تحمل غرة برج الميزان من كل عام والموافق للثالث والعشرين من شهر سبتمبر بين طياتها مناسبة وطنية غالية على القلوب، نحتفي بجلّ تفاصيلها المنتشية بعبق الإخلاص وروح الانتماء بذكرى توحيد بلادنا الحبيبة، ورسم حدود أرضها الطاهرة المنيعة على يد جلالة الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن بن فيصل آل سعود -طيب الله ثراه- تحت مسمى المملكة العربية السعودية، تلك الملحمة البطولية التي خاض غمارها قائد فذّ محنّك برؤيته الثاقبة وحكمته السديدة وإقدامه الباسل، ليجمع شتات الأمة المتفرقة ويلم شملها وأطرافها المتباعدة، ويوحد جغرافيتها المترامية بصعوبة تضاريسها وظروفها الاجتماعية بوثاق اللحمة الوطنية، ضمن كيان راسخ الجذور متماسك القواعد والأركان، شُيّد على أسس متينة وقيم سامية، عماده عقيدة إسلامية خالصة، ومنهاجه دين قويم يحق الحق وينشر العدل والأمن، ويصدح شامخًا أبيًا بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، مسطرًا للأجيال على مر العصور مجدًا تليدًا لا يقبل التأويل إلا بمعاني الفخر والعزة والإرث الرفيع مكانة ومنزلة. نحتفي بتوحيد الوطن في كل عام لنقلب صفحات الأمس البعيد بأعوامه، الحاضر بسجل محطاته وإنجازاته، نستعرض على سبيل الاعتزاز مسيرة البذل ورحلة البناء ومولد ملامح الحضارة والتطور والنماء، وكيف قاد ركبها بعزم وإرادة ومنذ اللبنة الأولى مؤسسها الملك عبدالعزيز، واضعاً بنهجه الحكيم وفكره الملهم خارطة طريق ترسم الخير للوطن في حاضره ومستقبله، سار على إثرها وسِلْمِ مآثرها قادة عظماء كانوا خير خلف لخير سلف، حملوا الأمانة وأخلصوا النية والقصد والعمل للسير بمملكتنا نحو غد مشرق يعقبه نماء مقبل بإذن الله، حتى باتت أنموذجًا للتطور والرخاء، وصورةً مشرّفة تضم ملامح النهضة والتميز، ورمزًا رائدًا من رموز التنمية في شتى الميادين، ترفل برغد دائم في ظل قيادة رشيدة وشعب مخلص أمين . وإننا في هذا اليوم السادس من شهر صفر لعام 1442ه الموافق للثالث والعشرين من شهر سبتمبر لعام 2020م نعيش بكل حب مشاعر الفرحة بذكرى اليوم الوطني بدورته التسعين، شاهدين على النقلة النوعية الملحوظة للمملكة العربية السعودية في ظل قيادة مولاي خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين -حفظهما الله- وما رسموه من رؤى ثاقبة لمستقبل يحمل الكثير ضمن رؤية المملكة 2030، لنحتفل بهذه الذكرى في هذا اليوم من عام 2020م والمملكة تحصد ثمار برامج تحولها الوطني، واستراتيجياتها الدولية الخارجية سياسيًا واقتصادياً وبيئياً ومجتمعيًا، وشأنها البارز على منابر التنمية والاستثمار ومبادرات تحقيق العدل والأمن والسلام، يقود ركب هذه المسيرة الحافلة بالأثر والإلهام قيادة طموحة لاتزال تستحث الهمم نحو المزيد من الإنجاز، ولا يروي شغف تطلعاتها سوى مرأى المملكة في مقدمة الركب الدولي كأحد أبرز الدول في مجموعة العشرين منزلة ومكانة وقوة وصناعة قرار. جاءت الذكرى التسعون لليوم الوطني هذا العام والعالم بأسره يمر بظروف استثنائية عصيبة في ظل ما يشهده من تداعيات لجائحة تفشي فيروس كورونا COVID-19 من انهيار المنظومات الصحية والاقتصادية فضلاً عن الخسائر البشرية والتي طالت العديد من الدول على مستوى القارات، وقد ضربت المملكة خلال تلك الأحداث أبلغ وأدل الشواهد التي أبهرت بها شعوب العالم ومنظماته، وبرهنت لهم قوتها وصلابتها وحكمتها في مواجهة الأزمات وقدرتها على تجاوز المحن، وجاهزية قطاعاتها ووزاراتها لبذل أقصى الجهود والتضحيات لضمان سلامة وأمن المواطنين والمقيمين على أرضها على حد سواء باعتبار ذلك الحس والواجب الإنساني من أهم الأولويات لدى قيادتنا وفقهم الله، وقد ترجم جهود المملكة نحو شعبها جند مخلص من أبناء وبنات الوطن بأداءٍ تكاملي مُتقَن، يُلبُّون بهذا الكمّ الذي لامسناه من أمثلة العطاء والمبادرة والإيثار نداء الوطن والواجب الديني والدافع المهني والأخلاقي بأسمى صوره وأبلغ معانيه، ويُورثون من عظيم الأثر ما يعكسون به صورة مشرّفة لواقع المسؤولية تجاه المجتمع تكافلاً وتلاحمًا ونماء، وتجاه الوطن حباً وولاءً وانتماء. نبتهج بذكرى يومنا الوطني لهذا العام ومنظومة التعليم العالي في المملكة تشهد مرحلة غير مسبوقة في ظل إقرار نظام الجامعات الجديد بسياساته وأبعاده الرامية جملة وتفصيلاً إلى تطوير نظام التعليم العالي، وإطلاقه بشكل أكثر تناغمًا مع مستهدفات رؤية المملكة 2030 وأُسسها القائمة على التخطيط والتطوير والنهوض بقطاعات المملكة المختلفة ومنظومة التعليم على وجه الخصوص، وقد تزامنت بهجة جامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل باليوم الوطني وهي تنال الثقة الكريمة باختيارها ضمن الجامعات الثلاث في المرحلة الأولى من تطبيق نظام الجامعات الجديد بما تحظى به من مكانة وسمعة وجاهزية عالية تنقلها إلى عهد جديد، توسع من خلاله نطاق خدماتها المقدمة على الصعيد الأكاديمي والبحثي والمجتمعي وفي مجال الاستثمار المالي والبشري، عازمة بهذه المسؤولية في ظل اختيارها في طليعة الجامعات لتطبيق النظام على التمسك بدورها الفاعل كصرح تعليمي ورافد للفكر والمعرفة في تحقيق الأثر التنموي المرجو من صروح التعليم في المملكة، ومؤكدة على استمرار نهجها في مسيرة العطاء والإنجاز وتهيئة أجيال الغد بأعلى معايير الجودة على المستوى المحلي والإقليمي والدولي بما يضمن خلق بيئة محفزة ومنتجة تحقق التحول النوعي في عمليات التعليم ومخرجاته، وتطوير البحث العلمي والإبداع والابتكار وإحداث النقلة الإيجابية والطموح المأمول لمستقبل التعليم العالي على الوجه الأكمل بإذن الله. وفي هذه المناسبة الغالية -الذكرى التسعون لليوم الوطني- أتقدم أصالة عن نفسي ونيابة عن جميع منسوبي الجامعة بالتهنئة الخالصة لمقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وإلى ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، والى أمير المنطقة الشرقية صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف بن عبدالعزيز، وإلى نائب أمير المنطقة الشرقية صاحب السمو الملكي الأمير أحمد بن فهد بن سلمان بن عبد العزيز -حفظهم الله- سائلاً الله عز وجل أن يسدد على الحق خطانا، وأن يجعلنا دائمًا وأبدًا منابع خير لا تنضب، ومنابر لإنجازات لا تخبو، كما نسأله سبحانه بأن يديم علينا وعلى جميع المسلمين أمنًا يعم الأرجاء، ورخاءً ينعم به الجميع، وخيرًا تنمويًا مستدامًا نلمس أثره فوق تراب الوطن.