يُعرّفنا العالِم دانيل كانمان على ما يسمى تأثير التثبيت، خدعة سائرة، وهي أن يُثبّت شخص رقماً في عقلك بمجرد أن ينطق به، فقبل أن تفاوضه على السعر يشير إلى سلعة مشابهة ويقول: «هل تريد هذه؟ سعرها 400 ريال». لكنك ترغب في شيء اعتدت أن سعره قرابة 200، فترفض، لكن التأثير حصل في عقلك، فإذا عرض عليك سلعة سعرها 280 فستبدو أقل سعراً بكثير من الأولى، وكأنه تنازل لك. تجارب كثيرة أظهرت نفس التأثير، وهو أن الناس يتأثرون بالرقم المبدئي الذي يُطرَح أولاً، يذكر كانمان دراسة أجراها عالم نفسي سأل مجموعة من الحريصين على البيئة عن مدى رغبتهم في التبرع بمبلغ من المال لإنقاذ 50 ألفا من طيور البحر من تسربات ناقلات النفط في المحيط الهادئ، كان المعدل أن الشخص مستعد أن يتبرع سنويا بمبلغ 64 دولارا لهذه القضية، بعدها سُئل بعضهم سؤالا تثبيتياً مثل: «هل يمكن أن تتبرع بمبلغ 5 دولارات لإنقاذ طيور البحر؟» فنزل معدل التبرعات المدفوعة إلى 50 دولارا للشخص. أما الذين سئلوا: «هل يمكن أن تتبرع بمبلغ 400 دولار؟» فارتفع معدلهم إلى 143 دولارا للشخص! كل هذا بلا شعور، فأنت تظن أنك تفكر عقلانياً لكن مخك ينخدع بأشياء لم تدركها، البائعون يفعلون نفس الشيء إذا بادروا بنطق سعر السلعة، فيصبح في موقف قوة، وتصير أنت حبيساً للرقم الذي ألقاه البائع، ويستطيع أن يتلفظ بأرقام مبالغ فيها، وقد تستنكرها لكن تقديرك للسعر سيتأثر بالرقم. هذا المبدأ يعمل حتى في شؤون لا علاقة لها بالأسعار، فحتى لعبة تخمين أرقام عشوائية ستتأثر بأول رقم يُذكَر، ويمكنك أن تجربها على آخرين. هل ستميز هذا التأثير لو رأيته؟