ضمن الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها حكومة خادم الحرمين الشريفين لتفادي انتشار فيروس كورونا بين الطلاب والمعلمين وتفشي العدوى في المدارس والبيوت، أقرت وزارة التعليم مبادرة التعليم عن بعد. هذا الإجراء العاجل والطارئ يجمع بين حماية المنظومة التعليمية وحماية المواطنين من الجائحة المخيفة، ولأن هذه المبادرة الشاملة تمت استجابة لظرف طارئ ومفاجئ لم تشهد البشرية مثله من قبل، فلم يكن هناك بُدّ من أن تحدث في بداياتها بعض الأخطاء في التطبيق، وبعض المصاعب للمعلمين والطلاب أثناء التعامل معها. وبالرغم من أن خطة التعليم عن بعد جاءت للتعامل مع حالة طارئة وفي ظروفٍ استثنائية، إلا أن نجاح تطبيقها قد يشجع وزارة التعليم على العمل بها والتوسع في تطبيقها في الأحوال العادية بعد زوال الجائحة، لا سيما أن التعليم عن بعد كان مُطبقاً ولا يزال في الجامعات السعودية وغيرها من جامعات العالم. إن مواجهة الأزمات والكوارث بالحكمة والتفكير العميق لإيجاد حلولٍ دائمة المفعول من سمات العقول المُتَبَصّرة، والخروج من الظروف الحرجة بحلولٍ خلّاقة من علاماتٍ القائد النابِه. لذا؛ فإن فكرة التعليم عن بعد في حال ثبوت نجاحها يجب أن تكون دافعاً لنستمر في تطبيقها وتطويرها في الظروف العادية أيضاً، لا سيما أن الجيل الجديد مُحبٌّ للتقنية ومولَعٌ باستخدام الأجهزة الذكية وهذا ما سيسهل على وزارة التعليم المُضيّ للأمام في مشروع التعليم عن بعد إلى الحدّ البعيد. إن أنظمة التعليم في العالم كله تتطور بسرعة، والدول الناجحة تحثّ الخطى لتحديث أنظمتها التعليمية لتنسجم مع احتياجات شعوبها، ولتواكب ما يطرأ من تحديات. والمملكة العربية السعودية جزءٌ من هذا العالم، وقيادتها الرشيدة تأبى إلا أن تُزاحم دوَلَهُ المتقدمة على مراتب الصدارة، والتعليم المتطور هو القاطرة التي ستمضي بنا إلى حيث المُستقبل. وقمين بنا نحنُ شعب المملكة العربية السعودية أن نتصدى للجائحات بقلوبٍ مُتفائلة، وأن نقابل الكوارث بعقولٍ واعية تستخرج المنَح من أعماقِ المحَن وتنتزع المكاسب من أفواه المصائب.