا من دول صحراوية قاحلة غير قابلة للعيش إلى دول تتنافس مع الدول المتقدمة في كافة المجالات، وفشلت كل المحاولات والدسائس والمؤامرات والمخططات للنيل من دولنا لأن علاقة الحاكم بالمحكوم علاقة قوية عززتها لحمة وطنية لا ترضى بغيرهم حكاماً وهذا الذي أثار حنق السيد أردوغان وعصابته من الخونة العرب الذين أحتضنهم وفتح الاعلام لهم لبث الشائعات والتشكيك في الحكام ولكن الله دحرهم وأخزاهم فلم يجد السيد أردوغان وسيلة غير المهاترات والتهديدات والاستفزازات ولأن حكامنا حكماء فلم يعيروا له اهتماماً فكان الصمت والتجاهل أبلغ رد عليه، الشعب السعودي بكل عفوية ودون ترتيب مسبق أو توجيه من أحد كان رده قاسياً فأطلق حملة مقاطعة للمنتجات التركية لأن المقاطعة أبلغ وسيلة للرد على السيد أردوغان في ظل انهيار الاقتصاد التركي وتهاوي الليرة وهروب الاستثمارات الأجنبية وعجز الميزان التجاري وارتفاع مستوى الدين العام وتكلفته وزيادة التضخم والبطالة وارتفاع معدلات الفائدة التي ستضغط على القطاع الخاص، حملة مقاطعة المنتجات التركية سوف تحرم الاقتصاد التركي من حوالي ثلاثة مليارات دولار من السعودية ولو تفاعل مع الحملة الشعب الإماراتي سوف تصل إلى خمسة مليارات دولار، ولو تجاوزت المقاطعة التجارية إلى المقاطعة السياحية فإن الضرر سوف يكون أكبر بكثير لأن السائح الخليجي ينفق أكثر من ثلاثة أضعاف إنفاق أي سائح آخر، نحن مازلنا في بداية المقاطعة والأثر بدأ يظهر حيث اعترفت عدة شركات تركية بالضرر البالغ الذي وقع عليها إزاء حملات المقاطعة الشعبية التي تستهدف وقف شراء منتجاتها في السعودية، وتوسلت الأطراف المعنية الوصول إلى حل ينقذها، ولن تتوقف حملة المقاطعة إلا باعتذار رسمي من السيد أردوغان أو يواجه مصيره أمام شعبه الذي سئم من وعوده التي لم تتحقق وتصريحاته الكاذبة والتي كان آخرها ذلك التصريح المثير للسخرية عن المشروعات الاقتصادية التي افتتحها بداية شهر أكتوبر الحالي، في مدينة غازي عنتاب الواقعة جنوبتركيا وعددها 300 مشروع حسب تصريحه ولكن الشعب التركي اكتشف أن معظم تلك المنشآت الصناعية تعمل بالفعل منذ فترةٍ زمنية طويلة تتراوح بين سنة و10 سنوات وبعضها منذ 4 عقود، وينطبق على السيد أردوغان حديث الرسول صلى الله عليه وسلم ( ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا يزكيهم، ولا ينظر إليهم، ولهم عذاب أليم: وذكر منهم، ملك كذاب). ملفات شائكة يحملها الرئيس أردوغان، ملف ليبيا الذي كان يعول عليه في نهب خيرات الليبيين أصطدم بالخط الأحمر الذي وضعه الزعيم عبدالفتاح السيسي ولم يستطع تجاوزه وأصبح يبحث عن حلول تنقذ اتفاقياته مع حكومة الوفاق، والملف الاقتصادي الذي تولاه وتحكم بالسياسات النقدية تسبب في تدهور سعر صرف الليرة التركية إلى مستويات غير مسبوقة حيث وصل إلى ما يقارب 8 ليرات للدولار الأميركي وحاول إنقاذ التدهور في سعر الصرف بالأموال القطرية والليبية ولكنها لم تؤثر، رفع الفائدة 200 نقطة ولم تزد سعر الصرف إلا تدهوراً بالمناسبة هو عزل رئيس البنك المركزي بسبب رفع أسعار الفائدة وهو الآن ينفذ سياسات نقدية عكس ما وعد به في حملته الانتخابية، في الأسبوع الماضي زار قطر ليتسول أموالاً تنقذ الليرة، ويبدو أنه لم يحصل على ما يريد لأن البنك المركزي التركي في اليوم التالي للزيارة رفع أسعار الفائدة في عملياته لمبادلة الليرة ب 150 نقطة أساس. حملة مقاطعة المنتجات التركية سوف يكون لها أثر إيجابي على القطاع الخاص السعودي وكما هو معلوم أن المنتجات التركية أغرقت الأسواق العربية وأضعفت قدرة المصانع على المنافسة وعلى سبيل المثال تعرضت صناعة السجاد في السعودية إلى خسائر كبيرة وإغلاق بعض المصانع وتسريح العمالة الوطنية، المغرب تضررت من الإغراق لذلك فرضت الحكومة المغربية مزيدًا من القيود على المنتجات المصنَّعة في تركيا لمدة خمس سنوات لترتفع الرسوم الجمركية على المنسوجات التي تحمل أختامًا تركية بنسبة 90 %، وأظن أن الحكومة المصرية سوف تتوجه إلى هكذا خيار لحماية صناعاتها الوطنية. رسالتنا الأخيرة للرئيس رجب طيب أردوغان أحذر غضب الشعب السعودي وان كنت تقرأ التاريخ ستعرف الدروس التي لُقنت للأتراك على يد الأبطال السعوديين وليس بخروش بن علاس عنكم ببعيد. حسين بن حمد الرقيب