أعلنت تركيا أمس زيادة الرسوم الجمركية على عدد من المنتجات المستوردة من الولاياتالمتحدة، ردا على إجراء مماثل اتخذته واشنطن في قطاعي الفولاذ والألمنيوم، في أجواء من التوتر الشديد بين البلدين. وأصبحت الرسوم المفروضة على عدد كبير من المنتجات مثل السيارات السياحية التي باتت رسوم استيرادها تبلغ 120 في المئة، وبعض المشروبات الكحولية (140 في المئة) والتبغ (60 في المئة) والأرز وبعض مساحيق التجميل. ويأتي هذا القرار بموجب مرسوم وقعه الرئيس رجب طيب أردوغان في وقت تمر فيه واشنطنوأنقرة بأزمة دبلوماسية دفعت هذين البلدين الحليفين في الأطلسي إلى فرض عقوبات متبادلة في أغسطس. وكتب نائب الرئيس التركي فؤاد اوكتاي في تغريدة أن "رسوم استيراد بعض المنتجات رفعت في إطار المعاملة بالمثل ردا على الهجمات المتعمدة للإدارة الأميركية على اقتصادنا". وذكرت وكالة الأنباء الحكومية الاناضول أن الرسوم الجديدة تعادل ضعف الرسوم التي كانت مفروضة في الأساس. ويأتي هذا القرار بينما تدهورت العلاقات بين أنقرةوواشنطن إلى أدنى مستوى خصوصا بسبب اعتقال تركيا لقس أميركي منذ عام ونصف، وقد فرضت عليه الإقامة الجبرية مؤخرا. ورفضت محكمة تركية أمس طلبا جديدا للإفراج عن القس الأميركي، حسبما أفادت وسائل إعلام محلية، فقد قررت محكمة مدينة إزمير رفض الطلب مؤكدة أن برونسون سيبقى قيد الإقامة الجبرية، حسبما أفادت وكالة الاناضول الرسمية. وأكد محامي الدفاع التركي عن القس جيم هالفورت لوكالة فرانس برس أن محكمة أخرى في إزمير ستنظر في طلب موكله. وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب أعلن الأسبوع الماضي عن مضاعفة الرسوم الجمركية على الصلب والألمنيوم التركيين، وأدى هذا التوتر إلى تدهور قيمة الليرة التركية الجمعة، عندما خسرت 16 % مقابل الدولار. ومنذ بداية العام، تراجعت قيمة الليرة أكثر من 40 % مقابل الدولار واليورو. لكن منذ الثلاثاء، يبدو أنها استقرت نتيجة تدابير اتخذها البنك المركزي في أنقرة، وتصريحات للتهدئة من جانب الحكومة ودعوة أردوغان إلى تحويل العملات الأجنبية. وواصلت العملة التركية تحسنها الى ما دون عتبة الست ليرات مقابل الدولار أمس من دون استعادة معدلاتها السابقة. وصدر قرار زيادة التعريفات الجمركية غداة دعوة أردوغان إلى مقاطعة الإلكترونيات المصنعة في الولاياتالمتحدة، مثل ماركة "آبل". وكانت العلاقات بين تركياوالولاياتالمتحدة شهدت توترا في الأشهر الأخيرة قبل ان تضطرب بشدة في يوليو بسبب احتجاز القس الأميركي أندرو برونسون في تركيا. وتتهم أنقرة الأخير بأنشطة "تجسس" و"إرهاب"، وبعد أكثر من عام ونصف في السجن، قررت محكمة ازمير وضعه قيد الإقامة الجبرية في يوليو، واعتقلت السلطات برونسون وهو من ولاية كارولاينا الشمالية، في اكتوبر 2016. ولكن بالتوازي مع تصريحات أردوغان العنيفة ضد الولاياتالمتحدة، يبدو أن تركيا حريصة على مداراة شركائها وحلفائها الآخرين. وإذا كان التوتر مع واشنطن الحق أضرارا بالليرة، فإن الأسواق تبدي قلقا بشكل متزايد إزاء قبضة أردوغان على الاقتصاد خصوصا منذ إعادة انتخابه في يونيو. ويشعر الاقتصاديون بالقلق حيال رفض البنك المركزي رفع أسعار الفائدة رغم ارتفاع التضخم (نحو 16 % في يوليو) وسقوط العملة التركية، ويعارض اردوغان بشدة مثل هذه الخطوة. ومن المقرر أن يجتمع وزير المالية براءة البيرق وهو أيضا صهر اردوغان مع مئات المستثمرين الأجانب الخميس عبر دائرة تلفزيونية مغلقة، ويبدو أن التفاؤل الحذر يسود أسواق الأسهم الأوروبية والآسيوية التي اهتزت في الأيام الأخيرة بسبب تدهور الليرة التركية. Your browser does not support the video tag.