السيطرة على صوتك وكلماتك، يتلاعب بمزاجك، يسرّع من تحركاتك؛ فتكاد تَسبق بها أفكارك القلقة التي لا يراعيها الوقت المتباطئ البادي كما لو كان في مهمة انتقام شرهة. نعم إنه الخوف.. ذلك الشعور الذي نكرهه ونبغضه، على الرغم من حبه الشديد لنا.. نعم حبه، فالخوف كالأم التي تمنع أطفالها من التقدم فرطا بالحبّ وخشيةً عليهم، فتحاول بدورها حمايتهم بشتى الطرق الممكنة لتحافظ عليهم آمنين. عندما نشعر بالخوف ننظر له كما لو كان شعوراً مخزياً أو غير اعتيادي، وننسى أنه شعور طبيعي وليس مقياساً للضعف أو الهشاشة، إنما نحن البشر أعداء ما نجهل وأصدقاء أسوء الاحتمالات، متناسين أن أغلب هذه الاحتمالات لا تحدث في أرض الواقع بل تبقى وتستقر فقط في مخيلتنا الخصبة، فنُعرض عن المحاولة خوفاً من الفشل وننسى أن هذا الاستسلام هو فشلنا الحقيقي. الحياة قصيرة جداً، لا تجعلوا من الخوف رادعاً عن خوضها وعيشها، أقبلوا بملء ذواتكم على ما تخشون مواجهته، فمن المُفترض أن نُخطئ في كل شيء جديد نحاول اتقانه، فالخطأ هنا هو جزء ومرحلة لا بد منها لنصل للهدف، لا وصول بدون محاولة ولا محاولة بدون مجازفة، ولا توجد مجازفة بدون خوف، فاختر أن تدفع ضريبة النجاح وتحقيق الذات بقليلٍ من المعاناة، أو بقضاءِ حياةٍ رتيبة مليئة بالندم، وتذكر أيضاً وأنت في ثورة تعبك بأنك عندما تندم على عبورك لطريقٍ وعر مليء بالتحديات والصعوبات، خيراً لك من أن تبقى أسير ال «لو» التي بداخلك إلى الأبد. هذه ال «لو» الصغيرة جداً بوسعها أن تقتلك مئات المرات بلا رحمة، هذه ال «لو» لن تبقى وحيدة في مَطلع الطريق فقط بل وفي صميم قلبك المزدحم ما حييت، وما قيمة الحياة بلا مُجازفة؟.